لاجئة سورية.. من جحيم قوارب الموت إلى جنة الألعاب الأولمبية

كانت السباحة السورية الشابة يسرى مارديني تصارع أمواج الموت قبل ستة أسابيع عندما غرق القارب المطاطي الذي كان من المفترض أن يبعدها عن الحرب في بلادها إلى شواطئ الأمان في اليونان، لكنها تجد نفسها الآن أمام إمكانية المشاركة في الألعاب الأولمبية الصيف المقبل في ريو دي جانيرو.

 

وشاء القدر أن تحل يسرى في ألمانيا التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين في أوروبا، حيث حظيت بفرصة مواصلة تمارينها تحضيرا لإمكانية مشاركتها في أولمبياد ريو الصيف المقبل تحت علم اللجنة الأولمبية الدولية التي اختارت لائحة أولية من 43 رياضيا.

 

وسيشارك بين 5 و10 رياضيين لاجئين تحت راية اللجنة الأولمبية الدولية سيتم اختيارهم من اللائحة الأولية وتأمل يسرى بطبيعة الحال أن تكون بينهم.

 

وقالت السورية الشابة الجمعة خلال لقاء إعلامي موسع: "فرصتي الأكبر ستكون في 200 م حرة".

 

ويمكن القول إن يسرى حصلت أصلا على ميداليتها الذهبية لكن في فئتي الشجاعة والتحمل.

 

على شفير الغرق

وغادرت يسرى (18 عاما) في أب/أغسطس الماضي وشقيقتها السباحة أيضا سارة (20 عاما) دمشق منضمتين إلى موجة جديدة من السوريين الذين فقدوا الأمل في رؤية نهاية قريبة للصراع الدائر في بلدهم، فسافرتا إلى لبنان ثم تركيا حيث دفعتا المال للمهربين من أجل إيصالهما إلى اليونان.

 

وقالت يسرى التي تركت وراءها والديها وشقيقتها الصغرى: "دمر منزلنا، لم أتمكن من التمرن لمدة عامين".

 

وتمكن خفر السواحل التركي في المحاولة الأولى للهرب، من إيقاف القارب وإعادته، وفي محاولتهما الثانية ركبتا قاربا مطاطيا صغيرا وفي غضون نصف ساعة كانت المياه تتدفق داخله بسبب عدم تحمله عدد ركابه الذين لا يجيد معظمهم السباحة.

 

وبعدما بدأت الرياح المسائية تهب في بحر إيجه، اتخذ قرار التخلي عن جميع الحقائب في محاولة لإبقاء القارب عائما لكن ذلك لم يكن كافيا، مما اضطر يسرى وسارة وثلاثة آخرين يجيدون السباحة إلى التضحية والقفز في الماء.

 

وتحدثت السباحة: "في البداية، كان الوضع مخيفا جدا"، مضيفة: "لكني فكرت وشقيقتي أننا سنشعر بالخزي إذا لم نساعد الأشخاص الذين كانوا معنا".

 

وتمسك السباحون الخمسة بالحبال المتدلية من جوانب القارب لثلاث ساعات، حتى وصلوا إلى شاطئ جزيرة لسبوس اليونانية. وما إن وصلت يسرى وشقيقتها إلى بر الأمان حتى اتصلتا بوالدهما عزت (45 عاما) المتواجد في الأردن: "بابا، لقد نجحنا نحن في اليونان".

 

وقال الوالد الذي انضم إلى ابنتيه في برلين التي حلت فيها الشقيقتان بعد رحلة برية طويلة دامت أسابيع أوصلتهما إلى النمسا ومن ثم ألمانيا مرورا بالمجر، المرحلة الأصعب للاجئين الذين تواجهوا مع الشرطة: "كان الانتظار الأطول في حياتي"، ويسرى بانفعالها الشبابي، كان لها موقفها من الشرطة المجرية: "كدنا أن نموت غرقا، هل تعتقدون بأنكم تخيفوننا؟".

 

وبعد وصولهما إلى برلين بفترة وجيزة، انضمت الشقيقتان مارديني إلى أحد أندية السباحة القريبة من مخيم اللاجئين بفضل المترجم المصري في المخيم والذي عرفهما على المدرب سفين سبانيكربس.

 

وقال المدرب الألماني: "إن الفتاتين تحرزان تقدما مذهلا، لكن فرصة اعتمادهما سباحتين في أوروبا ليست قوية"، مشيرا إلى أن "تأهل يسرى إلى الألعاب الأولمبية يقتضي أن تسجل 2.03 دقيقة، وأفضل زمن لها حتى الآن 2.11 دقيقة".

 

التركيز على طوكيو 2020

ويرى والدها بأن فرص تأهلها إلى ريو 2016 ضئيلة لكنها ستكون أفضل بالنسبة لأولمبياد طوكيو 2020.

 

أما يسرى التي سبق لها أن أحرزت لقب بطولة سوريا في مسابقات 200 و400 متر حرة و100 و200 متر فراشة، فتضيء كالنجمة عندما تفكر بالألعاب الأولمبية وحتى إن كانت ستشارك بالعلم الأولمبي وليس مع وفد بلادها: "مهما كان العلم، المشاعر هي ذاتها، إذا دخلت إلى الملعب، فأعتقد بأني لن أفكر سوى بشيء واحد وهو المياه".