تطبيق طبيبي

لمساعدة المرضى الذين طحنتهم الحرب.. أطباء يمنيون يطلقون "تطبيق إلكتروني" بميزات وفوائد هائلة!

كمال السلامي- المصدر أونلاين

أطلق مجموعة من الأطباء اليمنيين، مؤخراً تطبيقاً طبياً، هو الأول من نوعه على مستوى اليمن، لتقديم خدمات استشارية للمرضى الذين ضاعفت الحرب من مأساتهم، وجعلت الحصول على الاستشارة الطبية المناسبة بالنسبة لهم، مسألة بالغة الصعوبة.

 

وبالرغم من أنه لا يزال في مرحلة الإطلاق التجريبي، إلا أن تطبيق "طبيبي"، لاقى إقبالاً كبيراً من قبل المستخدمين، حيث قام بتنزيله عدد كبير من الراغبين في الحصول على الخدمة التي يوفرها، إضافة إلى أن القائمين عليه استقبلوا طلبات استشارات تجاوزت الألف خلال فترة وجيزة.

 

وحصل التطبيق على تقييمات إيجابية للغاية من قبل غالبية من تجاوبوا مع طلب التقييم في متاجر التطبيقات الالكترونية، بالرغم من أن عملية التطوير والتحديث لا تزال مستمرة، بالإضافة إلى أنه لا يزال يستقبل مزيداً من الأطباء المتطوعين، للمشاركة في تقديم المشورة عبر هذه النافذة الالكترونية التي شبهها البعض بأنها "مستشفى أونلاين".

 

فكرة التطبيق

تطبيق "طبيبي" عبارة عن خدمة طبية استشارية إلكترونية يمكن تحميلها على الهواتف الذكية، بحيث يستطيع أي شخص من خلالها الحصول على الإستشارة اللازمة، حول أيٍ من الأمراض والمشاكل الطبية، وخصوصا تلك التي تحتاج لاستشارة مستعجلة، وعبر قائمة من الأطباء المتخصصين في قرابة 53 تخصصاً يحتوي عليها التطبيق حتى الآن، مع احتمال إضافة أقسام وتخصصات آخرى.

 

فبدلاً من الذهاب إلى الأطباء، أو إرسال التقارير وطلبات الاستشارة إلى الخارج، وما يحتاجه هذا من وقت وجهد، يوفر هذا التطبيق الخدمة بكل سهوله، مع إمكانية التفاعل مع الطبيب المختص، وتزويده بكامل الادبيات من تقارير وفحوصات وكشافات وغيرها، عبر التطبيق، إضافة إلى إمكانية تقديم شرح صوتي كامل للحالة.

ويصفه القائمون عليه بأنه عبارة عن "رفيق طبي محمول، يستطيع المستخدم من خلاله الحصول على التطمينات والشروحات المناسبة في أي وقت، كما أنه "يستهدف في المقام الأول، أولئك الذين يتوجب عليهم السفر الطويل لأجل الحصول على تطمينات أو شروح طبية".

 

كيف ولدت الفكرة؟

 

"تجربة شخصية مع المرض"، كانت وراء فكرة تطبيق "طبيبي"، بحسب الدكتور مروان الغفوري، وهو طبيب قلب يمني مقيم بألمانيا، والذي أوضح لـ"المصدر أونلاين"، أنه "وبالرغم من كونه طبيباً، ولديه تأمين طبي خاص، إلا أنه أحياناً كان عليه أن ينتظر قرابة أربعة أسابيع ليتحدث إلى الطبيب المختص لمدة عشر دقائق!".

 

ويضيف "الغفوري"، صاحب فكرة التطبيق "سألت نفسي: ماذا عن الناس في اليمن، خصوصا أن تقرير نشرته الشرق الأوسط قبل ستة أعوام، أشار إلى أن اليمن بحاجة ماسة، آنذاك، لأربعين ألف طبيب، والآن بعد الحرب والشتات ونزيف العقول، تبدو المأساة أكثر استفحالا".

ويشرف على التطبيق حاليا، خمسة أشخاص هم "محمد جابر – خالد السناوي – بكر صبيح"، في حين يتولى العمل البرمجي "محمد النعيمي ومحمد سنان"، إضافة إلى أسماء أخرى ساهمت في إنجاز التطبيق، هم "هشام الصباحي، أحمد الاشول، عبدالباسط الشميري".

 

مميزات التطبيق

 

أُطلق تطبيق "طبيبي"، لمدة ستة أشهر كفترة تجريبية، يجري خلالها استيعاب الملاحظات وإجراء التعديلات الملائمة، وإدخال التحديثات، حتى تستقر الفكرة فنيًا وعلمياً، بحسب الدكتور "الغفوري".

 

ويعتبر التطبيق هو الأول في اليمن، وربما من أوائل التطبيقات في الشرق الأوسط التي تقدم خدمة من هذا النوع بشكل مجاني، إذ تبين من خلال البحث أن هناك تطبيقات مشابهة في الشرق الأوسط، لكنها تقدم خدمة مدفوعة، وهذا هو ما يميز تطبيق "طبيبي"، إضافة إلى أن التطبيق يوفر للمستخدمين ميزة الاختيار بين أكثر من طبيب لعرض المشكلة عليه.

 

كما يرى الدكتور "الغفوري" أن التطبيق يتميز أيضاً، يكونه يقدم خدمة مجانية، من يمنيين "الأطباء" إلى يمنيين "المرضى"، إضافة إلى كونه وسيلة لربط أطباء المهجر بقضايا ومشاكل الصحة في بلدهم، ويمكّنهم من المساهمة في تقديم المساعدة عبر هذه الوسيلة الالكترونية.

كما أن تطبيق "طبيبي"، يتميز بالشمول من حيث الخدمات التي يقدمها والتي تغطي قرابة 53 تخصصاً طبياً، قابل للتوسيع، إضافة إلى أنه صُمم ليكون سريع الاستجابة، على طريقة "رووم سيرڨيس"، بحسب "الغفوري"، كما أن التطبيق خفيف عملياً، ويمكن المستفيد "طالب المشورة"، من رفع طلبه صوتياً أو كتابياً.

 

وعن ما إذا كانت مشكلة ضعف شبكة الانترنت وانقطاع الكهرباء في اليمن قد يؤثر على مدى استفادة الناس من التطبيق، قال الدكتور "الغفوري"، إن هذه المشكلة لن تشكل عائقاً كبيراً، "خصوصاً أن اليمنيين يستخدمون مئات التطبيقات بشكل يومي، بالرغم من المشاكلة آنفة الذكر".

وأضاف "الغفوري"، في حديث لـ"المصدر أونلاين"، إن التطبيق يتميز أيضا، بأن الأطباء المتطوعين فيه، "على معرفة شاملة بالوضع الصحي في بلدهم وهم قادرون على إحالة مرضاهم إلى الأماكن الصحيحة وحتى التواصل مع المعالجين على الأرض"، مؤكداً أن هذه الميزة لا تتوفر في التطبيقات الطبية العابرة للحدود.

 

إقبال كبير

استقبل الكثير من المهتمين، تطبيق "طبيبي" بغبطة وأمل في أن يساهم في تيسير الحصول على المشورة الطبية للكثير ممن لا يسعفهم الوقت والجهد وربما المال للحصول عليها من الخارج، خصوصاً في ظل ضعف الخدمات الطبية داخلياً، وهذا يفسر الإقبال الكبير على تحميل التطبيق، وعلى البدء بإرسال طلبات المشورة.

فبحسب الدكتور مروان الغفوري"، فإن قسم القلب والأوعية الدموية، استقبل خلال أسبوعين فقط، أكثر من 200 حالة مرضية، في حين تجاوزت طلبات المشورة في قسم الطب النفسي 100 حالة، في حين بلغ إجمالي عدد الحالات التي استقبلها طاقم تطبيق "طبيبي"، خلال فترة قصيرة، أربعة ألاف حالة.

 

صعوبات

هذا الإقبال الكبير على تطبيق "طبيبي"، ساهم في بروز بعض التحديات، التي هي كما يرى فريق العمل، منطقية، بالنظر إلى كون الفكرة ولدت خلال فترة قريبة، وانتقلت إلى طور التنفيذ ومن ثم الإطلاق سريعاً، من تلك التحديات أو الصعوبات إن جاز الوصف، انخفاض تفاعل وحماس بعض الأطباء الذين التحقوا بفريق العمل، وهو ما يتسببب – بحسب د.الغفوري – في التشويش على الخدمة، وهو ما دفع القائمين على التطبيق إلى اتخاذ قرار بالاعتذار للأطباء الذين سيمضي وقت محدد على التحاقهم بالتطبيق، دون أن يُسجل أي نشاط أو إنجاز لهم.

 

ويضيف: "تصلنا، أوتوماتيكيا، تحديثات يومية وبيانات حول حركة التطبيق، ونعرف ما الذي يجري وكيف يجري، وهناك خانات خاصة بتقييم أداء الطبيب مفتوحة للمستخدمين، كما أن هناك بعض التخصصات المهمة لم يتوفر فيها عدد كافٍ من الأطباء".

 

ويعتمد الفريق القائم على تطبيق "طبيبي"، آلية معينة لقبول التحاق الأطباء بفريق العمل الطوعي، بمختلف التخصصات التي يحتويها التطبيق، حيث يطلب منهم تسجيل بياناتهم الشخصية، إضافة إلى الإشارة إلى درجتهم العلمية والخبرات التي يمتلكونها، وكذا رفع وثائق المهنة "تصريح طبي، شهادة طبية"، بالإضافة إلى بيانات التواصل، لتقوم بعد ذلك لجنة خاصة بدراسة ملفات الأطباء طالبي الإلتحاق، وفحصه والموافقة عليه أو رفضه، بحيث يكون الطبيب الملتحق بكادر التطبيق موثوقاً وعلى مسؤولية القائمين عليه.

 

وحول مدى كفاية هذه الإثباتات لقبول انضمام الأطباء لفريق المتطوعين في التطبيق يقول الدكتور "الغفوري" لـ"المصدر أونلاين": "مبدئيا كافية، ومستقبلاً سنطور من أسلوب تحرياتنا، ومع أول شكوى تثير شكوكنا حول هوية وكفاءة الطبيب سنتدخل بالشكل المناسب".

 

تطوير مستمر

يطمح فريق العمل، حاليا لإنجاح فكرة تطبيق "طبيبي"، كما تم التخطيط لها، ليحقق الفائدة المرجوة لمن يبحثون عن المشورة الطبية، خصوصا في الداخل اليمني.

ومن أجل ذلك، فإن عملية التطوير للتطبيق مستمرة، وقابلة لاستيعاب المزيد من الملاحظات، وإدخال المزيد من الإضافات والتعديلات، فعلى سبيل المثال، يعمل المطورون حاليا لإدخال مزايا جديدة في الخدمة التي يوفرها تطبيق "طبيبي"، منها إمكانية إنشاء نافذة خاصة تسهل التواصل بين الأطباء داخل التطبيق نفسه.

 

نسختين وتنبيه

تجدر الإشارة إلى أن هناك حاليا في المتاجر الالكترونية، نسختين من تطبيق "طبيبي"، الأولى خاصة بالمستخدمين، والأخرى خاصة بالأطباء، والأخيرة متاحة لمن يرغب في الالتحاق بفريق الأطباء المتطوعين، بمختلف التخصصات التي يحويها التطبيق.

وتطبيق "طبيبي"، بشكل عام، يقدم خدمة طبية استشارية، لكنه وفقاً لفريق العمل، ليس بديلاً عن الطبيب، ولا عن المستشفى، حيث يهدف التطبيق إلى تنوير المريض بمشاكله الصحية، وتقديم أفضل الوصايا والنصائح الطبية الممكنة في العلاج والوقاية، مع إمكانية الإحالة إلى أي جهة أو طبيب على الأرض في الداخل.

 

كما لا يعد تطبيق "طبيبي" وفقاً لفريق العمل، بديلاً عن التأمين الصحي، أو عن طبيب الرعاية الأولية، ولا أيضاً بديلاً لتفاعلات الرعاية الصحية الشخصية، كما أنه لا يسمح بإجراء أي تشخيص طبي رسمي، أو علاج، أو إعطاء الوصفات الطبية.