2020/01/05
قاسم سليماني… ما هي تداعيات مقتله على اليمن؟

أحمد عبدالله- المشاهد 

تبدو المنطقة العربية كما لو أنها على فوهة بركان عقب مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، إلى جانب نائب رئيس قوات “الحشد الشعبي” في بغداد أبو مهدي المهندس.

وبحسب السفير الإيراني لدى العراق ايرج مسجدي، فقد استهدفت ضربة صاروخية أمريكية سيارتين كانتا تقلان سليماني والمهندس، على طريق مطار بغداد، أدت إلى مقتل جميع مرافقيهم.

وجاء هذا الهجوم، عقب أيام فقط من اقتحام محتجين السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء في بغداد، من قِبل قوات الحشد الإيرانية الموالية لإيران، رفضا للهجمات الأمريكية على معسكراتهم في سوريا والعراق.

وحتى الآن يبدو الغموض، سيد الموقف، رغم حدة ردود الأفعال، خاصة مع وجود توتر كبير بين إيران وبعض الدول الخليجية منذ أشهر.

من هو سليماني؟

ولد سليماني في إيران عام 1957، وهو قائد فيلق القدس منذ عام 1998التابع للحرس الثوري الإيراني، المعروف بقيامه بعمليات عديدة سرية، وهو أحد أبزر الشخصيات المقربة من الرئيس الإيراني حسن روحاني.

انخرط سليماني مبكرًا في المجال العسكري، وانضم إلى الحرس الثوري هناك عقب “الثورة الخمينية” عام 1979، وشارك في الحرب التي اندلعت سابقًا بين إيران والعراق، كما شارك في 2013 في القتال إلى جانب نظام بشار الأسد بسوريا، وقبلها في العراق، ولبنان.

وأدرجت الولايات المتحدة الأمريكية سليماني سابقًا في قائمة الإرهاب، وفرضت عليه مرارًا عقوبات، كونه متورطًا في استهداف المصالح والجنود الأمريكيين.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن بلاده قتلت سليماني لمنع قيام الحرب وليس لإشعالها، وهو ما جعل بعض المراقبين يتوقعون زيادة نفوذ إيران في العراق وليس تقليصه، خاصة أنه ظهر طوال السنوات الماضية تناغم في أهداف واشنطن وطهران، وبالتالي لم يكن مقتله سوى ورقة رابحة أراد ترامب الاحتفاظ بها لدعمه في ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة.

تهديد حوثي للمصالح الأمريكية

توالت الكثير من ردود الأفعال بعد مقتل سليماني، وطغت عليها الصيغة التصعيدية من قِبل إيران ووكلائها في المنطقة، ما ينذر بوصول التوتر في المنطقة إلى ذروته وربما انعكاس ذلك على أرض الواقع.

فقد هدد زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي في بيان له بالانتقام، وقال “إن الشيطان الأكبر المستكبر الأمريكي”، باشر جريمة عدوانه بمتابعة من مستوياته القيادية العليا، ولن تذهب دماء “الشهداء” (في إِشارة إلى سليماني) هدرًا.

وسارعت جماعة الحوثي إلى الدعوة لاستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة، وقال القيادي في المجلس السياسي الأعلى محمد الحوثي في تغريدة له إن “الرد السريع والمباشر” على مقتل سليماني هو الخيار والحل.

وقابل غضب الحوثيين ذاك، ابتهاج فئة كبيرة من اليمنيين بذلك الخبر، كون جماعة الحوثي مدعومة من إيران.

ويعتقد الباحث في الشؤون الخليجية والإيرانية عدنان هاشم أن مقتل سليماني، بقدر ما أبهج بعض اليمنيين بسبب دوره في دعم الحوثيين، إلا أنه قد يدفع المنطقة إلى حرب، واصفًا مقتله بأنه نقطة تحول كبيرة في علاقة إيران بالولايات المتحدة، وعلاقة إيران بدول الخليج والمنطقة، ما يعني تصاعد العنف بالوكالة وقد يدفع إلى حرب متعددة الأطراف في مياه الخليج.

وتوقع في تصريح لـ”المشاهد” أن تندفع إيران لاستخدام الحوثيين لشن هجمات على منشآت النفط في الخليج، وهو ما يتفق معه الصحفي وضاح الجليل الذي أفاد أن جماعة الحوثي تعد أهم أذرع إيران في المنطقة وأصبحت تمثل أهمية كبرى لهم وتكاد تنافس حزب الله، ما يعني أنها ستكون ضمن الخيارات التي يمكن أن تستخدمها طهران للرد والانتقام لمقتل سليماني.

وعن طبيعة ذلك، أوضح لـ”المشاهد” أن هناك مصالح أمريكية قريبة من الحدود اليمنية، لكن صواريخ الحوثيين أو طائراتهم المسيرة لن تكون قادرة على الوصول لها داخل السعودية، كون أغلب أهدافهم السابقة كانت سعودية بحتة ولم تتعلق بالتجارة العالمية.

ولا يستبعد الجليل استهداف الحوثيين لخطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، كوسيلة لاستفزاز أمريكا، وضرب أهداف هناك أسهل من الوصول لأماكن حيوية للغاية في المملكة، لافتًا إلى إصرار إيران على الإبقاء على نفوذها في اليمن لموقعها الاستراتيجي ونيتها في بناء قاعدة عسكرية لابتزاز العالم، فضلًا عن اهتمام سليماني بملف اليمن ودعمه لجماعة الحوثي بإرسال السلاح والخبراء، ما يعني أن مقتله سيؤثر بشكل سلبي عليهم.

وبدا الرد الإماراتي هادئًا، فقد دعا وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، إلى معالجة سياسية للموقف بعيدا عن التصعيد، ومثلها السعودية فقد دعت إلى “ضبط النفس، لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع”.

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف، قال إن واشنطن تتحمل مسؤولية جميع عواقب ما وصفه بـ”مغامراتها المارقة”.

تداعيات محتملة للمواجهة

كثيرًا ما ردت إيران على السعودية عبر الحوثيين الذين استهدفوا مقرات ومواقع حيوية في الرياض بينها أرامكو النفطية، وعليه يتوقع الصحفي وضاح الجليل أن تحاول إيران الرد على الضربة الأمريكية لكن شكل ذلك غير واضح حتى الآن، فالرد العسكري المباشر سيكون صعبًا؛ كونه سيفتح بابًا للحرب مع واشنطن، وهو ليس أسلوبها الذي يعتمد على الاستنزاف أو الوكلاء، والذي ستكون كلفته كبيرة على طهران التي ستلحق بها الخسائر، والذي يعني كذلك استهداف مزيد من قادتها وتقليص نفوذها في سوريا والعراق.

ورغم استفزاز إيران لأمريكا إلا أن طبيعة الرئيس دونالد ترامب الذي يتجنب خوض حروب مباشرة معها، جعلته يرد بطريقته عبر مقتل سليماني حسب تأكيد الجليل لـ”المشاهد”، مشيرًا إلى اعتقاد طهران أن ما حدث في العراق ولبنان من حراك شعبي كان يستهدفها بدعم واشنطن، وهو ما جعلها ترد عبر استهداف السفارة الأمريكية.

ولا يتوقع الجليل شكل الرد الإيراني لكنه قال إنها قد تقوم باستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة بشكل مختلف عن الوسائل السابقة، وربما قد يكون ما حدث لها دافعًا للتفكير بطريقة أخرى للتعاطي مع واشنطن كون ما حدث لها يشكل “إهانة كبيرة”، وقد تقدم تنازلات بعدما رأت أمريكا جادة بالرد على ممارساتها، وهو ما سيتضح لاحقًا.

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” أن واشنطن سترسل قرابة 3000 جندي من لواء قوة الرد السريع بالفرقة 82 المحمولة جوًا، إضافة إلى الشرق الأوسط، كإجراء احترازي مناسب ردًا على ازدياد مستويات التهديد للمنشآت والأفراد الأمريكيين وسيساعد في إعادة تكوين قوة الاحتياط، وفق البيان الصادر عنها.

ولن تقدم إيران تنازلات كبرى، وإن حدث فقد تكون مرحلية بسيطة دون أن تقلص نفوذها في المنطقة وقد تعمد إلى ابتزاز أمريكا من خلال نفوذها في أفريقيا، يستدرك الجليل.

خسارة إيرانية لن تعوض

ورغم أهمية سليماني الذي يشكل مقتله، بحسب الجليل، ضربة قوية لإيران بسبب الأوراق الكثيرة التي كانت بيده والذي كان الحاكم الفعلي في العراق، إلا أن الأمر لا يعني أنها خسارة نهاية لطهران التي لديها قادة آخرين بينهم من عملوا تحت إمرة قاسم، وقد يتبعون مناهج أخرى أو يمضون على ذات طريقه مع تطويرها، وهو ما يختلف معه الباحث في الشؤون الخليجية والإيرانية عدنان هاشم الذي استبعد إمكانية أن تجد إيران شخصية تأخذ مكان قاسم سليماني الشخصية المتفردة، بقدراته وذكائه وتحركاته وصناعة رمز ظل لعقود مسؤولاً عن عمليات طهران الخارجية أو “تصدير الثورة”.

الجدير ذكره أن أسعار النفط قفزت بأكثر من 5% صباح أمس الجمعة (3 ديسمبر) في الأسواق الآسيوية، فقد ارتفع سعر برميل النفط الخام الخفيف تسليم شباط/فبراير بنسبة 4,3% في التعاملات الإلكترونية ليصل إلى 63,84 دولارًا، في حين ارتفع سعر برميل خام برنت تسليم مارس بنسبة 4,4% ليصل إلى 69,16 دولارًا.

تم طباعة هذه الخبر من موقع تعز أونلاين www.taizonline.com - رابط الخبر: http://taizonline.com/news25264.html