مليشيات الحوثي المتمردة

تقرير: لماذا يعود "المسلحون الحوثيون" من الجبهات إلى قتل أهليهم؟!

جرائم قتل مروعة ترتكبها عناصر المليشيا الحوثية الانقلابية بحق أهاليهم وأقاربهم ابتداءً من الضرب والسحل بحق الآباء والأمهات وانتهاءً بالقتل العمد مع سبق الإصرار بحق هؤلاء الأقارب. 
حيث انتشرت ظاهرة قيام العناصر المليشوية المسلحة بقتل الآباء والأمهات في صعدة وريمة وحجة وذمار وصنعاء، سواء بعد عودة هذه العناصر من جبهات المعارك أم بعد خروجها من دورات تعبوية طائفية، تقوم القيادات الحوثية وعناصر إيرانية ولبنانية من مليشيا حزب الله بتلقينها لأعداد كبيرة من المستهدفين ثقافياً بدورات تسميها المليشيا الحوثية "ثقافية تدريبية"، حيث تعد هذه الدورات "الثقافية الطائفية" هي البوابة الرسمية والدرجة الأولى لتجنيد عناصر إلى صفوف المليشيا الحوثية، بحيث يخضعون لدورات تلقين مكثفة لأفكار الحوثيين والأفكار الإيرانية الشيعية، في عملية استقطاب كبيرة ألزمت فيها المليشيا حتى المؤسسات الحكومية الخضوع لمثل هذه الدورات. 
فقد سجلت السنوات الماضية جرائم قتل مختلفة قامت بها عناصر حوثية بحق أقاربها بل من الدرجة الأولى من القرابة وهي الآباء والأمهات.

إحصاءات القتل

- ففي تاريخ 8 أغسطس الجاري أقدم المسلح الحوثي وائل عبده صبر - من أبناء مدينة رداع، والذين يقطنون في العاصمة صنعاء- على قتل والده وفتح بندقيته الآلية عليه ليرديه قتيلاً في التو، بعد أن عاد اليوم الأول من القتال مع الحوثيين في جبهة الساحل الغربي بمحافظة الحديدة.

- وفي 23 يوليو الماضي 2018 أقدم أحد العناصر الحوثية -محمد حسين العرسة- (24 عاماً) على الانتحار وألقى بنفسه وطفله الرضيع من أعلى قمة في جبل حراز، بعد عودته من جبهات القتال مع الحوثي. وكان هذا الحوثي عاد قبل أيام قليلة من المعارك التي يخوضها الحوثيون، وكان يعاني من أزمة وضغوط نفسية ومعيشية.


- وفي 11 يونيو 2018 قام المسلح الحوثي عامر محمد الرزاحي بقتل والده بعدة طلقات نارية، في عزلة "الأدبعة" بمديرية مبين؛ لأنه دعى بزوال الحوثيين. وهذا المسلح الحوثي معروف بترويجه للمواد المخدرة والحشيش، بحسب المصادر الإعلامية.

- وفي 4 مارس 2018 قام المسلح الحوثي أحمد علي العزب بفتح النار على مجموعة من أقاربه في قرية "الغربي" التابعة لعزلة المسخن، بمديرية بلاد الطعام بمحافظة ريمة، بعد خروجهم من صلاة الظهر، بسبب رفضهم تأدية الصرخة الحوثية التي أجبرهم عليها، ما أدى الى مقتل ثلاثة مدنيين على الفور، وأصيب ثلاثة آخرون بجروح متفاوتة، بينهم امرأة. ولفتت المصادر، الى أن المسلح الحوثي كان عائدا على التو من حضور دوره طائفيه، أقامتها المليشيا لعدد من المواطنين في محافظة ذمار.

- وفي 3 يناير 2018 قام أحد المقاتلين الحوثيين العائدين من جبهات القتال، من أبناء مديرية الجعفرية التابعة لمحافظة ريمة قام بالاعتداء على والده الحاج صالح احمد الحود بالضرب المبرح دون رحمة او شفقة حتى أصبح طريح الفراش من شدة الضرب.

- وفي 27 سبتمبر 2017 أقدم القيادي الحوثي سلطان فارس الدوادي الملقب "أبو عزرائيل" على قتل والده وأفرغ قرابة 30 رصاصة من سلاحه الكلاشنكوف على رأس والده دفعة واحدة بعد أن ربط يديه ورجليه، في مديرية كشر بمحافظة حجة، حيث كشفت مصادر محلية أن القيادي الحوثي "أبو عزرائيل" قتل والده نتيجة تعطيه عقاقير مخدرة يقدمها الحوثيون لمقاتليهم.

- في4 يوليو 2018 قام المسلح الحوثي في محافظة ذمار، أيوب أمين أحمد غانم، بإطلاق الرصاص الحي على والده أمين أحمد غانم الذي كان عائدًا للتو من السعودية، ليفارق الحياة فورًا. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو سجل فيه الوالد المقتول وصيته قبل مغادرته المملكة، مؤكداً، خلال المقطع، أن الحوثيين "أعطوا ولده السلاح لقتله"، وأنه يتعرض للتهديد من قبل نجله وعدم أخذه لها على محمل الجد، إلا أن الولد قام بتنفيذ تهديداته على الفور بقتل والده بعد عودته من الغربة في المملكة العربية السعودية.

- وفي 28 ديسمبر 2013، في مديرية ساقين بمحافظة صعدة، أقدم أحد عناصر الحوثي على قتل والدته وإصابة شقيقته بجراح لرفضهما تسليم مواشيهما للحوثي. 
ولم تكن وحدها عمليات القتل التي يقوم بها المسلحون الحوثيون بحق الأهل والأقارب، بل امتدت إلى الضرب والسحل والتهديد بالقتل لهم إن امتنعوا عن عدم تسليم الزكاة للحوثي في صعدة، كما فعل أحد المنتمين للمليشيا الحوثية بوالده في وادي الاهجر بمحافظة المحويت، حيث قام بالاعتداء عليه بالضرب بأعقاب البندقية والسحل لرفضه تسليم الزكاة للحوثيين بعد أن سلمها للدولة.

أسباب هذه الظاهرة

لم تعد هذه الأحداث شخصية وقليلة أو نادرة في صفوف الحوثيين، بل أضحت ظاهرة في كل المناطق التي يتواجد فيها بعض هذه العناصر المليشوية. ولتتبع أسباب هذه الظاهرة فقد وجدنا أنه تعود للأسباب التالية: 
- الجهل وغسل الأدمغة، حيث تعتمد المليشيا الحوثية على تجنيد عناصرها من أصحاب العقول الجاهلة والفارغة التي يسهل كسبها إلى صفوفها، وتقوم بوعدهم بوعود فارغة من نوع الفانتازيا الغيبية والحجج الواهية، وأنهم ينصرون الدين والوطن وأصحاب "مسيرة قرآنية" بينما تتنافى سلوكياتهم مع كل أخلاق القرآن والتي أوصت بالإحسان إلى الوالدين والأهل ومعاملة الناس بالحسنى. في حين تفشل المليشيا الحوثية عن التجنيد والتعبئة في المناطق والبيئات المتعلمة، ولهذا ركزت كثيراً على تسريب الطلاب من المدارس والاعتماد على تجنيد الأطفال والفتيان المتحمسين من ذوي العقول الفارغة.

- التعبئة الخاطئة؛ إذ تقوم القيادات المليشوية بشيطنة الآخرين والتحريض عليهم، والتدليس على عناصرها بأن الدولة أو خصومها يعملون ضد الوطن والدين وتصورهم أنهم "مرتزقة" أو "دواعش" و"قاعدة" فضلاً عن فريتهم الكبرى أن خصومهم "عملاء لأمريكا وإسرائيل"، وهو ما تغرر به على مليشياتها كنوع من التعبئة والتحريض والدافع للقتال، حتى صورت لهم أن آباءهم وأقاربهم يخدمون "أمريكا وإسرائيل" بوقوفهم مع (العدوان) وضد سياسة المليشيا العنصرية.

- تعاطي العقاقير المخدرة؛ فبالعودة إلى بعض الجرائم السابقة نجد أن من قاموا بارتكاب جرائمهم بحق آبائهم وأقربائهم يقومون بتعاطي المخدرات أو العقاقير التي توزعها عليهم المليشيا الحوثية الانقلابية، وقد ثبتت ميدانياً أثناء الأسر أو اقتحام أوكار المليشيا في الجبهات. حيث تعتمد المليشيا الحوثية للدفع بعناصرها على إعطائهم بعض هذه العقاقير المخدرة وحبوب الهلوسة التي تدفع تلك العناصر بحماس للقتال بحجة منحهم الشجاعة وعدم الخوف من الرصاص "التي لا تصيبهم" بحسب التعليمات الحوثية المضللة. كما قامت الأجهزة الأمنية وقوات الجيش في عمليات مستمرة لإيقاف شحنات المخدرات الحوثية وكشفها قبل وصولها إلى القيادات الحوثية في صنعاء والتي تنشط في تجارتها مع مليشيا حزب الله ومليشيا إيرانية. وتعد "الشمة (البردقان)" من المواد الأساسية التي يتعاطاها العنصر الحوثي، فهي توازي أهمية الذخيرة في ثقافتهم وسلوكهم.

- التزلف لقيادات المليشيا: حيث تسعى هذه العناصر والتي تشعر بالدونية وتريد كسب ود القيادات المليشوية والمشرفين، سعيا لبعض المكاسب كأن تتحول هذه العناصر من عناصر عادية إلى مشرفة لها كثير من الامتيازات سواء الميدانية أو المالية وخاصة في باب الجبايات والنهب التي تقوم به عناصر المشرفين في كل المناطق.

- الحالة النفسية والدموية التي تعتاد عليها هذه العناصر جراء معاركهم الدموية المختلفة وغرس الإجرام وحب الجريمة في نفوسهم، فالعناصر حينما تعتاد على القتل تعود وقد تشربت رؤية الدماء والأشلاء في المعارك ولا تستطيع الخلاص منها في الأوقات العادية، ولذلك فإن هذه العناصر تريد حالة من العلاج النفسي وإعادة التأهيل مستقبلاً إن تمت هناك أية تسوية سياسية. 
وبحسب مراقبين، فإن هذه الجرائم كلها تأتي ترجمة لثقافة الموت التي يغرسها الحوثي في نفوس أتباعه، والتي بات لها مخاطر كبيرة تهدد المجتمع بالتفكك

- تحريض القيادات الحوثية للعناصر المستجدة على قتل آبائهم وأقاربهم بغرض إثبات الولاء لهذه المليشيا؛ إذ تخضع العناصر الجديدة لمثل هذه الاختبارات لمعرفة صدق نواياهم وحتى لا تكون عناصر مندسة في صفوفها.

- أيضاً هناك سبب من الأسباب المغيبة والتي لا تتحدث عنها وسائل الإعلام كثيراً، وهي قيام المليشيا الحوثية القيادية بالاعتماد على السحر والشعوذة التي تصادر بها عقول وإرادة بعض عناصرها إذا أتمرت بأمر تنفذها على الفور دون نقاش أو إبداء أية اعتراضات، وهي سلوكيات متعارف عليها في سلوك الجماعات الإرهابية أو العصابات التخريبية في العالم وفي كل العصور. وتكررت حوادث من هذا النوع من مصادرة الإرادة بفعل هذه الأسعار وخاصة في الفكر الإمامي وسلوكها عبر التاريخ اعتمدت عليها كثيراً في حروبها المختلفة مع الدول السابقة، وحتى مع المواجهات الحوثية في الحروب السابقة كشفت العديد من هذه العمليات.


الجرائم التي ترتكبها العناصر المنتمية لجماعة الحوثي ضد أقرب المقربين إليها تدل دلالة واضحة على التعبئة الخاطئة التي يتلقونها في الدورات الثقافية التي تقيمها جماعة الحوثي لعناصرها، والتي تجاوزت التعبئة للقتال ضد الدولة، إلى قتل أقرب المقربين لعناصر الجماعة. فإذا كانت هذه الجرائم بحق أقرب المقربين إليهم فكيف يتعاملون مع الآخرين من بقية المجتمع؟!

 

تقرير | الإصلاح نت