الحاجة فاطمة

فقدت أولادها في الحرب، وباعت أرضها لتمويل المقاتلين.. تعرف على قصة الحاجة فاطمة (صورة)

تعز – آية خالد:

مثلت الحاجة فاطمة (70 عاماً) نموذجاً مصغراً لكفاح المرأة اليمنية القادرة على فعل شيء في السلم والحرب، فالتضحية ليست حكراً على الرجل، بل على من يملك القدرة على تقديمها، سواء كان رجلاً أو امرأة، كما تقول لـ”المشاهد”.
الحاجة فاطمة التي تعيش في منطقة وادي البير بجبل صبر جنوب مدينة تعز، كان لها ولدان: أحمد، وعبدالله، لكن أحمد قتل في المواجهات العسكرية الدائرة بين جماعة الحوثي والقوات الحكومية في في محافظة تعز، مخلفاً وراءه 9 بنات وولدين، بينما الآخر مازال هو وأولاده في جبهات القتال.
وبدون ندم، تتمنى فاطمة، لو أن لديها المزيد من الأبناء، لقدمتهم إلى جبهات الحرب دفاعاً عن الأرض والعرض، كما تقول، مضيفة: “الوطن يستأهل الكثير، ويستأهل توحدنا. ماذا سيحدث لو قدمت أولادي من أجل العيش بكرامة”، رغم أنها تعيش أوضاعاً بائسة لا تطاق، فهي تعول زوجة ابنها وأولاده.
قتل الكثير من أهلها في هذه الحرب، “لكن من يشتي الحالي صبر”، وفق قولها، مضيفة: “القلب موجوع. وفراق الضنى غالي ووجيع، بس ضروري نضحي. إحنا ما دورنا الحرب ولا نريدها. كنا عايشين بخير الله. نأكل ونرعي بأراضينا، الآن حتى الخير قل، رغم أن عيالنا حرروا المنطقة. إحنا لا نريد شرعية ولا حوثيين. نريد أرضنا ووطننا الآمن، أما هم كلهم تجار حروب، ويكسبوا من دمنا وعذابنا”.
اشتهرت الحاجة فاطمة بدعمها الكبير لشباب المقاومة المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، في منطقتها، إذ تكفلت بتوفير الطعام لهم منذ بداية تشكلها، وفي فترة انقطاع رواتبهم باعت إحدى أراضيها لمساندتهم في تحمل أعباء الحرب، وتكفلت برعاية الجرحى دون كلل أو ملل، كما تقول.
وتذكر بقصة قنص أحد الأفراد في سقف منزلها، أثناء المعارك القوية في جبل صبر، حيث صعدت إلى سطح المنزل، وأنزلته إلى الداخل، لكنها عجزت عن إيقاف نزيفه، ما أدى إلى وفاته بالحال.
من يومها اضطرت فاطمة لإحضار ممرضة من المركز الصحي، ورابطت في منزلها لتقديم الإسعافات الأولية للجرحى.
ويرى عبد الله حمود، ابن الحاجة فاطمة، أن بقاءه في الجبهة هو الآخر وسام شرف له ولكل من ينتمي لهذه الأرض، وأن همهم الأول والأخير هو حماية منطقتهم، مضيفاً: “أنا لدي 6 أولاد وبنت. ولدي الأكبر جريح بُترت قدماه بلُغم أرضي بعد تحرير المنطقة، وولدي الأصغر منه في جبهة البقع، فهذا لا يُعيبنا، نحن لا نقتل أحداً، بل نحمي أنفسنا وعوائلنا من أي معتدٍ”.
“لم أعد أخشى شيئاً، فأمي منحتني قوة كبيرة من قوتها، ويكفي أنني أراها في مقدمة الصفوف، رغم كبر سنها وحالتها الصحية المتعبة، إلا أنها تقوم بالرعاية والدعم لكل المقاومين”، وفق قوله.
ويشيد علي، أحد سكان جبل صبر، بالدور الهام الذي تقوم به فاطمة وعائلتها في تجسيد روح المقاومة والكفاح لأجل الأرض والعرض والوطن.
ويقول: “رغم أنها امرأة وكبيرة في السن، إلا أنها ربت وعملت ما لم يستطع فعله أحد منا نحن الرجال، وتقف مع الجميع، وجعلت دعمها لشباب القرية مشروع نجاة للجميع”.

المشاهد نت