فجأة أعادت الرياض طرح ورقة البرلمان في خضم الاضطراب الشديد الذي يعانيه المشهد السياسي في اليمن، بسبب التشوهات الخطيرة لدور التحالف وانحرافاته ومشاريعه السياسية المدمرة.
مضى نحو عام تقريباً على استدعاء البرلمان، إلى لقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهي تجربة مثيرة للملل عاشها مائة وعشرة برلمانيا محسوبون على الشرعية في جدة لم يكن يبدده سوى الزيارات التي كان النواب يقومون بها بين وقت آخر إلى الحرم المكي، وانتهت إلى لا شيء سوى المكافأة المالية التي صرفت لهؤلاء النواب بعد الاجتماع.
لا أجد حتى الآن سبباً وجيهاً لاستدعاء النواب، في ظل المحاذير العديدة التي تكتنف التوجه نحو توظيف البرلمان، الذي لا تتوفر آلية دستورية حتى الآن يمكن أن تحسم وضع هيئة الرئاسة والاجتماعات والمخرجات في ظل عدم اكتمال النصاب القانوني، إلا إذا قرر تحالف الرياض-ابوظبي لي ذراع الدستور ومضى قدماً في استدعاء البرلمان لاجتماع في تقديري أن بنداً واحداً هو الذي سيقف أمامه اجتماع البرلمان وهو تأمين غطاء لحكومة جديدة توصف بأنها توافقية.
وثمة سبب آخر يحول دون انعقاد المجلس في بيئة مناسبة منها أن عدن والقوى العسكرية التي انشأتها الإمارات في هذه المدينة لا ترغب في إعادة توظيف عدن كعاصمة سياسية مؤقتة، لذا تعمل كل ما بوسعها لتكريس الاضطرابات والبؤس المعيشي وعدم الاستقرار في العاصمة السياسية منذ استعادتها من الحوثيين.
من الواضح أن الإمارات تصر على فرض حكومة جديدة على الرئيس هادي، أساسها تمكين أدواتها الانفصالية، وإعادة إنتاج “اتفاق سلم وشراكة جديد” يشبه ذلك الذي مكن الحوثيين من الاستيلاء على صنعاء وبقية مدن البلاد وإسقاط النظام الانتقالي الذي سخرت الرياض فيما بعد سلاحها الجوي وإمكانيات جيشها لإعادة تمكينه من جديد، لكنها لم تنجح حتى الآن من تحقيق هذا الهدف.
لا ترغب الرياض كما ابوظبي في إعادة إحياء أهم المؤسسات الديمقراطية في اليمن، ولكنها مضطرة على ما يبدو لفرض وقائع جديدة على الرئيس، من بينها حمله على القبول بإجراء تغييرات في الحكومة تلبي أولويات هذا التحالف، وهي أولويات مثلما استهدفت التغيير في اليمن عام 2014 فإنها تسعى الآن إلى تأمين الغطاء السياسي والقانوني لتنفيذ مخطط تفكيك اليمن استناداً إلى الآلية الديمقراطية.
حتى الآن لم أتمكن من الحصول على سبب محدد لاستدعاء البرلمان، لكن ما دفعني إلى توقع أن هذا الاستدعاء له علاقة ربما بترتيبات تغيير الحكومة وإعادة هندسة الشرعية، هو الإجراءات التي تجري على الأرض خصوصاً في العاصمة السياسية المؤقتة عدن والتحضيرات التي تتجه على ما يبدو إلى تنفيذ تهديدات الانتقالي التي أطلقها من أبوظبي بشأن السيطرة على المؤسسات الإيرادية وفك الارتباط مع السلطة الشرعية، تترافق مع مطالب بعض الأحزاب المرتبطة بالأجندة الإماراتية بضرورة تشكيل حكومة توافقية.
لكن ما هو دور الرئيس هادي من دعوة النواب إلى اجتماع في الرياض، وهل له يد في ذلك على الرغم أن الأمور واضحة بشأن تمسكه بالحكومة الحالية أكثر من أي طرف آخر؟.
من الصعب الإجابة على هذين السؤالين والتي من شأنها أن تكشف عن الأسباب الحقيقية للاستدعاء المفاجئ لأعضاء البرلمان إلى الرياض في هذا التوقيت.
نقلاً عن اليمن نت