سؤال الانتظارات!

ماذا ننتظر؟

أيها السؤال المر، كن رفيقاً بنا ياسيد العذابات..

نحن أيتام الجواب، ومساكين السؤال، ونازحون في صحراء الانتظارات، لا شيء نقدمه للغة كي نعمي السؤال بإجابة صادمة.

نحن الجواب يا سيد الأسئلة، فهؤلاء الذين لا ينتظرون شيئا في قصور الغريب لم يكن لهم رأي في انتظاراتنا، ولم يكن لهم رأي في يُتمنا لهم، ولم يكن لهم سؤال يطمئنون فيه على ما خلفته أقدامهم حين عبروا على أسمائنا إلى رحيل مؤقت مستدام.

استدامت هجرتهم فهاجرت أحلامنا معهم، فتقاسمنا مع أحلامنا ترف المنافي، فالمنافي تبدأ واسعة كبحر، وتنتهي كأضيق من قنينة دواء.


سخرت منا المنافي حين عرّفنا لها الوطن، فقالت لنا إن الوطن لديكم مجرد خطاب في ليلة العيد الوطني، حيث يصحو القائد ليقرأ عليكم ما كتبه شخص نسي اسمه، ثم يعود ليستريح بعد هذا الإنجاز التاريخي، والذي كلفه طاقة هائلة في تطويع اللغة، وفي ضبط الكلمات ليفهمها النازحون في الداخل والخارج.

أليس تعريفاً منطقياً؟

لا تجادل المنفى، فالمنافي تنتصر للأمكنة فقط، لكنها في ذات الوقت تبقي الضمائر في وضع انتظار إلى مالا نهاية، ولو كلف الأمر نهاية الروح.

لا شيء يستدعي انتصارك لذاتك المغتربة، فالاغتراب أخو المنفى، والجامع بينهما هذا الحلم الكبير بأن شيئاً ما سيتغير.

قل لي من قائدك أقول لك أي منفى تختار!

لا شيء من هذا حقيقي، حين يطرأ على بالك أن القادة يمكن أن يخلقوا أوطاناً، لكنه يكون حقيقياً حين تجد أنك منفيّ منذ زمن، وأن سؤال الإنتظار مازال مصلوباً على على خشبة سنينك التي أكل عليها المنفى وشرب.

 
كيف يولد القادة العظام؟
سؤال أصعب من سؤال الانتظارات، فالقادة لا يولدون، إنما الأوطان هي التي تكبر في أعينهم، فتراهم يولدون في أقذر اللحظات!


ألسنا في أقذر لحظة الآن؟

ربما.. لكن ألا ترى أن القادة المحترمين لم يتبق لهم مكان في هذه الزحمة الهائلة من القذارة.


سيكون عليكم تنظيف جزء من الطريق لهؤلاء، فالقائد لا يصنع المجد لوحده، والناس يصنعون قادتهم كيفما يشاؤون.

لكن لماذا لا يصنعون من هؤلاء قادة؟

كيف يمكن أن تصنع قادة من رجال ليسوا موجودين، هل وجد الناس أحداً كي يصنعوا منه قائداً!


إذن ماذا سيحدث غداً!

لا شيء، سيكون علينا تنظيف الواقع منا نحن، ومن القادة المهاجرين، ثم نبدأ في وضع أسئلة لاختبار الزمن، وهل مازال بالإمكان تدارك ما تبقى من الخارطة، ونبني عليها ما بقي من أوهامنا، أو بالأصح أحلامنا الجديدة، فتلك الأحلام القديمة سنودعها في صندوق الأمنيات المؤجلة، عل وطناً يولد بحجم أوسع من أدمغة زعماء الترحيل الجماعي.


وماذا بعد؟

لماذا لا تسأل عن ماذا قبل؟

لا أدري.. الأسئلة كما قالوا عمياء.. وأنا أقود كل هذا العمى لعل طريقاً ما تجدني إلى شيء أقنع به انتظاراتي.


لا تبتئس.. انتظر وحسب !


* خاص بـ"المصدر أونلاين"

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص