السفير الروسي في مقر المجلس الانتقالي الجنوبي

تزامن الزيارة وحضور عسكري مباشر.. ما وراء التهافت الأمريكي والروسي على عدن (صور)

كتب: متولي محمود لـ"تعز أونلاين"- خاص

خلال اليومين الماضيين فقط، وصل السفيران الروسي والأمريكي إلى العاصمة المؤقتة عدن، في أول زيارة للاثنين منذ ما قبل 5 سنوات. 

وصل السفير الروسي أولا، في زيارة قيل إنها تستغرق أياما، وقابل الحكومة الشرعية متهكما على المليشيات خارج إطار الدولة، قاصدا بذلك المجلس الانتقالي الموازي في الجنوب. 

أما السفير الأمريكي، فوصل في اليوم التالي في زيارة تبدو مستعجلة، وربما كان سببها مقدم نظيره اللدود الروسي. 

في تلك الغضون، كان الشيوخ الأمريكي يصوت على قانون إيقاف الدعم عن التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن. 

لقد استفزت زيارة الروس الجانب الأمريكي، في ظل دعوات أمريكية غير رسمية باستمرار الدعم للتحالف في اليمن. فبالتأكيد لا يريد الأمريكيون خسارة اليمن كما فعلوا في سوريا، خصوصا أن هذه الخسارة ستؤول لصالح الدب الروسي، الغريم التقليدي. 

لم يأت السفير الأمريكي وحيدا، بل جاء رفقة وفد عسكري رفيع، يقول إنه قدم لتدريب خفر السواحل اليمني التابع للحكومة الشرعية، للحفاظ على أمن المياه الإقليمية. 

في الظاهر، جاءت القوات لأغراض تدريبية، لكن الحقيقة تقول إنها مقدمة لوجود عسكري أمريكي في خليج عدن، لحماية مصالحها، ولكبح جماح الدب الروسي، الذي يسعى لإغلاق المنطقة لصالحه، على امتداد البحر الأحمر وخليج عدن. 

في المقابل، ليست زيارة الروس بريئة على أية حال، ففي بادئ الأمر وجه السفير الروسي لطمة قاسية للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يريد الانفصال عن شمال البلاد، عبر تصريح أثناء لقاء الحكومة الشرعية بمعارضة وجود أي كيانات موازية للدولة. 

لكن الروس يجيدون اللعب مع الجميع، ولا يألون جهدا في التعامل مع مختلف اللاعبين بذات الدرجة من الحفاوة، حتى يخال للمتابع أنها تؤيد بشدة أحد الأطرف؛ لكنها سرعان ما تنقض ذلك. 

صباح الجمعة، زار السفير الروسي قنصلية بلاده بعدن، التي دمرت إبان الحرب قبل ثلاث سنوات، مؤكدا أن بلاده ستعيد بناءها، في إشارة إلى احتمال عودته لفتح السفارة وممارسة العمل. 

وفي تصرف، ومخالفة بروتوكولية فاضحة، زار السفير الروسي مقر المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يسعى للانفصال، ويمتلك قوة موازية للدولة مدعومة من إحدى دول التحالف العربي. 

وظهر السفير في صور، أثناء استقباله بمراسيم وعرض عسكري، فضلا عن تكريمه بدرع داخل مقر المجلس. 

أثناء التكريم وبعملية مدروسة، ظهر العلم الروسي خلف السفير، فيما وضع علم الجنوب التشطيري في الجهة المقابلة، في خطوة ساذجة من السفير، ومخالفة دبلوماسية ربما فاتته. 

وبحسب سياستها، تسعى روسيا دائما لمسك العصا من النص، الأمر الذي يضعها في مواقف محرجة بروتوكوليا، سواءاً في العراق، سوريا أو اليمن. 

يستطيع المراقب التعرف على السياسة الروسية في التعامل مع أطراف الصراع في مختلف البلدان، عبر مشاهدة الإعلام الرسمي، وكالة سبوتنيك و RT على سبيل المثال وطريقة نقلها لأخبار الصراع. 

فبدلا من أخذ التصريحات وتحرير الأخبار في اليمن مثلا، تقوم سبوتنيك بنقل التصريحات كما هي، سواءاً من الجهة الحكومية أو من الحوثيين، حتى يخيل للقارئ أنها ناطقة رسمية باسم أحديهما. 

ليس بالإمكان التكهن بأسباب زيارة الخصمين اللدودين إلى عدن، لكن من المؤكد أن ما يجري أمر جديد وله ما بعده، وربما كان للأمر علاقة مباشرة في سحب البساط من تحت أقدام التحالف العربي، الذي ظل لأربع سنوات يمارس الفشل وتفريخ الكيانات الموازية للدولة. 

من المنطقي جدا أن رفع الدعم عن التحالف العربي في اليمن سيستبدل بتواجد مباشر للقوات الأمريكية، إن لم يكن تدخل عسكري إن جاز التعبير. 

فالسعودية تبدو في حالة وهن في اليمن، خصوصا في المناطق الجنوبية التي باتت تدين للإمارات ككيان مواز للحكومة اليمنية، فيما لا تتوانى من الصراخ في وجه الأولى على نحو فج ومثير للريبة. 

فقد هاجم الرجل الثاني في "الانتقالي الجنوبي"، الجمعة، قناة العربية السعودية متبنيا حملة ضدها على تويتر، كونها إخونجية وحوثية، بحسب "بن بريك".

ويرى مراقبون أن "بن بريك" لم يكن ليجرؤ على مهاجمة السعودية إن لم يكن مدفوعا لذلك أصلا، وإن لم يشعر أنها لن تتمكن من إيقافه؛ أو أنه يأوي لقوة أعتى منها وتواجدها قريب جدا، وربما كان أحد الخصمين المتواجدين في عدن، أو الاثنين معا!