2018/10/10
نواب يحزمون حقائبهم إلى الرياض.. محاولات لإحياء البرلمان اليمني الشائخ والمجمَّد؟ (تقرير خاص)

بعد مرور قرابة أربع سنوات على آخر اجتماع له في العاصمة صنعاء استأنفت السلطة الشرعية اليمنية مؤخراً ترتيبات جديدة لمحاولة إحياء مجلس النواب من جديد.

 

وحسب تتبع تاريخ اجتماعات البرلمان اليمني، المؤسسة المعنية بالتشريع والرقابة، فإن آخر اجتماع له كان في الثامن عشر من ديسمبر 2014 بعد اجتياح مليشيات الحوثيين للعاصمة صنعاء وفي تلك الجلسة تم منح حكومة خالد بحاح الثقة ليختفي بعدها البرلمان الشرعي الموحد وتبقى نسخة مجتزأة من البرلمان تضم أقل من 30% من أعضاء المجلس الذين ساندوا الإنقلاب ومعظمهم من حزب الرئيس السابق (المؤتمر الشعبي العام) وآخرين كانوا قد أعلنوا في وقت سابق ولاءهم لجماعة الحوثيين.

 

وحصل المصدر أونلاين على معلومات عن وصول عدد من أعضاء مجلس النواب إلى العاصمة السعودية الرياض وآخرين يتم الترتيب لسفرهم إلى هناك من منافيهم المتعددة بعد أن تلقوا دعوات للحضور من رئاسة المجلس وعبر الكتل النيابية للأحزاب.

 

تحدث “المصدر أونلاين” إلى عدد من أعضاء البرلمان لمعرفة تفاصيل هذه الترتيبات والإجتماع المزمع انعقاده وعن الهدف من هذا الإجتماع، وأكد أحد الأعضاء للمصدر أونلاين أن الترتيبات الجارية تهدف إلى استئناف انعقاد مجلس النواب داخل اليمن، ورجح أن يكون مقر انعقاده في مدينة سيؤون بوادي حضرموت (شرق اليمن) في ظل تعقيدات عسكرية وأمنية تشهدها العاصمة المؤقتة عدن التي تتحكم فيها القوات الإماراتية وأذرع عسكرية محلية تابعة لها، ومع أن مدينة سيؤون مطروحة كخيار لمكان انعقاد المجلس إلا أن نائباً آخر قال إنه يمكن انعقاد المجلس حتى في عدن رغم التعقيدات الظاهرة.

 

  ورداً على سؤال “المصدر أونلاين” كيف يمكن ذلك؟ رد بالقول "إذا أراد التحالف للمجلس أن ينعقد في عدن فكل هؤلاء المسلحين بمختلف تسميات فصائلهم وتشكيلاتهم سيتحولون إلى حراسة تؤمن انعقاد المجلس . 

 

وحسب النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية الوضع فإنه تم استدعاء أعضاء المجلس إلى الرياض لإجراء ترتيبات انتخاب هيئة رئاسة جديدة لمجلس النواب بعد تعطل الهيئة السابقة وعدم قدرتها على مغادرة اليمن.

 

وتضع مليشيات الحوثيين رئيس المجلس يحيى الراعي ونوابه تحت الإقامة الجبرية حيث لا يستطيعون مغادرة صنعاء، خاصة بعد المواجهات الدامية التي دارت بين الحوثيين وصالح في ديسمبر الماضي وانتهت بمقتله.

 

«مجلس النواب اليمني هو الغرفة التشريعية الرئيسية المخولة بسن القوانين والرقابة على أداء السلطة التنفيذية ويتكون من 301 عضواً وكانت آخر دورة انتخابية في إبريل ٢٠٠٣ لتدخل بعدها البلاد في حالة انسداد سياسي حالت دون إجراء انتخابات برلمانية إلا أن المبادرة الخليجية التي أعقبت ثورة فبراير 2011 نصت على التمديد لمجلس النواب على أن تكون قراراته بالتوافق وليس بالأغلبية».

 

 برلماني آخر أكد لـ"المصدر أونلاين" أنه تلقى دعوة للسفر إلى الرياض ولا يزال بانتظار استكمال إجراءات الحصول على تأشيرة دخول إلى المملكة السعودية إلا أنه قال إنه لم يتلقَّ أي تفاصيل عن الهدف من الحضور وما الذي يمكن أن يناقشه الإجتماع الذي يتم الترتيب له بعد أن تم إفشال انعقاد اجتماع المجلس أكثر من مرة خلال الأعوام الماضية.

 

وتوقع أن يكون الهدف من الدعوة للإجتماع مقتصراً على اختيار هيئة رئاسة جديدة للمجلس وذلك أمر سيكون قد تم الترتيب له مسبقاً، حسب المصدر البرلماني، وأضاف "في هذه الحالة يتردد كثير من النواب عن الحضور ويشعرون أنهم سيكونون مجرد ديكور لشرعنة الإجراءات ليتم إعادتهم بعدها إلى الهامش كما ظلوا مجمدين طيلة السنوات الماضية".

 

وحسب المصدر فإن ما يجعل كثيراً من الأعضاء مترددون في الحضور هو عدم اتضاح أجندة الإجتماع إلا أنه رجح أن تحريك البرلمان في هذا التوقيت هو محاولة لتحفيف الضغط على السلطة الشرعية ومنحها ورقة قوة تسندها في مواجهة التجاوزات التي تقدم عليها الإمارات، وأشار البرلماني إلى مستجدات الأوضاع في عدن والتحركات العسكرية التي تديرها الإمارات هناك عبر أذرعها العسكرية المحلية بغرض فرض الإنفصال.

 

ويحتفظ الرئيس هادي بمجلس النواب كورقة شرعية في وجه من يشككون بشرعية السلطة القائمة إلا أنه يتخوف من أن تكون مخرجات اجتماع المجلس ليست لصالحه خاصة أنه لا يثق في ولاء كثير من الأعضاء الذين كانوا إلى وقت قريب يقفون خلف الرئيس السابق صالح كجزء من منظومة الإنقلاب في صنعاء.

 

وفيما ذهب أحد الأعضاء الذين تحدثوا لـ"المصدر أونلاين" إلى أن الإجتماع البرلماني الذي يجري الترتيب له يحظى بدعم المملكة العربية السعودية، فإن آخرين استبعدوا ذلك وحسب إفادة أحدهم "نحن مؤسسة شرعية منتخبة والجميع يحرص على بقائنا لكن لا أحد لا الرئيس ولا التحالف يريد إعادة تفعيل المجلس".

 

وكانت الحكومة السعودية رتبت لعقد لقاء يجمع أعضاء مجلس النواب اليمني بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 15 اغسطس 2017 وصرفت للنواب الذين حضروا الإجتماع مكافأة مالية بواقع نصف مليون ريال سعودي لكل نائب (133 ألف دولار).

 

ذكريات المكافأة السابقة التي حصل عليها البرلمانيون اليمنيون من ولي العهد السعودي، بعد أن مروا بسنوات عجاف، تجعل أي دعوة للحضور إلى السعودية مغرية مهما كانت التحفظات أو المخاوف وحسب تتبع خارطة النواب الذين يحزمون حقائبهم للسفر إلى الرياض فإن أكثرهم حماساً أعضاء الكتلة البرلمانية التابعة لحزب الرئيس السابق صالح (المؤتمر الشعبي) الذين لم يحضروا اللقاء السابق.

 

يذكر أنه وبعد مرور خمسة عشر عاماً على انتخاب مجلس النواب اليمني، ما يجعله مرشحاً للقب أطول البرلمانات عمراً في العالم، فإن أكثر من ثلاثين عضواً من أعضائه قد توفوا أي ما نسبته  10% من قوام المجلس، وآخرون أدركتهم الشيخوخة.

 

برلمانيون آخرون، وكل النواب الذين تحدث إليهم "المصدر أونلاين" يطلبون عدم ذكر أسمائهم لحساسية الوضع القائم، توقعوا أن يكون الترتيب للإجتماع هذه المرة أكثر جدية من السابق خاصة بعد المستجدات التي تشهدها العاصمة المؤقتة عدن.

 

يقول أحد النواب "يبدو أن الرئيس يحتاج حالياً أكثر إلى البرلمان لإسناده في مواجهة التجاوزات التي زادت عن حدها" ويضيف "هناك إصرار على إبعاد الرئيس والحكومة عن البلاد وإبقاء السلطة الشرعية خارج اللعبة".

 

وحسب مصادر متطابقة تحدثت لـ"المصدر أونلاين" فإن رؤساء الكتل البرلمانية للأحزاب السياسية المساندة للشرعية يلتقون في الرياض منذ أيام للتوصل إلى تفاهمات مبدئية على اختيار أسماء لهيئة رئاسة جديدة للمجلس.

 

تقول المعلومات إن استدعاء النواب إلى الرياض هو خطوة أولى تسبق نقلهم دفعة واحدة إلى مقر انعقاد اجتماع المجلس داخل اليمن، وتشير المعلومات أيضاً أن عدد الأعضاء البرلمانيين الذين انضموا للشرعية وصلوا إلى حوالي 170 نائباً وهذا هو العدد الموجود في كشف المرتبات التي تصرف من خزينة الحكومة لكن هل كل هؤلاء مستعدون للحضور أم أن كثيراً منهم لا يزال محبوساً داخل مناطق سيطرة الحوثيين.

تم طباعة هذه الخبر من موقع تعز أونلاين www.taizonline.com - رابط الخبر: http://taizonline.com/news9915.html