المشترك بين أنصار الله وداعش

تتطور الأحداث في العالم الإسلامي، وخصوصاً العربي منه، بطريقة دراماتيكية عجيبة ومقلقة، حيث هناك من يحاول ترسيخ الاعتقاد بأن الإسلام دين دموي، لا يتقبل وجود الآخر، مذهباً أو طائفة أو ديناً، وهذا يتعارض مع جوهر الإسلام، ومع ما جاء في سيرة الرسول الكريم محمد، ومن الأدوات التي تسيء للإسلام وسماحة الإسلام في عالمنا اليوم جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، ذات التوجه الطائفي الإمامي، وتنظيم الدولة الإسلامية الذي أصبح يتمدد مثل سرطان في جسد الأمة، وهو يدعي أن مشروعه عودة الخلافة الإسلامية.
بالنظر إلى سير الأحداث في بعض الدول العربية، كاليمن وسورية والعراق، نجد أن هناك مشتركاً بين تنظيم الدولة وأنصار الله الحوثيين، مثل عملية اختطاف المعارضين وقتلهم، حيث يتفوق تنظيم الدولة في هذا المجال بالقتل، والحوثيون بالإخفاء والاعتقال ووضع المعتقلين في الأماكن التي يتوقعون ضربها جواً، كما يجتمعون في مصادرة الرأي الآخر ومنع الإعلام والصحفيين من وضع حقائق ما يجري في مناطق النزاع للعالم. وتأتي الجماعة الحوثية بعد تنظيم الدولة في محاربة الإعلام والإعلاميين على مستوى العالم، حيث أغلقت عشرات المواقع الالكترونية أو حجبتها، كما أغلقت القنوات المحلية المستقلة والمعارضة، وأغلقت الصحف، منها حكومية وأهلية وحزبية، كما اقتحمت مكاتب القنوات، وأغلقت هذه القنوات، ما عدا القليل النادر الملتزم بمسار سياسة الجماعة الحوثية.
وهناك استغلال الأطفال في الحروب، وقتل الأبرياء من خلال عمليات التفجير التي يرتكبها انتحاريون في نهج تنظيم الدولة، أو قصف المدنيين بالصواريخ والدبابات وقذائف الهاون والهاوزر التي ينتهجها الحوثيون، كما في تعز اليمنية، وكذلك يتميز الحوثيون بتفجير منازل المعارضين لهم في مناطق سيطرتهم، وكذلك المناطق التي يدخلون إليها وتقع خارج نطاق سيطرتهم، وأيضاً زراعة الألغام حول المدن والمنافذ أو الشوارع الرئيسية المؤدية إلى هذه المدن.
القول إن هناك عداوة بين هذين التيارين المختلفين فكرياً، يناقضه ما يحصل في اليمن، فتنظيم الدولة يقوم بعملياته ضد الشرعية اليمنية، وفي مناطق ذات عقيدة سنية خالصة، كما يجري في عدن، من حوادث تفجير واغتيالات تطال قيادات تنتمي للمعتقد الذي يدعي تنظيم الدولة أنه يسعى إلى حمايته وحماية الناس الذين ينتمون له من توغل الشيعة ومن يشايعهم، في حين يسود صنعاء جو من حالة الصفاء بين تنظيم الدولة والجماعة الحوثية، بعد فترة صراع قبل التدخل العربي، وهنا لا أنسى ما يقوم به الحشد الشعبي في العراق تحت يافطة محاربة تنظيم الدولة، من جرائم وانتهاكات بحق المدنيين المخالفين لهم في المعتقد.
في الحالة اليمنية التشابهات كثيرة، ومن يطلقون على أنفسهم أنصار الله وتنظيم الدولة الإسلامية يقفون في مشروع واحد، وهو مشروع إفشال قيام الدولة المدنية في اليمن، ويساند تنظيم الدولة الحوثيين في مشروعهم لضرب هذا المشروع، ويتضح أكثر أن هناك يداً واحدة توجه التيارين، هدفها إبقاء الصراع المسلح، وتمزيق النسيج الاجتماعي والديني في اليمن، ويبدو واضحاً أيضاً أن الدولة العميقة التي بناها علي عبدالله صالح، في جانبها الأمني والمخابراتي، هي من يقوم بصناعة الإرهاب المزدوج في اليمن، والأيام حُبلى بالمفاجآت.

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص