2019/06/12
ما وراء تصاعد انتحار "الطلاب اليمنيين" المبتعثين في الخارج.. تفاصيل هامة (وثائق)

خالد الحميري- المشاهد

أقدم الطالب اليمني محمد عثمان علي دجيرة (24 عاماً)، الذي يدرس إدارة أعمال بالجامعة العثمانية بمدينة حيدر أباد الهندية، على الانتحار شنقاً في شقته بمنطقة أندرا براديش بولاية حيدر أباد، نهاية مايو الماضي.
النهاية المأساوية لحياة شاب يمني عشريني توجت مسيرة قصيرة لكنها حافلة بالخيبات. محمد غادر اليمن واستقر في الهند لكنه لم يتمكن من تثبيت اقامته بشكل شرعي وعانى من تقاعس السفارة والقنصلية اليمنيتين لمناشداته ورسائله للمسؤولين فيهما، لحل مشكلته التي يواجهها مع الأمن ومكتب الهجرة هناك.
الحكاية ليست الأولى، فقد تكررت حوادث انتحار طلاب يمنيين مبتعثين للدراسة في دول الهند وماليزيا والجزائر وألمانيا، خلال السنوات الثلاث الماضية.
تم ربط تلك الحالات بالضغوط النفسية الناتجة عن الظروف القاسية التي يعيشونها بسبب تأخر صرف مستحقاتهم المالية من قبل الحكومة، ممثلة في وزارة التعليم العالي، وفق ما وثقه محرر “المشاهد”، الذي رصد 8 حالات انتحار ليمنيين في تلك الدول، من بينهم دجيرة.
يبلغ عدد الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج أكثر من 9 آلاف طالب وطالبة، موزعين على 38 بلداً حول العالم، بحسب المنسقية الإعلامية لرابطة الطلاب اليمنيين الدارسين في الخارج.
وتشير بيانات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن إجمالي مستحقات الطلاب المبتعثين للربع الواحد من العام 13 مليون دولار.

اتهام بالتقصير

تداول ناشطون وطلاب يمنيون في الهند، صوراً لرسائل من الطالب دجيرة للسفير اليمني لدى الهند عبدالملك الإرياني، والقنصل محمد الشرعبي، عبر تطبيق “واتساب”، ناشدهما فيها حل قضيته، غير أنه لم يتم الرد عليه.
وحملت اتحادات الطلاب اليمنيين في عدد من المدن الهندية، السفارة اليمنية في الهند، المسؤولية الكاملة عن انتحار الطالب دجيرة، عقب تقاعسها عن حل مشكلته مع مكتب الهجرة الهندي، باعتباره الجهة المعنية بمثل هذا الإجراء.
وطالب اتحاد الطلاب اليمنيين في ولاية ميسور الهندية، في بيان -حصل “المشاهد” على نسخة منه- رئاسة الجمهورية والحكومة اليمنية، بالتحقيق في حادثة انتحار الطالب دجيرة، وجميع الحوادث المماثلة التي حصلت في السنوات السابقة، ومحاسبة المتسببين فيها وفق القانون اليمني.


الحكومة اليمنية أعلنت أنها بصدد التحقيق في قضية انتحار دجيرة، وتقييم تعامل السفارة والقنصلية مع القضية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المقصرين.
رد السفارة اليمنية في الهند
ورداً على الاتهامات الموجهة للسفير والقنصل بعدم الرد على دجيرة، نشرت السفارة اليمنية في الهند بياناً أكدت فيه أن دجيرة تواصل مع القنصل محمد سعيد الشرعبي، في فبراير ‏‏2019، وطلب القنصل منه إرسال وثائقه، ‏مشيرة إلى أن السفارة حررت مذكرة رسمية لمكتب الجوازات الهندي (‏FRRO‏) في ‏حيدر أباد، بتاريخ 22 فبراير 2019، وتمت متابعة موضوعه وحل الإشكال.


وأوضحت السفارة اليمنية في نيودلهي، في البيان الذي حصل “المشاهد” على نسخة منه، قبول مكتب الجوازات الهندي تمديد إقامة الطالب دجيرة حتى تاريخ 31 أغسطس 2019، مشيرة إلى أن ما يشاع عن انتحاره بسبب عدم تجاوب السفارة مع مناشداته، غير صحيح.
وأرفقت السفارة اليمنية بالبيان مجموعة وثائق تضمنت رسائل الطالب دجيرة للقنصل اليمني محمد سعيد الشرعبي، ورد الأخير عليها، ونسخة من المذكرة التي وجهتها السفارة بشأنه لمكتب الجوازات الهندي، بالإضافة إلى صورة من وصية الطالب دجيرة.
وأشارت السفارة اليمنية في الهند، بحسب البيان، إلى أن الوصية التي كتبها الطالب محمد عثمان دجيرة، بخط يده، قبل انتحاره، لم يشر ‏فيها إلى أن انتحاره كان بسبب تقصير السفارة أو عدم تجاوبها معه، لافتة إلى أن التحقيقات في ملابسات الوفاة لاتزال جارية.

إقرأ أيضاً  اتفاق الحديدة: الحوثي اعتبره التزام والحكومة مسرحية وجريفيث بداية جديدة


أسباب دفعتهم إلى الانتحار
ورغم صعوبة تحديد ما جال بخلد الطالب دجيرة قبل أن يقدم على قتل نفسه لكن بلا شك فإن الكثير من طلاب اليمن في الخارج يعيشون ظروفاً صعبة، بسبب عوامل عديدة ولعل أكثر هذه العوامل ضغطاًَ انقطاع مستحقاتهم المالية أو تأخر صرفها من قبل الحكومة لعدة شهور.هذا الواقع أجبر البعض على التوقف عن الدراسة واللجوء للعمل لتوفير لقمة العيش بعد طردهم من قبل الجامعات، بسبب عجزهم عن سداد الرسوم الدراسية.

وصية محمد علي عثمان: أخر ما كتبه قبل الإنتخار

طالب الدراسات العليا في الهند خالد محمد عثمان نايف، لم يتحمل الظروف المعيشية التي عاشها بعد انقطاع مستحقاته المالية لأكثر من عام، ما جعله يختار الانتحار شنقاً في سكنه بولاية شينتور الهندية، في فبراير 2018.
وأقدم الطالب في جامعة “آبت” الماليزية، إبراهيم صلاح العيسائي، على الانتحار، في فبراير 2017، برمي بنفسه من الدور الـ20، من شرفة الشقة التي يسكنها مع زملائه، نتيجة الظروف المادية الصعبة التي يعيشها.
وتعد هذه حادثة الانتحار الثانية ليمنيين في ماليزيا، حيث سبق أن انتحر الشاب اليمني هزام الرداعي، في منتصف يونيو 2016، بإلقاء نفسه من الدور الـ10 من برج سكني في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
ومطلع فبراير 2017، أقدم الطالب اليمني محمد الذمراني (21 عاماً) على الانتحار برمي نفسه من الطابق الثالث لمبنى السكن الجامعي التابع لجامعة قسنطينة في الجزائر، عقب أسبوع من انتحار الطالب اليمني إبراهيم العيسائي في ماليزيا، وبنفس الطريقة.
وكانت الجزائر شهدت حادثة انتحار سابقة لطالب يمني في العام نفسه، حيث أقدم الطالب أحمد مثنى على الانتحار شنقاً، في مارس 2017، بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها نتيجة تأخر صرف مستحقاته المالية.
وفي أغسطس 2017، أقدم الطالب اليمني جامعة “HTW berlin” الألمانية، هشام العامري، على الانتحار في مقر سكنه بمدينة برلين، بسبب تردي وضعه المعيشي وعجزه عن دفع تكاليف الدراسة ومتابعته للمنحة الدراسية في الملحقية والسفارة منذ سنوات دون جدوى.
وعُثر على جثة طالب الدراسات العليا اليمني موسى الوجيه مقتولاً، في أكتوبر 2016، أسفل العمارة التي يسكن فيها بمدينة جايبور بولاية راجستان الهندية، في ظروف غامضة.
وتشهد عدد من دول الابتعاث احتجاجات للطلاب اليمنيين واعتصامات في السفارات اليمنية في تلك الدول، لمطالبة الحكومة اليمنية بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة، والإسراع بسداد أقساط الدراسة إلى الجامعات التي يدرسون فيها.

تم طباعة هذه الخبر من موقع تعز أونلاين www.taizonline.com - رابط الخبر: http://taizonline.com/news19528.html