مايكل نايتس- مركز واشنطن للدراسات
بعد بضعة أيام من "اتفاق ستوكهولم" في 13 كانون الأول/ديسمبر، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة باليمن. ولكن بعض الادّعاءات المدعومة بأدلّة كافية من الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية تشير الآن إلى أن الثوّار الحوثيين المدعومين من إيران قد ارتكبوا العديد من انتهاكات وقف إطلاق النار، بما فيها أكثر من 300 هجوم غير مبرر، وتحصين محظور وواسع النطاق للمناطق الحضريّة، وعدم الوفاء بمواعيد الانسحاب النهائية التي حددتها الأمم المتحدة. وفي حين لم تلجأ الحكومة وحلفاؤها إلى الرد، إلّا أنّ صبرهم بدأ ينفذ [إزاء هذه التطورات].
ولإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار الهش، يجب على الولايات المتحدة أن تحقق بسرعة في ادعاءات التحالف، وإذا ثبتت صحتها فعليها أن تدفع الأمم المتحدة إلى بعث رسالة أقوى إلى الحوثيين - مفادها أن الوقت قصير، وأن المجتمع الدولي سيعتبرهم المتخلّفين عن حفظ السلام إذا انهار الاتفاق. وعندئذ يجب أن يحيط الكونغرس علماً بكافة الانتهاكات المثبّتة، وأن يشير إلى أن واشنطن قد تعيد تقييم معارضتها للحكومة اليمنية لتحرير كامل موانئ البحر الأحمر بقوة السلاح.
التزامات وقف إطلاق النار
تحيط القوات الحكومية حاليّاً بالأطراف الشرقية والشمالية الشرقية لمدينة الحديدة، على بُعد 4 كلم فقط من الميناء وعلى طول الطريق المباشر إلى صنعاء، في حين تحتفظ قوات الحوثي بغالبية المناطق الحضرية والميناء، حيث تقيم أعداداً كبيرة من الخنادق والحواجز وحقول الألغام داخل المدينة. ويتطلب "اتفاق ستوكهولم" والقرار اللاحق لمجلس الأمن الدولي رقم 2451 قيام الجانبين باتخاذ الخطوات التالية:
هجمات الحوثيين خلال فترة وقف إطلاق النار
قدمت الحكومة اليمنية، بدعم طائرة مراقبة حديثة ورادار من التحالف، إحداثيات وأوقات وتفاصيل أخرى دقيقة إلى الأمم المتحدة عن العديد من انتهاكات الحوثيين لوقف إطلاق النار. وبشكل عام، اتّهم التحالف الثوّار بشن 313 هجوماً بين 18 كانون الأول/ديسمبر و2 كانون الثاني/يناير، مما أسفر عن مقتل 25 شخصاً وجرح 197 من القوات الحكومية. وتشمل الاتجاهات الرئيسية في بيانات التحالف ما يلي:
وإذا كانت ادعاءات التحالف التفصيلية دقيقة، يكون الحوثيون قد انتهكوا وقف إطلاق النار بمعدّل 19.5 هجوماً في اليوم اعتباراً من 2 كانون الثاني/يناير. وفي المقابل، يدّعي التحالف أنه لم يطلق أي قذيفة مدفعية أو هاون أو يشن غارات جوية في الحديدة بعد 18 كانون الأول/ديسمبر. ويبدو أن هذا التأكيد جدير بالثقة نظراً لندرة الادعاءات الحوثية فيما يتعلق بهجمات التحالف في إطار وقف إطلاق النار - فعادةً ما يحرص الثوّار كثيراً على الإبلاغ عن جرائم التحالف. وإذا تم الامتناع عن الرد على النيران، فذلك يعني أن التحالف اختار مواصلة وقف إطلاق النار من خلال إظهار ضبط النفس في 313 حالة بدلاً من اللجوء إلى اتخاذ خطوات استباقية أو الانتقام أو الدفاع عن النفس.
التحصينات الحوثية في المناطق المدنية
استغل الحوثيون أيضاً فترة وقف إطلاق النار لزيادة تحصيناتهم [العسكرية] بشكل كبير في مدينة الحديدة، على عكس مقتضيات "اتفاق ستوكهولم" والقرار رقم 2451. فقبل 18 كانون الأول/ديسمبر، كان هناك 157 خندقاً للحوثيين في المدينة، إلّا أنه تم حفر 50 خندقاً جديداً ابتداءً من 2 كانون الثاني/يناير - وهو ادّعاءٌ تدعمه صور جوّيّة تم تقديمها إلى الأمم المتحدة وشاهدها كاتب هذا المقال.
كما قام الحوثيون بنصب العديد من الحواجز داخل المدينة، معظمها حاويات شحن. وقبل وقف إطلاق النار، تم الإبلاغ عن 118 مثل هذه الحواجز، لكن تم تركيب 109 حواجز إضافية اعتباراً من 2 كانون الثاني/يناير. وقد تم حماية بعض هذه الحواجز [بشبكة] حقول ألغام جديدة. وفي الوقت نفسه، تم استهداف مركبات هندسية للتحالف بشكلٍ دوري بواسطة أسلحة مضادة للدبابات، مما منع من إزالة الأنقاض. وبالتالي، لم يتحدَّ الحوثيون متطلبات الأمم المتحدة لـ "إزالة أي مظاهر عسكرية من المدينة" فحسب، بل عرقلوا أيضاً جهود التحالف للتخلص من العوائق في المناطق المحررة.
توصيات في مجال السياسة العامة
تشير الأدلّة المقنعة المقدَّمة إلى الأمم المتحدة إلى أن الحوثيين ينتهكون بشكلٍ صارخ قرار الأمم المتحدة رقم 2451 و"اتفاق ستوكهولم" واتفاقها الخاص بالحديدة. وهذه ليست حالة يتم فيها منح [اتفاق] وقف إطلاق النار وقتاً للعمل: فوفقاً لادعاءات التحالف المدعومة جيداً، كان عدد الانتهاكات الحوثية في 1 كانون الثاني/يناير يساوي عددها في 22 كانون الأول/ديسمبر، وكان عدد الوفيات التي تسبب بها الحوثيون أكبر بـ7 مرّاتٍ بعد العام الجديد. وهذا الاستهتار المتعجرف بالقرار رقم 2451 ينبع على الأرجح من واقع [سماح] المجتمع الدولي والكونغرس الأمريكي للحوثيين بالإلتزام بمعايير سلوك أدنى مستوى بكثير من تلك التي يلتزم بها التحالف الخليجي والحكومة اليمنية. ويبدو أن الأيام الأولى من وقف إطلاق النار تُظهر أن هذه المعايير المزدوجة مضرّة بإمكانيات إحلال السلام، وأنه في حين يمكن الوثوق بالتحالف من ناحية الحفاظ على وقف إطلاق النار، إلّا أنه لا يبدو أنه بإمكان الوثوق بالحوثيين على الحفاظ عليه.
تحتاج الولايات المتحدة إلى العمل كوسيطٍ نزيهٍ لمساعدة "لجنة تنسيق إعادة الانتشار" التابعة للأمم المتحدة ومقرها في الحديدة على الإسراع في تقييم الأدلة حول سوء سلوك الحوثيين، خاصة فيما يتعلق بالهجمات المركزة بالمناطق الريفية التي يتعذر على بعثة الأمم المتحدة الوصول إليها. وإذا تم إثبات الانتهاكات الصارخة لوقف إطلاق النار، ينبغي على واشنطن استخدام قنواتها الخلفية مع الحوثيين لإبلاغهم بأنها ستؤيد علناً حق القوات اليمنية وقوات التحالف في الدفاع عن نفسها في المستقبل، وستُحمّل الحوثيين مسؤولية خرق وقف إطلاق النار.
إن فشل الثوار في إخلاء موانئ البحر الأحمر بحلول الأول من كانون الثاني/يناير أو المدينة بحلول الثامن من كانون الثاني/يناير يشكل تهديداً خطيراً آخر لمصداقية عملية السلام. يجب على واشنطن الضغط على الحوثيين - بشكلٍ مباشر أو غير مباشر - لإخلاء هذه المناطق بشكل كامل وفوري. وفي الوقت نفسه، لا ينبغي للأمم المتحدة تمديد المهلة الزمنية، ولا ينبغي أن يُتوقَّع من الحكومة اليمنية الانسحاب من طريق الحديدة - صنعاء إلا عندما يغادر الحوثيون الموانئ والمدينة. وقد تستمر شاحنات الإغاثة في المرور عبر نقاط التفتيش التي تسيطر عليها الحكومة والتي تتمركز في تقاطع الكيلو 8 و10 و16، ولكن ينبغي الحفاظ على الضغط القسري الذي تشكّله القوات اليمنية شمال مدينة الحديدة إلى أن يتراجع الحوثيون عن أعمالهم التي تدل على سوء النية وفقاً لبعض التقارير، وينفذوا شروط وقف إطلاق النار. وإذا أثبت الثوار أنهم غير مستعدين لمغادرة الموانئ والمدينة بحلول نهاية كانون الثاني/يناير، ينبغي على الولايات المتحدة أن تعلن أنها لن تكبح بعد الآن تحرير هذه الأراضي بالقوة.
مايكل نايتس هو زميل أقدم في معهد واشنطن، وكان قد زار جبهات القتال في الحديدة مرتين خلال العام الماضي.