"الحوثيون" عدلوا مناهج الدين والتاريخ.. و17 ألف معلم "خارج الخدمة"

يمثل التعليم إحدى أزمات اليمن، الذي يعاني من حرب طاحنة منذ سنوات، وقد تمتد آثارها لفترات طويلة، نتيجة تهدم المباني وهجرة المعلمين، الذين لا يحصلون على رواتبهم، إضافة إلى تسرب الطلاب.

أطفال اليمن

© REUTERS / KHALED ABDULLAH

كشف الدكتور عبد الله لملس، وزير التربية والتعليم في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، في حوار مع "سبوتنيك" عن أهم المشاكل، التي تواجه التعليم في اليمن في الوقت الحالي ومستقبلا.

إلى نص الحوار…

-  كيف تتعاملون مع قضايا التعليم في ظل الحرب والانقسام داخل الأراضي اليمنية؟

المشكلة في اليمن ليست بين الشمال والجنوب، وإنما هي انقلاب على السلطة الشرعية في اليمن، تمثل في قيام مليشيات مسلحة بالانقلاب على السلطة الشرعية، والقضية الجنوبية هي قضية معترف بها ولها حلول موجودة في مخرجات الحوار الوطني، والحرب الدائرة الآن هي بين الشرعية والانقلابيين، وهذه الحرب أكلت الأخضر واليابس بما فيها العملية التربوية والتعليمية.

- هناك محافظات تحت سلطة الشرعية في الجنوب… ما هو حال التعليم في تلك المناطق؟

في 15 يوليو / تموز 2015 تم تحرير عدن، وتبعها عدد كبير من المحافظات، ومنذ ذلك الحين سرنا في طريقنا في ظل عدم وجود أي موازنة من جانب الحكومة للتعليم وحاولنا جاهدين على أن لا يخسر أي طالب عامه الدراسي.

- هل تم ذلك بالنسبة للمحافظات التي يسيطر عليها الحوثيين؟

في المحافظات التي يسيطر عليها "الحوثيين" نزح أكثر من 16 ألف من المعلمين وأكثر من 750 ألف طالب من النازحين إلى المناطق المحررة ومع ذلك، استمرت العملية التعليمية على مدى 4 سنوات.

ونقوم بإدخال بعض التحسينات على العملية التعليمية من خلال إيجاد وسائل لمحاربة الغش في المدارس، فقمنا بوضع آلية المعدل التراكمي للثانوية العامة، وهذا العام سوف نبدأ في تطبيق معدل التحصيل لطلاب المدرسة الأساسية وهو ما يعني أنه لا اختبارات في المرحلة الأساسية، وإنما تجمع نتيجة الطالب في الصف السابع والثامن والتاسع وتقسم على ثلاثة ونحصل على معدل التحصيل للطالب.

سبوتنيك: إذا كانت الأمور تسير بهذه الطريقة… فما هي المشاكل التي تواجهكم؟

هناك عدد من المشاكل تواجهنا، ولكن أكبر قضيتين هما مشكلة الكتاب المدرسي ومقاعد التلاميذ المدرسية، حيث يصل عدد الطلاب في الفصل الواحد وبشكل خاص في المناطق الحضرية إلى 90 طالب.

وتوقف البناء كليا في المدارس، لدينا أكثر من 2600 مدرسة دمرت جزئيا أو كليا، وساعدتنا السعودية والإمارات في ترميم وصيانة المدارس، التي لم تضرر بالكامل، ومازالت نحو 1200 مدرسة محطمة بصورة كاملة، ولم نصل حتى الآن للتمويل اللازم لإعادة بناء تلك المدارس، ونبحث عن شركاء سواء في البنك الدولي أو المانحين الدوليين أو "اليونسيف" أو "جايكا اليابانية"، وهناك خطة انتقالية للتعليم سوف نقرها قريبا، وقد تقدم المانحين بأكثر من 100 مليون دولار لمساعدتنا، وفي يوليو المقبل سنبدأ في تنفيذ تلك الخطة.

تلاميذ يمنيين في صنعاء في 19 فبراير / شباط 2019

© REUTERS / MOHAMED AL-SAYAGHI

تلاميذ يمنيين في صنعاء في 19 فبراير / شباط 2019

سبوتنيك: من يدير التعليم في المناطق المحررة؟

نحن مستمرون في المنهج الدراسي المعمول به في اليمن منذ عام 2014 حتى الآن، والتعديلات التي جرت على بعض المواد قام بإجرائها الإنقلابيين، حيث قاموا بتعديل الكتب من الصف الأول إلى الخامس الأساسي، والمواد التي قاموا بتعديلها هي "التربية الإسلامية واللغة العربية والتربية الوطنية والتاريخ، وأدخلوا عليها الكثير من آرائهم وأفكارهم.

وعلى سبيل المثال كان في منهجنا، الذي نقوم بتدريسه للطلاب في التربية الإسلامية، تم تغيير صورة لأشخاص يؤدون الصلاة بطريقة معينة واستبدالها بصورة أخرى، ونحن في اليمن، على مدى أكثر من 1200 عاما، تتعايش المذاهب مع بعضها بسلام.

- بعد انتهاء الحرب… ما هو موقف الطلاب الذين حصلوا على شهادات دراسية من المناطق، التي يسيطر عليها الحوثيين؟

جميع الشهادات الصادرة عن التربية والتعليم اليمنية معترف بها، ونحاول تقييم الشهادات، التي يحصل عليها الطلاب في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، ولن نحرم الطلاب من السير في العملية التعليمية أو الحصول على الشهادات في أي من المناطق، وعند انتهاء الحرب ستعود الأمور إلى طبيعتها.

- هل هناك تنسيق مع التعليم العالي والجامعات؟

لدينا في اليمن ثلاث وزارات للتعليم، وزارة التربية والتعليم وتختص بالتعليم العام والأساسي من الصف الأول إلى الصف الثالث الثانوي، وما بعد الثانوية العامة هو من اختصاص وزارة التعليم العالي، أما الوزارة الثالثة، هي وزارة التعليم الفني والتدريب المهني وتختص بالمعاهد الفنية والمهنية.

الدكتور عبدالله لملس، وزير التربية والتعليم في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي مع مراسل سبوتنيك

© SPUTNIK . AHMED ABDELWAHAB

الدكتور عبدالله لملس، وزير التربية والتعليم في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي مع مراسل سبوتنيك

- كيف تتعاملون مع الأطفال المصابين وكيف يحصلون على حقهم في التعليم؟

نتائج الحروب دائما كارثية على الأطفال، فهناك من يفقد يديه أو رجليه أو بصره أو سمعه وغيرها من الإعاقات الذهنية، التي قد يولد بها الأطفال، ونحاول توفير الجوانب الصحية لهؤلاء الطلاب والتعاون معهم في عمليات التحصيل الدراسي، وهي مشكلة كبيرة أخرى ستتضح باقي أبعادها بمجرد انتهاء الحرب.

-  ما هي نسبة النقص في عدد الفصول الدراسية لديكم؟

حاليا نحن بحاجة لأكثر من 2600 مدرسة وهي عدد المدارس التي تضررت جراء الحرب حتى الآن، سواء بشكل كلي أو جزئي، وعدد المدارس التي دمرت بشكل كامل هو 1200 مدرسة على مستوى اليمن، وبالتالي نحن بحاجة إلى تمويل من أجل إعادة بناء هذه المدارس.

- هل أنتم من يدير العملية التعليمية في جميع المناطق؟

أريد أن أقول إن وزارة التربية والتعليم تدير العملية التعليمية في المحافظات المحررة، وهناك 4 أقاليم تقريبا، هي عدن وحضرموت والبيضاء وتعز، وهذه هي المحافظات التي ندير فيها العملية التعليمية.

- خلافا لأزمة الكتاب والكرسي المدرسي… هل تواجهون مشاكل أخرى؟

هناك أزمة كبرى في عدد المعلمين والسبب فيها أن التوظيف تم في العام 2011 ونحن اليوم في العام 2019، ولم يتم تعيين معلم جديد خلال تلك الفترة من جانب الصندوق الاجتماعي للتنمية أو اليونسيف أو الهلال الأحمر الإماراتي.

والإشكالية الأخرى أن هناك أكثر من 17 ألف معلم تقاعدوا ولم يتم إحالتهم إلى هيئة التأمينات ويرفضوا ممارسة العملية التعليمية. لدينا نقص شديد في عدد المدرسين، لكن نحاول التغلب على تلك المشكلة عن طريق التعاقد والإحلال، وتتراوح نسبة العجز في المعلمين ما بين 17 إلى 20 في المئة، وننتظر الموازنة العامة الجديدة للدولة 2019 لتعويض النقص، ولدينا خطة انتقالية لطباعة الكتاب وتوفير الكرسي المدرسي خلال المرحلة المقبلة.

أجرى الحوار أحمد عبد الوهاب