الرئيس "التطبيق"!

كثيرون من عضوا أصابع الندم على اختيار عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية. ود المرء منهم لو قطع يده التي مدت بورقة اقتراعه عبر الصناديق. على الرغم من أن عملية التصويت أو عدمها لم تكن لتغير من المعادلة السياسية في شيء.
 
بعيداً عن قضايا فساد أعضاء الشرعية ورائحتها التي ازكمت الانوف، أو الجبهات التي تشتعل وتنطفئ وفق اجندات الغير، مازلنا بحاجة للرجل القابع على مقعد الرئاسة، "لعنة" كان، أو "أعمى" البصر عن ما يكابده شعبه البائس.
 
أعتقد الغالبية ولوقت طويل أن هادي ليس سوى مجرد عاجز، ارتضى حياة الفنادق عن مصارحة شعبه بفشله. وقد وجد البعض أن مثل تلك المصارحة ستكون رصاصة رحمة تعفي الرجل- على الأقل- من نقمة التاريخ، دون أن يدركوا بأن صمته كان ومازال أهم الأعمال الوطنية التي قد يقوم بها رئيس دولة على الاطلاق.
 
يحدث أن تحتاج الشعوب لعملية مسح دقيق خاصة لذاكرتها الجمعية.. "تطبيق" لا يختلف عن ذلك المعد لإعادة تهيئة هاتفك أو جهاز حاسوبك!.
 
بشكل مبسط، يمكننا القول بأن هادي ذلك البرنامج الذي تم تنزيله، وبدء العمل به ما أن استقر على مقعد الرئاسة. لم يخلُ الأمر من متعة، فمشاهدة مراسم الاستقبال الرسمية والاستماع إلى النشيد الوطني وهو يلقى على "تطبيق مسح الذاكرة" أمر لا يتكرر كل يوم!
 
لمدة أطول من ثلاثين عاماً استقر على رأس هرم الدولة اليمنية رئيس ذو حضور طاغي لا ينكره أحد. اختفى خلال بريقه كل ما حوله، ليمسى هو الدولة، والدولة هو...!
 
أي مأزق كان سيقع فيه من يخلفه؟ وأي مقارنة ستتم بين رئيس سابق ولاحق؟ مهما حاول الأخير فعله أو تقديمه، مازال محصوراً في الظلال القديمة. مقارنة محسومة لا محالة، فلا أسواق للجاذبية ولا يتم تقديم السحر على أبواب القصور الرئاسية.
 
لذلك كان وجود "التطبيق الذكي" ضرورة ملحة، للخروج من معضلة ذكرى الرئيس السابق، وتخفيف وطأة المهام الشاقة لمن يليه من رؤساء!
 
أن لا يقوم رئيس الدولة بشيء هو عمل في حد ذاته!
 
بهذه الطريقة يتم العمل في الساحة السياسية اليمنية. لم يكتفِ "الرئيس التطبيق" بنفسه. مازال الرجل يقوم بعملية إفراغ فعلية للساحة اليمنية، ويجاهد لإطفاء كل من يحاول تأدية العمل الأدنى في سبيل وطن يراد له التمزيق وحرب تأبى الانتهاء! حتى كاد يمحي ما سبق وعرفه المواطن عن مهام "رجال الدولة"، وامسى تمييزها عن "اللا شيء" أمرا عصياً!
 
مثل هذه الساحة لابد وأن تقدر لاحقاً "الأفعال"، مجردة من ولاءات وانتماءات قادت "الرئيس التطبيق" في المقام الأول الى مقعده.
 
سيادة الرئيس..
 
سير على بركة الله، وحيداً، فقد تخلينا عن ركبك منذ مدة، حتى يتولى من يخلفك على صفحة ناصعة، فمن الصعب بمكان أن تتم مقارنته بتطبيق لا روح فيه، أو بفراغ كان الأجدى به ابتلاع نفسه.

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص