الإرهاب وغياب الحكومة (كلام هادئ)

بإمكان السلطات المحلية في عدن وبإمكان الحكومة - ببساطة - أن تحمل الحوثيين وصالح مسؤولية ما حدث اليوم، خاصة وأن ما يسمى بتنظيم "داعش"، لم يستهدف – مؤخراً - المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وإن كان استهدفها من قبل، ولكنه – اليوم - يستهدف المناطق التي خرجت من تحت سيطرتهم، فيما يشبه السر الذي يشبه سر عدم استهداف القاعدة لإيران خلال سنوات طويلة من إرهاب هذا التنظيم ضد الدول العربية. 
ولكن...
سيرد الحوثيون بأن المناطق التي يسيطرون عليها آمنة، لأنهم يحاربون الإرهاب، وبأن الإرهاب يدعمه الرئيس هادي نفسه، وأنهم هم الجهة التي طردت الإرهاب من الأماكن التي سيطروا عليها، على الرغم من أنهم وفروا للقاعدة الحجة الطائفية المقيتة، عندما شنوا عليها حرباً لا على أساس أن القاعدة تنظيم إرهابي، بل على أساس أنها مختلفة طائفياً عن الحوثيين.
على كلٍ...
بعد كل عملية إرهابية تدخل الأطراف المختلفة في طور الاتهام والاتهام المضاد، ويخرج الطرف المستهدف متوعداً الإرهابيين ومن يقف وراءهم بالملاحقة، وينتهي الأمر بتشكيل لجنة لكشف ملابسات لا تنكشف، ويضع الجمهور يده على صدره في انتظار الضربة القادمة.
دعوني أقول إن غياب الحكومة الكلي عن محافظة عدن له دور في حالة الانفلات الأمني في المدينة.
تصوروا أنه لا يوجد وزير واحد في عدن، حتى وزير الداخلية المعني بمثل هكذا حالات.
طبعاً تتحمل بعض الأطراف في عدن مسؤولية عدم وجود بعض الوزراء من المحافظات الشمالية، نظراً لارتفاع وتيرة التحريض ضد هذه الشخصيات، في حين أن وجودهم في عدن لا يعكس شماليتهم بقدر ما يعكس وظيفتهم تحت سلطة البلاد المعترف بها دولياً، هذه الحجة قالها لي أكثر من مسؤول ينتمي إلى المحافظات الشمالية.
ولكن...
يتضح أن الوزراء فرحوا بمثل ذلك العذر ليبقوا في الخارج بعيداً عن مواجهة الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتردية في عدن، والبلاد بشكل عام.
ومع ذلك...
ولو افترضنا أن بعض عناصر "الحراك" يمنعون الوزراء من المحافظات الشمالية من العودة إلى عدن، فلماذا لا يعود الوزراء المنتمون إلى المحافظات الجنوبية على الأقل؟
هذه الحجة تبدو واهية على الرغم من أن لها جانباً من الحقيقة.
حدثني مصدر مقرب أن بعض الوزراء هدد بالاستقالة حال الضغط عليه للعودة إلى عدن في مثل تلك الظروف، بينما قال آخرون إنهم لن يعودوا إلا بعد استتباب الأوضاع الأمنية في عدن.
وبذا نكون أمام الجدلية التالية: الوضع الأمني في عدن يمنع الحكومة من العودة إليها، وعدم عودة الحكومة إلى المدينة يعقد أوضاعها الأمنية، ونعود لنذكر قصة البيضة والدجاجة، وأيهما يبدأ.
المهم...
أتفهم خوف بعض الوزراء على حياتهم إذا عادوا إلى عدن، ولا أتفهم طبيعة تشبثهم بالوزارة في حال أنهم يشعرون أنهم لا يقدمون شيئاً لعدن، أو للبلاد بشكل عام. 
لا يجوز أن يكون المنصب الوزاري مجرد مرتبات وامتيازات وبدلات وفنادق ولقاءات، دون أن يكون – أيضاً - عملاً وتضحية وإقداماً ومسؤولية، ومخاطرة وتحديات.
وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فلماذا لا يبادر الرئيس اليمني بتعيين وزراء من الميدان، من الداخل، من بين الناس. ممن لهم الخبرة والتجربة والإقدام والتضحية والحرص، ممن يعرفون كيف يحمون أنفسهم، وكيف يتصرفون مع تعقيدات الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد، بدلاً من وزراء لا يريدون أن يغادروا مناصبهم، ولا يريدون أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية؟
أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى هذا الجيش الضخم من الوزراء. نحن – في هذه الفترة الاستثنائية - بحاجة إلى حكومة مصغرة من خمسة وزراء فقط لتغطية الجوانب الأمنية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية، والصحية. ولتتحول الوزارات المختلفة إلى إدارات تتبع رئاسة الوزراء.
حل سيغضب – بلا شك - الكثير لكنه حل عملي وجريء ومحترم.
يومكم سعيد...

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص