ناشطو الجوف والتغيير

يوصف مجتمعه بالبداوة.. كيف استطاع ناشطون على "السوشال ميديا" إحداث تغييراً مجتمعياً في الجوف!

الجوف – سيف راجح سراج:

استطاع ناشطو محافظة الجوف (شرق صنعاء)، على موقع التواصل الاجتماعي، في إحداث تغيير في وعي الناس، ونقل ما يدور في المحافظة التي تفتقر للصحفيين ووسائل الإعلام، من خلال ما يتم تناوله من منشورات، منذ العام 2009.


ويأتي موقع “فيسبوك” على رأس قائمة مواقع السوشيال ميديا المستخدمة في الجوف، بنسبة 90%، يليه “تويتر”، فـ”إنستغرام”، وهذه الأخيرة أكثر شهرة لدى المغتربين من أبناء الجوف، بعكس “فيسبوك” الذي يعتبر النافذة الوحيدة لعموم سكان الجوف.

وفي إحصائية لمؤسسة صدى الجوف الإعلامية، فإن عدد مستخدمي “فيسبوك” في محافظة الجوف، تجاوز 50 ألف مستخدم، ما يشكل 10% من إجمالي سكان المحافظة.

موقع “فيسبوك” على رأس قائمة مواقع السوشيال ميديا المستخدمة في الجوف، بنسبة 90%، يليه “تويتر”، فـ”إنستغرام”

إحداث تغيير إيجابي

شكل العام 2012 أول بروز لعدد من الناشطين الذين نقلوا أحداث المواجهات بين قبائل الجوف ومسلحي جماعة الحوثي، عبر صفحاتهم على “فيسبوك”.
ومن هؤلاء الناشطين على موقع “فيسبوك”، علي العنتري، وسلطان الروساء، وعبدالهادي العصار، وسعيد العصار، ومحمد عياش، وبتران الدهمي، وسلسبيل علي سيف.


ويعتبر الصحفي علي العنتري الذي يتابعه على “فيسبوك” 8 آلاف متابع، منذ العام 2011، من أبرز الناشطين في محافظة الجوف، إذ أصبحت صفحته مصدراً موثوقاً تنهل منه المواقع الإخبارية والصحف مستجدات الأحداث في المحافظة، منذ البدايات الأولى للحرب، في نهاية العام 2012.


ويقول العنتري لـ”المشاهد”: “من أبرز إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي بالجوف، إحداثها تأثيرات وتغييرات إيجابية في المحافظة، حيث أسهمت في توحيد رؤى وتطلعات شباب الجوف، وأخرجتهم من الأطر الضيقة التي اعتادوا التقوقع فيها، بالنظر إلى التعصب القبلي والعشائري الذي كان يميز شباب محافظة الجوف، قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي”.


ويضيف العنترى الذي تم تعيينه مستشاراً لمحافظ الجوف لشؤون الشباب، في 2017، أن “فيسبوك نقل صورة نمطية إيجابية عن محافظة الجوف، كما شجع شبابها على التحرر من إرث الماضي القديم المثقل بالتخلف والجهل والعصبية، ودفعهم للإيمان بقضية تحرير الجمهورية والوطن الكبير”.


وتقول الناشطة الاجتماعية والكاتبة سلسبيل علي سيف: “مواقع التواصل الاجتماعي اليوم بوابة للحياة، وشيء أساسي لا بد للجميع أن يؤمن به، ليس كعالم افتراضي، بل كواقع نعبر فيه عن آرائنا وأفكارنا، ونتبادل المعرفة والثقافات، بما يحقق زيادة المعرفة، وبالتالي الوعي الذي يعد اللبنة الأولى لتطور المجتمعات”.

اهتمامات متنوعة

تأتي الاهتمامات السياسية في الجوف، في مقدمة الاهتمامات بنسبة 45% من إجمالي اهتمامات الناشطين في المحافظة.


وتوزعت الاهتمامات الأخرى بين المنشورات الوجدانية، والحكمة، والمنشورات الدعوية والثقافية والعلمية، والقصائد الشعبية، وفق تحليل مضمون لمحتوى ما ينشر على “فيسبوك”، قام به محرر لــ “المشاهد” على مدى 6 أشهر.


وبرر الناشط الصحفي والاجتماعي سلطان الروساء، أن اهتمام الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، بالشأن السياسي، ناتج عن طبيعة المرحلة التي تشهد حرب وجود بين القوات الحكومية والحوثيين.


ويقول لـ”المشاهد” إن مواقع السوشيال ميديا في الجوف، جعلت كل شاب في المحافظة يدرك أنه مسؤول عن محافظته، ويتوجب عليه الاهتمام بقضاياها.

مضيفاً أن ما يثير البهجة أن ترى شباب الجوف يولون جل اهتمامهم بالقضايا السياسية والأحداث المهمة على المستويين الوطني والعربي، بل الدولي أيضاً، ما يعني أن محافظة الجوف كسرت العزلة الثقافية التي بقيت مهيمنة عليها طيلة العقود الماضية.


ويؤكد أن مواقع السوشيال ميديا أحدثت تأثيراً إيجابياً وسط المجتمع الجوفي، وأبدت نوعاً من الرقي في التعامل من قبل شباب المحافظة، ومرونة في طرح الآراء وتقبل الرأي الآخر، ومنحتهم الحرية في التعبير عن آرائهم حيال القضايا المهمة.

استجابة لما ينشر

ولعبت منشورات الناشطين على “فيسبوك” ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، دوراً في إحداث تغيير وإصلاحات في المحافظة، بحسب عبدالهادي العصار، مدير مكتب حقوق الإنسان بمحافظة الجوف.
ويقول العصار لـ”المشاهد”: “لقد أصبحت محافظة الجوف اليوم تتميز بمستوى من الوعي والروح الشبابية التواقة إلى الحرية والبناء والتنمية والعلم والمعرفة”.


وأحدثت وسائل التواصل الاجتماعي نقلة نوعية، وتقدماً في مسار حقوق الإنسان، إذ بات سكان الجوف أكثر دراية ومعرفة بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، بحسب العصار، مضيفاً أن الجوف لم تعد غارقة في أوحال تلك العزلة التي فرضها عليها النظام السابق، ولم تعد تدار كالسابق من خلف الكواليس والغرف المغلقة، بل صارت تتحرك وتتقدم تحت قيادة أبنائها.

إسهام المرأة في التغيير

وعلى الرغم من تحقيق الوعي المجتمعي في محافظة الجوف، تطوراً ملحوظاً في كافة المستويات، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما “فيسبوك”، مازالت محصورة في الشباب، باستثناء الناشطة الاجتماعية والكاتبة سلسبيل علي سيف، التي أكدت لـ”المشاهد” على ضرورة صناعة الوعي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الشباب والفتيات.


وتقول: “بينما العالم أصبح قرية صغيرة جداً، مازالت فتيات الجوف بعيدات عن هذا العالم، متدثرات في عباءة الخوف والصمت”، مشيرة إلى الثقافة المجتمعية التي تمنع على المرأة الظهور في مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من وسائل الإعلام.


“آمنت بقضيتي، وبضرورة تواجدي على السوشيال ميديا، والتي من خلالها استطعت أن أعكس الصورة المظلمة في مخيلة الجميع، عن محافظتي، وأثبت أن تواجدي في هذا العالم للتأثير والظهور بالشكل المحافظ والمتمسك بالعادات والقيم الجميلة”.

المشاهد نت