رمضان كريم

دراما رمضان في اليمن… هل عبّرت عن الواقع الحقيقي؟

شهد الموسم الرمضاني الحالي في اليمن، عرض عدد من المسلسلات، في ظل استمرار الحرب والإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، التي تسببت في إيقاف إنتاج عدد من الأعمال الفنية.
وتنوعت المسلسلات هذا العام بين الدراما والكوميديا، إذ تناولت جملة من القضايا الاجتماعية المثيرة والمتنوعة المستوحاة من البيئة المحلية.
لكن هذا الموسم كانت الكوميديا هي القالب الأبرز الذي ساد معظم الأعمال الدرامية، مع غياب لافت للمسلسلات السياسية التي تكاد تكون غائبة تماماً في بلد يكتظ واقعه بالأحداث السياسية.
ومن بين أبرز الأعمال التي أصبحت حديث الشارع، مسلسل “غربة البن 2” الذي استطاع أن يحقق شهرة واسعة في الجزء الأول، ويحاكي واقع اليمنيين بأسلوب كوميدي، وكان له حضور وبصمة لترفيه الناس التي سئمت من واقع الحرب، بحسب المواطن فرحان علي.
علي الذي يشاهد معظم مسلسلات رمضان هذا العام، كما قال لـ”المشاهد”، يرى أنها لبّت رغبته كمشاهد، كونها تناولت قضايا واقعية، مثل “جمهورية كورونا” المسلسل الذي ينقل يوميات الحجر الصحي وانعكاسات الإجراءات الاحترازية على المواطنين، حد قوله.
وإضافة إلى ذلك، تعرض قناة “يمن شباب” مسلسل “سد الغريب”، وهو عمل درامي يحكي الصراع على سد بين قريتين، وتعود أحداث المسلسل إلى التسعينيات، بالإضافة إلى “دار ما دار” المسلسل الذي يحكي قصة أسرة وتفاصيل حياتها مع مجريات ومتغيرات الواقع، بقالب كوميدي.

الفنان منال المليكي في مسلسل دار مادار


وهناك عدة مسلسلات أخرى مثل “على أيش؟” الذي يعرض على قناة “السعيدة”، ويعالج جملة من القضايا الاجتماعية بأسلوب كوميدي، ومسلسل “النثرة” الكوميدي وتبثه قناة “سهيل”، كما تعرض قناة “حضرموت” مسلسل “رمضان في ذاكرة الأجداد” الذي يفتش في ذاكرة حضرموت عن المراسيم والطقوس الرمضانية القديمة، فيما تذيع قناة “المسيرة” التابعة للحوثيين، مسلسل “بعد الغياب” الذي يجمع بين الدراما والكوميديا.

إنتاج جيّد

الأعمال الدرامية التي لم يصل عددها إلى 10، وتوزعت هذا الموسم على 5 قنوات أهلية، لاقت انتقادات وآراء متباينة لمضمونها وما رافقتها من أخطاء فنية.
يرجع الصحفي أحمد الصهيبي، سبب الانتقادات “اللاذعة” من الجمهور على الأعمال الرمضانية هذا الموسم، إلى تضرر وتأثر الدراما بالإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كورونا.
ويقول الصهيبي لـ”المشاهد”: “تلك الاحترازات أوقفت العديد من الأعمال (الرمضانية)، وأبقت على أعمال أخرى ناقصة”. لافتاً إلى أن الجمهور لم يراعِ الظروف الصعبة التي مر بها المنتجون لتلك الأعمال.
ويضيف: “ما تم إنتاجه مقارنة بالوضع الحاصل، هو إنتاج جيد، وأفضل من لا شيء، كونه تم إنتاجه في فترة زمنية قياسية”.

لقطة من المسلسل الدرامي ” سد الغر يب “

إرهاصات وأخطاء

يرى المهتمون بالدراما والسينما في اليمن، أن بعض الأعمال الرمضانية خيبت آمال الجمهور، ولم تتوافق مع توقعاتهم في إنتاج محتوى يتناول قضايا أكثر منطقية.
ويقول مدير مكتب الثقافة في تعز عبدالخالق سيف، إن بعض الأعمال لم تلبِّ رغبة المشاهد اليمني الذي أصبح أكثر وعياً وأكثر معرفة بمدى جودة المسلسل أو العمل الدرامي من عدمها.
ويضيف لـ”المشاهد” أن “الدراما شغلت وأخذت الرأي العام، لذا تجد المُشاهد اليمني يعبر عن رضاه وعن سخطه وعن حالة إعجابه بعمل ما، وعن شعوره بخيبات أمل كبيرة من عمل درامي أو مسلسل ما، ويعبر عن ذلك بكل بساطة”.
وبحسب سيف، فإن المشاهد أصبح يريد من صُناع المحتوى الدرامي، أن يحترموا شخصيته وثقافته (…)، يريد أن يجد معالجة لكثير من الإرهاصات والمشاكل التي يجدها في الواقع.
ومن وجهة نظره، فإن بعض المسلسلات لهذا العام شابها بعض الأخطاء في الكثير من المَشاهد، معللاً أسباب ذلك بعدم الاهتمام بالسيناريو والحبكة والمونتاج.
ورغم انتقاده للأعمال الدرامية، إلا أنه يقيّم أداءها بأنها “إيجابية”، كون المناخ السائد طوال فترة متكاملة، لم يكن يشجع الدراما اليمنية، ومازال يعتبرها مرتبطة بالموسمية، وهو ما نعاني منه حتى اللحظة، حد قوله.
ويشدد على أن الدراما بحاجة إلى كثير من “الجرأة والإرادة” لمناقشة الكثير من القضايا الحساسة والمهمة دون أي تحفظات، فالجمهور يريد أن يرى قضايا مصيرية ومهمة، كما يقول.
“الدراما وصُنّاعها مطالبون بتقديم محتوى يليق بهذا الجمهور (…)، يجب أن يجتهدوا في تقديم عمل أكثر إبهاراً وإبداعاً، يحمل تفاصيل جمالية رائعة على مستوى السيناريو والحبكة و المونتاج والإخراج والتمثيل الجيد”؛ يضيف سيف.

“الكوميديا شيء مستسهل”

في المجمل، لم تعد الدراما اليمنية كما كانت عليه في السابق، كما تقول الناقدة السينمائية هدى جعفر، موضحة أن هناك تحسناً في الدراما من حيث التصوير والسيناريو والملابس، ومن حيث التوافق بين المنطقة والأسرة.
وأشارت إلى أنه في السابق كانت مناطق شخصيات المسلسلات اليمنية غير متناسقة، فمثلاً الأب من صنعاء والأم من تعز والعيال من عدن، وهذه الأشياء اختفت تدريجياً، وليس بشكل كامل، حد قولها.
وترى أن هناك فئتين من المشاهدين في اليمن؛ شباب يعتقدون أنهم عندما يتابعون مسلسلات نتفليكس أو عندما يشاهدون الأعمال الدرامية العالمية، فهم بذلك يرون أنفسهم خبراء في الدراما، وهذا غير صحيح. وأما الفئة الثانية من المشاهدين فلديهم اعتراضات أخلاقية على الممثلات. فكلا الفريقين ليسوا مؤهلين للحكم على الدراما.
ومن وجهة نظر جعفر، فإن المجتمع اليمني يريد سينما عالية الجودة ومتنوعة القصص، ولكن في الوقت نفسه لا يقبل لليمنيين واليمنيات أن يمثلوا في هذه الأعمال، وهذه قمة “التناقضات” حسب وصفها.
أما في ما يتعلق بالتركيز على الدراما في اليمن بأسلوب الكوميديا، فتقول جعفر لـ”المشاهد” إن “صناع الدراما يعتقدون أن الكوميديا شيء مستسهل، وشيء لا يتطلب العمل بجهد، وهذه فكرة خاطئة، لأن الكوميديا مثلها مثل أي جنس فني آخر”.

تواجه الدراما في اليمن العديد من المشكلات والصعوبات التي جعلتها تقع في شباك الأخطاء الفنية والإخراجية، وعرضة للانتقادات والسخرية. فالمحنة الكبرى للدراما تتعلق “بقلة الإمكانات، وبعدم الجودة المنتظرة للمنتج الدرامي كما يجب”، حسب سيف، الذي يأمل أن تتجاوز الدراما تلك الصعوبات.


بالنسبة لها، فإن الكوميديا تحتاج للعمل الدؤوب والإتقان وكتابة سيناريو وحوار منطقي وبشكل جيد، وتعد من أرقى الفنون الدرامية ومن أصعبها أيضاً، ولكن في اليمن ما يحدث أن هناك استسهالاً وعدم فهم لقيمة الكوميديا في الدراما.
وتنتقد جعفر القائمين على دعم المسلسلات، وترى أنه “ليس لديهم خلفية، ولا يهمهم أن يقدموا فناً أو رسالة (…)، فقط ما يهمهم هو الربح السريع، وليس تقديم دراما متقنة”.

تحديات أمام الدراما اليمنية

تواجه الدراما في اليمن العديد من المشكلات والصعوبات التي جعلتها تقع في شباك الأخطاء الفنية والإخراجية، وعرضة للانتقادات والسخرية. فالمحنة الكبرى للدراما تتعلق “بقلة الإمكانات، وبعدم الجودة المنتظرة للمنتج الدرامي كما يجب”، حسب سيف، الذي يأمل أن تتجاوز الدراما تلك الصعوبات.
أما جعفر، فتفيد أن مشكلة الدراما تتمثل في نقص الموهوبين، والقيود المجتمعية، ونقص الدعم، وعدم وجود معاهد متخصصة في كتابة السيناريو والإخراج أو المونتاج أو التمثيل.

المصدر: المشاهد نت