التحالف الذي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن على القائمة السوداء للدول والجماعات التي تنتهك حقوق الأطفال في النزاعات.. هذا الخبر احتل العناوين الأولى لمعظم المواقع والصحف العالمية ما إن صدر التقرير السنوي الذي يحمل توقيع الأمين العام للأمم المتحدة.
البعض تعمد إزالة مسمى التحالف وذكر اسم المملكة منفرداً في إشارة إلى أنها وحدها من تتحمل تلك الانتهاكات المزعومة.
يجب ألا نتعامل مع خبر كهذا بتجاهل لأن ذلك كفيل بإثبات التهمة المزيفة بحق بلادنا حتى وإن صدرت من أعلى منظمة دولية، وهذا لا يعني أيضاً أننا سنتخلى عن التجرد والمهنية في الكتابة عن تقارير من هذا النوع.
تناول التقرير الذي صدر في 40 صفحة التجاوزات التي ارتكبت بحق الأطفال في العالم خلال الفترة من بداية يناير وحتى نهاية ديسمبر من العام الماضي 2015.
في اليمن أشارت الأرقام إلى مقتل 785 طفلاً جراء المعارك الدائرة هناك منهم 510 أطفال قتلوا جراء غارات التحالف - كما يذكر التقرير.
رقم كبير على الرغم من تأكيد قيادة التحالف بأنها لا تستهدف المناطق المدنية في عملياتها فما بالك بالأطفال؟ في المقابل قتل الحوثويون - الذين يقومون ليل نهار بقصف الأحياء السكنية في تعز وقبلها عدن بما في ذلك مجزرة التواهي التي راح ضحيتها العشرات - قتلوا 142 طفلاً فقط!!
هذا الاختلاف في الأرقام يدفع إلى مراجعة دقيقة للتقرير الذي يكشف أخطاءً فادحة إذا لم نقل انحيازاً واضحاً للانقلابيين.
الحوثويون ومن معهم – وبالتأكيد الأمم المتحدة – هم من يتحمل مسؤولية تجنيد اثنين وسبعين بالمئة من الأطفال الذين يشاركون في الحرب الدائرة الآن وبالتالي تعريضهم للموت والإصابة وليس التحالف.
الحوثيون هم من دمر المستشفيات والمدارس والجامعات بعد أن حولوها إلى ثكنات عسكرية، ومخازن أسلحة.
هم من يتخفى بجبن بين الأبرياء ويجعل منهم دروعاً بشرية ولولا حرص التحالف على المدنيين لكانت الحرب انتهت منذ الأشهر الأولى.
السيد بان كيمون يدرك ذلك جيداً لكن تغير التحالفات وتعقيدات الأزمات في الشرق الأوسط والوعود الكاذبة بالسلام دفعت بالمنظمة الدولية إلى الاعتماد على التقارير المزيفة لمدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في اليمن جورج أبو الزلف الذي تجاهل تجاوزات الحوثيين منذ اليوم الأول للأزمة واسألوا الطفلة التي نجت من حريق منزلها في عمران ورفض السيد أبو الزلف التعامل مع قضيتها عندما جيء بها محمولة على الأيدي إلى مكتبه في صنعاء.
كيف لمن يدرب الحوثيين والمقربين منهم على كتابة التقارير الإنسانية ويعتمد عليها كشهادات مؤكدة تدين أعداءهم، بمن فيهم القيادي الذي عينه ممثلاً للمفوضية في محافظة حجة لرصد مخالفات الحوثيين.. كيف له أن يكون مصدراً موثوقاً للكتابة عن التجاوزات التي ترتكب بحق الأطفال في اليمن.
هذا الخلل ليس موجوداً في اليمن فحسب بل إن تقرير الأمم المتحدة لم يأتِ على ذكر التجاوزات التي ترتكبها القوات الروسية بحق أطفال سورية ولا المليشيات الإيرانية بحق أطفال العراق وسورية أيضاً.
حتى أن إسرائيل التي استباحت لسنوات دماء أطفال غزة، وقتلت أكثر من خمسة وعشرين طفلاً العام الماضي في الضفة -باعتراف التقرير -لم تكن على القائمة!
في الأخير.. لابد من التأكيد على أن السياسة العمياء والمصالح الدولية هي ما يؤدي إلى صدور تقارير مختلة من هذا النوع، وذلك ما يزيدنا إيماناً بالدور الذي تلعبه بلادنا والتحالف الذي تقوده لإعادة السلام إلى اليمن.. ويا بلادي واصلي.