أحد أفراد الأجهزة الأمنية المصرية/ رويترز

عائلته تروي القصة

بسبب صورة.. المخابرات المصرية تعتقل شابا بريطانيا بتهمة التجسس

يُتَوقع أن يواجه مراهق بريطاني حكماً قضائياً لاتهامه بالتجسس في مصر، بعد أسبوعٍ فقط من القبض عليه بصورة مفاجأة، وفقاً لما قالته أسرته لموقع Middle East Eye البريطاني.

اُعتقل محمد فتحي أبوالقاسم (19 عاماً)، بعد وصوله إلى مطار مدينة الإسكندرية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وخضع لعملية مربكة وسريعة من الإجراءات القانونية، كما قالت والدته إيمان رفيق.

كواليس القبض على الشاب المصري

وأضافت والدته أنَّ الأسرة لم تحظ بفرصة تُذكر للاتصال به أو فهم تفاصيل قضيته، ولكنها علمت من خلال محامٍ أنَّ ادعاءات السلطات المصرية تستند إلى صورةٍ التقطها من الطائرة التي كان على متنها أثناء هبوطها، وتضمنت الصورة مروحية عسكرية.

أوقف الأمن المصري محمد أبوالقاسم، وبحث في هاتفه ومتعلقاته في الحال عند وصوله للمطار، عقب إبلاغ فندقه عن «حجزٍ مثيرٍ للشك».

 

قالت والدته إيمان، «من الصعب للغاية الحصول على صورةٍ واضحةٍ، كان من المفترض أن يصدروا حكماً اليوم»، مضيفة أنَّ ابنها أُحضر للعرض على النيابة ظهر الخميس 29 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أخذه من السجن في الثامنة صباحاً بتوقيت مصر.

وأضافت أنَّه من غير الواضح ما إذا كانت المحكمة هي من ستقرر مستقبل محمد أبوالقاسم أم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية العديدة التي استجوبته.

وقالت: «من الذي بيده القرار الأخير اليوم؟، لا أدري. هل يجتمعون سوياً لأخذ القرار، أم سيلجأون لسلطةٍ أعلى؟»

أسرة الشاب ترفع الأمر للحكومة البريطانية

بدأت الأسرة في تقديم التماس للحكومة البريطانية والسياسيين البريطانيين تطالبهم بالتدخل لإنقاذ محمد أبوالقاسم.

وقالت متحدثة باسم السفارة البريطانية في القاهرة: «نسعى للحصول على مزيد من المعلومات من السلطات المصرية بعد القبض على شخص بريطاني في الإسكندرية، وكذلك الحصول على إذن لوصول القنصلية إليه. ويقدم موظفونا المساعدة لعائلته».

 

وقد طلب الموقع البريطاني أيضاً من السفارة المصرية في العاصمة الإنكليزية لندن التعليق على الأمر.

«لا يملكون بالتأكيد شيئاً ضده»

ويحظى أبوالقاسم، الذي نشأ في المملكة المتحدة، بإرث ليبي وباكستاني، ويعيش أفراد أسرته في ليبيا ليكونوا بجانب جدته المريضة. وخططوا للعودة إلى المملكة المتحدة في المستقبل القريب.

عاش أفراد أسرته من قبل في مصر لأربع سنواتٍ، وأراد أبوالقاسم زيارة أصدقائه القدامى في البلاد قبل بدء دراسته الجامعية في السنة التالية. وكان يسافر بصحبة صديقٍ ليبي.

 

قالت إيمان إنَّها في الأغلب كانت تستطيع معرفة مستجدات القضية فقط عبر المحامي الذي وكلته، وإنَّها استطاعت الحديث مع ابنها فقط الخميس الماضي 22 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد يومٍ من وصوله إلى مصر والقبض عليه.

وتابعت: «استطاع التواصل معنا (بعد وصوله). ولم يستطع الاتصال بنا ظهيرة يوم الخميس، حينها علمت أنَّ شيئاً ما حدث. بحلول مساء ذلك اليوم، اتصل بنا هاتفياً، وقال: ‘كنت في المحكمة طول اليوم‘، ظللت أبكي طوال عطلة نهاية الأسبوع».

وأضافت: «لا جدوى كلياً من أي ادعاء لديهم ضده. فهو لم يغادر أرض المطار. بالتأكيد ليس لديهم شيءٌ ضده».

وصفت إيمان الصورة التي التقطها نجلها بأنَّها عادية للغاية بالنسبة للسياح في أي مكان.

 

أصيبت ابنتها الصغرى، والتي رغبت في شيء مصوَّر يذكرها بما كانت عليه مصر، بصدمة جعلتها طريحة الفراش منذ القبض على أخيها.

وقالت شيرين نواز، ابنة عم إيمان رفيق: «مصدر قلقنا هو أنَّ كل شيءٍ حدث بسرعة للغاية. في لحظة كان في عطلة، ثم قُبض عليه، وبعد ذلك يحاكم، وفجأة يصدر حكمٌ عليه».

وأضافت أنَّها شعرت بالأمل بسبب قضية طالب الدكتوراه البريطاني ماثيو هيدجز، الذي حكمت عليه الإمارات بالسجن مدى الحياة بتهمة التجسس الأسبوع الماضي، ولكن جرى إطلاق سراحه يوم الإثنين الماضي 26 نوفمبر/تشرين الثاني.

دعا الناشط البريطاني ذو الأصول الليبيٍة، الذي يعمل في المنظمات غير الحكومية نزار دهان، الحكومة البريطانية إلى بذل المزيد من الجهد من أجل أبوالقاسم.

وقال دهان: «ينبغي على حكومة المملكة المتحدة التحرك، والتحقيق في السبب وراء القبض على مواطن بريطاني بأدلة واهية للغاية. لا يجب حدوث ذلك».

فتىً رقيقٌ ومسالم

كان أبو القاسم يستعد لامتحاناته النهائية للمستوى الأول الصيف المقبل، ويأمل أن يدرس الطب في الجامعة.

ووفقاً لعائلته، كان أبو القاسم يكرس الكثير من وقته للدراسة وتعليم الآخرين، بما في ذلك طلاب الجامعة في ليبيا ممن كانوا أكبر منه سناً.

قالت شيرين نواز: «على صعيد شخصه، هو أكاديمي للغاية ويريد منح الجميع فرصاً، لذا فقد كان يعلِّم الطلاب الأكبر منه سناً. إنَّه فتىً لطيفٌ حقاً، ورقيقٌ ومسالم. اصطحب معه كتبه الدراسية ظناً منه أنَّه سيدرس في المساء، ولكنه الآن يقبع في سجنٍ».

قالت والدته إنها كانت قلقة حول عدالة النظام القضائي الذي يواجهه أبوالقاسم، لكنها مصرة على أنّه ينبغي إطلاق سراحه سريعاً لكي يعود إلى دراسته، وأضافت: «يحتاج إلى العودة (إلى موطنه) والدراسة».

تابعت: «أحتاج إلى أن يكون خارج السجن. احتاج إلى أن يعود إلى المنزل. لا يهمني إذا رحلوه، ولا ألا يتمكن من دخول مصر ثانيةً. لا أهتم برجوع أيٍ منا إلى هناك. كان هذا وطننا، لكننا لم نعد نراه وطننا بعد الآن».

وقالت إنَّها كانت قلقة حول الأوضاع في السجن. أخبر أبوالقاسم والدته أنَّه يتقاسم زنزانةً قذرةً مع عشرات المعتقلين الآخرين، وقال إنَّه لم يكن بمقدوره تغيير ملابسه خلال الأسبوع الذي مرَّ منذ القبض عليه.

أضافت والدته: «حينما أغمض عيني ليلاً، لا أستطيع التفكير فيه. يجب عليَّ ألا أفكر في شيء لأنني لا أستطيع تخيله هناك، أريد فقط أن أعانقه. كان يعانقني دوماً في الصباح، وحينما كان يعود إلى المنزل من المدرسة كان يعانقني أيضاً. لذا اعتدت أن يعانقني مرتين في كل يوم».