التوتر أحياناً يفيد الصحة.. كيف تحقق ذلك؟

ربما تعلم أن التوتر مرتبط بعدة قضايا ومشاكل صحية ونفسية كالاكتئاب والخرف والسرطان؛ لكن البروفيسور إيان روبرتسون مؤلف كتاب The Stress Test: how pressure can make you stronger and sharper (اختبار التوتر: كيف للضغط أن يجعل منك أكثر قوة وذكاء) والذي سيصدر بتاريخ 16 يونيو/حزيران 2016، يرى أن الاعتدال في كم التوتر والقلق في حياتك من شأنه زيادة إنتاجيتك.

 

فالتوتر يجعل قسماً في الدماغ يصنّع مادو النيودرينالين الكيميائية التي تسهل التواصل بين أجزاء الدماغ المختلفة، ما يعني أن التوتر يستطيع دفعنا إلى الأداء بشكل أفضل طالما وجدت تلك المادة الكيميائية بالتركيز المطلوب، وفق تقرير نشرته صحيفة The Independent البريطانية، الإثنين 13 يونيو/حزيران 2016.

 

ونقل موقع Quartz عن البروفيسور روبرتسون قوله إن هنالك منطقة حساسة وسط الدماغ تزيد فيها فاعلية مادة النورأدرينالين، فإن وجدت المادة بالتركيز المطلوب فستكون أفضل ما ينسق عمل الدماغ ويناغمه.

 

ويضيف "طالما الوضع لا يدعو إلى توتر مفرط، فيمكننا تعزيز عمل الدماغ، ولو عمل الدماغ بشكل أقوى سنكون سعداء وأقل توتراً وقلقاً واكتئاباً، كما سنصبح أكثر ذكاء."

 

وقال البروفيسور في علم النفس في جامعة ترينيتي كوليدج بدبلن وهو أيضاً عالم في الأ عصاب الإدراكي، إن طريقتنا في التعامل مع التوتر هي ما سيتحكم بآثاره علينا على الأرجح.

 

وأوضح روبرتسون أن العديد من الأشخاص الذين يخضعون لعلاج ضد الاكتئاب قد يستغنون عن مضادات الاكتئاب كلياً "نستطيع تغيير كيمياء الدماغ مثلما يفعل أي مضاد اكتئاب أو عقار ضد القلق، لكن علينا أن نتقن فعل ذلك وعاداته جيداً" حسب تعبيره.

 

أولاً: لا تقبل بالفكر "المتصلب"
يقول البروفيسور روبرتسون أن علينا الكف عن التفكير كأننا ضحايا كي نتجنب التفكير "المتصلب".

 

والتفكير المتصلب يعني الشعور بالعجز عن فعل أي شيء لنحمي أنفسنا عندما يمسنا شر أو فاجعة ما.

 

ويرى روبرتسون أن الشعور بالعجز أمام ما يظنه المرء "قضاء وقدراً" قد يكون قاتلاً له، ولهذا من الضروري لكل إنسان مراجعة معتقداته حول شعوره وقدراته، كقول أحدهم "سوف أرسب في امتحاناتي" أو "إنني لا أجيد وظيفتي"، فعلى المرء تولي زمام قيادة مشاعره لتغييرها.

 

ثانياً: حوّل توترك إلى عامل إثارة وتشويق

يمر الشخص المتوتر بنفس أعراض الشخص الذي يشعر بالإثارة والتشوق، كجفاف الفم والتعرق وتسارع القلب، وهي كلها أمورٌ في وسعنا قلبها لمصلحتنا.

 

وكثيراً ما يشعر الأفراد بالتوتر خاصة قبل حدث جلل كإلقاء خطاب أو لقاء المدير؛ لكن بدلاً من محاولة تهدئة النفس التي غالباً ما تبوء بالفشل، يمكن للمرء أن يخدع نفسه بإقناعها أنه متشوق، حسب دراسة أجرتها أليسون وود بروكس الأستاذة في كلية التجارة والاقتصاد في هارفارد.

 

وقال روبرتسون لإنه ينبغي علينا النظر إلى التوتر على أنه تحدٍ لا تهديد، فتغيير نظرتنا للتوتر يقلل من وطأته ويحسن من الأداء، "إن تبنيت مظهر الثقة والإيجيابية الخارجي فسيمكنك خداع عقلك لخلق حالة نفسية أشبه بالمظهر الخارجي المزيف الذي يوحي بالثقة."

 

ثالثاً: على الوالدين عدم حماية أطفالهم من المواقف المتوترة

إذ ينبغي على الأطفال أن يمروا بتجارب تحوي قدراً من التحدي فيها كي تقوى أجسامهم وعقولهم وتصبح أكثر مرونة، حسب ما قاله روبرتسون.

 

ويقول البروفيسور أن كل امرئ يمر بفترة معينة في حياته يعاني فيها من المشاكل والابتلاء، لكن المعاناة في الفترة التي تكون في مقتبل العمر (في العقدين الأولين منه) تتسم بعظيم أثرها وتأثيرها في المرء بحيث تشكل قوته العاطفية وتجعله متماسكاً.

 

ففي هذا الصدد أظهرت دراسة أن الأطفال المتبنين في عمر يافع (وهي فترة توتر متوسط) يتكون لديهم تراكيز أقل من ماة الكورتيزول عندما يمرون بمواقف عصيبة موترة في حياتهم لاحقاً بالمقارنة مع الأطفال الذين لم يمروا قط بتجارب أليمة.


رابعاً: اقبل بالتحديات واستخدم التوتر ليكون محفزاً لك.

 

اقبل فكرة أن التوتر المتحكّم به يمكن استخدامه ليصبح محفزاً لك.

 

يقول روبرتسون، "كثير من الممثلين الكوميديين الفكاهيين وغيرهم يقلقون إن لم يشعروا بوخز القلق يساورهم قبل أداء عرض ما".