2020/01/23
المرأة اليمنية… عنف تجاوز حدود المكان والأسرة

المشاهد

بعد زواج اليمنية رهام محسن (اسم مستعار وفق طلبها) من رجل يمني مغترب، سافرت معه، حيث يعيش (لا تريد الإفصاح عن بلد الاغتراب أو منطقتها في اليمن)، لكنها صدمت فور وصولها من المعاملة غير الإنسانية من قبله في مكان لا يتواجد فيه أقاربها.
وتقول رهام لـ”المشاهد”: “طبعه سيئ، كان يضربني بسبب وبدون سبب؛ ولا تكاد تمر ليلة دون أن يمارس معي أبشع أنواع العنف، كأنه ينتقم من شيء لا أعرفه، حتى وصل الأمر إلى قطع تواصلي مع أهلي نهائياً”.
رهام التي أنجبت من زوجها 4 أطفال، حاولت العودة إلى أسرتها، لكنه كان يمنعها من ذلك، أو لا يساعدها في العودة إليهم.
وبعد 15 عاماً من العيش في جحيم الزوجية، تعرفت على أسرة يمنية في بلد الاغتراب، وباحت لهم بقصتها، وما تعانيه من عنف لفظي وجسدي من زوجها، فعملت تلك الأسرة على مساعدتها بالهرب، وإعادتها إلى اليمن، كما تقول.
ولا يقتصر العنف ضد المرأة على الزوج، بل من الأسرة والمجتمع ككل. وزاد تفاقماً في سنوات الحرب، إذ تعرضت المرأة لاعتداءات في حواجز التفتيش من قبل الجماعات المسلحة، بما فيها الحوثيون، حتى وصل الأمر إلى الاعتقال واغتصابهن في المعتقلات، وفق ما تناولته تقارير منظمات دولية ومحلية.

لماذا العنف ضد المرأة؟

العنف الذي عانت منه رهام، تواجهه سيدات يمنيات كثر، وفق الموقع الرسمي لمنظمة العفو الدولية، في 16 ديسمبر 2019، مؤكداً أن اليمن يحتل المرتبة الأخيرة في المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين الذي وضعه المنتدى الاقتصادي العالمي، للسنة الـ13 على التوالي، إذ ظلت النساء يعانين من عدم المساواة في النوع الاجتماعي المترسخ بشدة في مجتمع موغل في النزعة الذكورية، وذي أدوار صارمة بين الجنسين.
وقالت منظمة العفو الدولية، في تقريرها “اليمن: من أسوأ البلدان في العالم للنساء”، إن تزايد أدوار ومسؤوليات المرأة اليمنية أثبت أنه سيف ذو حدين. وبالرغم من أن تغير الأدوار المتعلقة بالنوع الاجتماعي يمكن أن يتيح فرصة لتخفيف وطأة الوضع الراهن الذي تعيشه المرأة اليمنية عندما تكون مسلحة بقدرات مناسبة، فإن النتيجة التي ترتبت على هذه المرحلة الانتقالية، جعلتها تتعرض أكثر فأكثر للعنف البدي والجنسي. وأظهرت الأدبيات المتوفرة أن المجتمعات التي تسود فيها المعايير الصارمة المتعلقة بالنوع الاجتماعي، يشعر فيها الرجال بالضعف والتهديد عندما تتعرض هذه الأدوار إلى التغيير، الأمر الذي يمكن أن يقود إلى تزايد العنف بين الشريكين الحميمين.
ونشرت العديد من النساء في مواقع التواصل الاجتماعي، قصصاً عن المعاناة وآراء تجاه ظاهرة العنف، تحت هاشتاج “احنا معش”.

الأخصائية الاجتماعية نجاة الصائم: أهم أسباب العنف ضد المرأة،هو النظرة الدونية لها، والتي تقلل من شأن المرأة في كافة الجوانب، وكذا التفسير والفهم الخاطئين للنصوص القرآنية، كما أن التنشئة الاجتماعية التي تعزز القيم الذكورية، وتسلط الذكور عليهن، هي من أهم الأسباب. 

وجاءت الحملة التي أطلقتها المصورة جهاد محمد، في “السوشيل ميديا”، لمناهضة العنف ضد المرأة. وتقول جهاد عن هدف الحملة: “حبينا نوصل صوت المرأة اليمنية المعنفة أكثر إلى المجتمع اليمني، وإرسال رسالة للمرأة أن تدافع عن نفسها ولا تسكت عن حقها”، مضيفة أن الحملة لفتت انتباه المجتمع.
ومن أهم أسباب العنف ضد المرأة، بحسب الأخصائية الاجتماعية نجاة الصائم، هو النظرة الدونية لها، والتي تقلل من شأن المرأة في كافة الجوانب، وكذا التفسير والفهم الخاطئين للنصوص القرآنية، كما تقول، مضيفة أن التنشئة الاجتماعية التي تعزز القيم الذكورية، وتسلط الذكور عليهن، هي من أهم الأسباب.

هناك جيل يرى تعنيف المرأة جزءاً من التربية في سبيل إصلاح اعوجاجها.


وأدت الصور النمطية السلبية بشأن أدوار النوع الاجتماعي والمواقف الذكورية، والنظام القانوني التمييزي، وانعدام المساواة الاقتصادية، إلى مفاقمة الوضع الهش للمرأة في ما يخص تعرضها للعنف، بحسب موقع منظمة العفو الدوية.
وترى سناء سعيد، وهي ربة بيت يمنية، أن العنف قد لا يكون علامات على الجسم أو ضرباً، حتى تجريح بالكلام، العنف أحياناً يكون حرمان الفتاة من حق مشروع كحقها في التعليم واختيار شريك الحياة.

مخاطر متزايدة عند نقاط التفتيش

وتواجه المرأة اليمنية التي لا يرافقها أحد أقاربها، مخاطر متزايدة من العنف عند نقاط التفتيش. ويشمل أحد التكتيكات الفعلية التي تستخدمها السلطات الفعلية للحوثيين، حلق شعر الرأس، ولاسيما رؤوس العرائس الجدد اللاتي يسافرن بين المحافظات بمفردهن، عند نقاط التفتيش، بهدف الاجتماع مع أزواجهن، بحسب موقع منظمة العفو الدولية.
وفي هذا المجتمع، يُتوقع من المرأة جذب زوجها جسدياً، فضلاً عن الاعتناء به. وعادة ما ينتهي الأمر بهؤلاء النساء إلى الطلاق، والعار، والحزن. وفي الغالب تتردد ضحايا العنف اللاتي يتعرضن لحلق الرأس مثلاً، في الإبلاغ عن الانتهاك الذي تعرضن له، إذ يخشين من ردة فعل مجتمعهن المحلي ومسؤولي الأمن، بحسب المصدر نفسه.

تأثيرات سلبية على الأبناء

ويؤثر العنف الأسري في تكوين شخصية الفرد، نتيجة لتعرض أحد الوالدين أو كليهما للعنف، لأنه ينعكس سلباً على تربيتهم للأبناء، كما تقول الدكتورة وديعة الحكيمي، الأخصائية النفسية في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية (الأمل للطب النفسي).
وينشأ جيل يرى تعنيف المرأة جزءاً من التربية في سبيل إصلاح اعوجاجها، وترى الحكيمي أن العلاج “يركز على الوالدين بدرجة أولى. وهو ما كان يقلق رهام، إلى جانب معاناتها النفسية طوال فترة زواجها، حتى تمكنت من العودة من بيت الزوجية، كما تقول، مضيفة: “الآن فقط أستطيع النوم بأمان، ودون أن يؤلمني جسدي من الضرب، بعد أن تمكنت من العودة إلى أسرتي”.

تم طباعة هذه الخبر من موقع تعز أونلاين www.taizonline.com - رابط الخبر: http://taizonline.com/news25638.html