تحرير اليمن حماية للحرمين
دائما تنتهي التجارب الى اجوبة عن اسئلة تطرح في كل حين, وتجربتنا مع نظام الملالي منذ العام 1979 حتى يومنا هذا فيها العديد من الخلاصات والاجوبة عن سؤال بديهي يطرحه اليوم عدد من المراقبين الذين لا يريدون رؤية النصف الممتلىء من الكأس في ما يتعلق باليمن ووجود قوات التحالف هناك وسر شراسة تصديها لادوات المشروع التوسعي الايراني, الذي يقوم على ركيزة ثقافية بالدرجة الاولى, فشعار “تصدير الثورة” الذي رفعه الخميني قبل 36 عاما لم يكن شعارا سياسيا فقط, انما هو ثقافي بامتياز لانه يتصل بجوهر فهم المسلمين للدين الحنيف.
فمنذ العام 1501 يعمل الفرس على تطعيم فهمهم للاسلام بثقافتهم, ولذلك ادخلوا طقوسا ليست من دين محمد في شيء, بل نهى عنها الرسول(صلى الله عليه وسلم) ولم تدخل الى الثقافة العربية الا مع بدء التغلغل الفارسي في مجتمعات تأثرت بشعار تصدير الثورة, ولذلك شهدنا صراعا مريرا طوال القرون الماضية بين ثقافتين عربية وفارسية, كان من نتائجه نشوء مجموعة من الفرق المتخذة من الاسلام عنوانا لها بينما هي بعيدة كل البعد عنه.
من هذه الفرق ما نشأ حديثا وبات يعرف بـ”انصار الله” في اليمن, وهي جماعة الحوثي المنغمسة بالمشروع الفارسي الى اذنيها, ولذلك حين رأت دول الخليج, وفي مقدمها المملكة العربية السعودية, ان المشروع التوسعي بدأ يقرع ابوابها عبر الخاصرة الجنوبية كان لا بد من التحرك سريعا, خصوصا بعدما رفضت تلك الجماعة كل مبادرات الحوار, وانقلبت على المبادرة الخليجية التي كان من الممكن ان تحصن اليمن من الداخل, وهذا بسبب ارتباطها العضوي بنظام الملالي, وانكشاف حقيقة اهدافها, وهي تمكين ذلك النظام من ايجاد موطىء قدم له في اليمن ليصل الى الحرمين الشريفين والسيطرة عليهما, ليتوج مشروعه باداة ثقافية, وفي هذا الشأن علينا ان ننظر الى المشكلات التي تفتعلها ايران سنويا في موسم الحج, ووصلت في بعض الاحيان الى حد ارتكاب جرائم ارهابية, والشعارات التي ترفع مع كل حادث تدل على النوايا الايرانية الحقيقية.
في الجانب الاخر ان احتلال ايران لليمن كان يعني ايضا السيطرة على مضيق باب المندب, وبالتالي التحكم بحركة التجارة الدولية, او بالحد الادنى ممارسة الابتزاز الارهابي على السفن العابرة, وهنا لا بد من العودة الى تصريحات المسؤولين الايرانيين بشأن مضيق هرمز,والسيطرة على عواصم عربية, وعودة الامبراطورية الفارسية التي عاصمتها بغداد, وغيرها من تهديدات نسمعها صباح مساء.
لكل هذا كان التحالف ليس من اجل حماية السعودية والبحرين والكويت والامارات, ودول “التعاون” فقط, انما ايضا لحماية الحرمين الشريفين, ولهذا فان سقوط اليمن بيد ايران يعتبر اخطر بكثير من وجودها في غير دولة عربية, خصوصا في لبنان حيث اليوم ينازع “حزب الله” جراء ازمات عدة تعصف به, و لا شك ستؤدي الى زوال خطره, فيما في اليمن يفرض الواقع معالجة جراحية جذرية كي لا تتمكن ايران من تغيير ثقافة المسلمين الذين لا يزالون يسيرون على الطريق السوية التي رسمها لهم الرسول(عليه الصلاة والسلام).

* السياسة الكويتية
نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص