تحليل اقتصادي: ثلاثه اشهر من عمر اللجنه الاقتصاديه وأسوأ كابوس في تاريخ الريال اليمني

 

تقرير خاص : 

شهدت أسعار صرف الريال اليمني انتكاسه مدويه خاصه خلال الثلاثه الشهور الماضية والتي وصل فيها إلى أدنى قيمه له على الاطلاق .

كما كانت هذه الفتره مسرحا للكثير من الأحداث التي كانت في صلب موضوع سعر الصرف وتداعياتها .

لاجل مهمه انقاذ الريال أصدر الرئيس هادي قرارا بتشكيل لجنه اقتصاديه برئاسه حافظ معياد وعضويه آخرين .

وبعد مرور ثلاثه شهور من تشكيلها أعلن رئيس اللجنه عن دعوته لهيئه مكافحه الفساد والجهاز المركزي للرقابه والمحاسبة لتقييم اعمال اللجنه .

ونحن هنا بدورنا نجري تقييما خاصا بالسلطه الرابعه (الصحافه) بناءا على ماتوفر لدينا من بيانات وبلاغات صحفيه واخبار ومحاضر اجتماعات ومؤشرات اسعار الصرف .

وبالنظر إلى العمر القصير للجنة الاقتصاديه بمراحلها ومحطاتها  ابتداءا بتعيين رئيسها مرورا إلى تعيين أعضائها والتئام اول اجتماعاتها وانعقاد ورشه العمل في القاهره ازدادت وتيره السرعه التي تخطو بها اسعار صرف الريال اليمني نحو الهاويه متجاوزا مستوى ال 750 ريالا للدولار.

البدايه 

وفيما كانت اسعار الصرف عند مستوى 556 ريالا للدولار صدر قرار الرئيس بتعيين حافظ معياد مستشارا اقتصاديا ورئيسا للجنه الاقتصاديه العليا.

وفي الوقت الذي وصلت فيه  قيمه الريال الى 561 ريالا للدولار  في 27 اغسطس صدر قرار بتشكيل اللجنة الإقتصادية وضمت في عضويتها كلا من: 
1- وزير المالية نائب لرئيس اللجنة الاقتصادية.
2- محافظ البنك المركزي اليمني عضواً. 
3- منصر صالح القعيطي عضواً.
4- أحمد بن أحمد غالب عضواً. 
5- أحمد ثابت العبسي عضواً .
6- عبيد سعيد شريم عضواً .
7- فارس صالح الجعدبي عضواً .

ولم يتضمن القرار الحكومي طبيعه مهام اللجنه او الهدف من إنشائها بالرغم من تداول انباء عن أنها(اللجنة الإقتصادية) ستركز بشكل أساسي على الحفاظ على الريال اليمني ومنع المزيد من تدهوره.

وبعد مرور تسعه ايام من استكمال  تأسيس اللجنة الإقتصادية كانت مؤشرات اسعار الصرف على طاوله أول اجتماع للجنه الاقتصاديه تتحدث عن 590 ريالا للدولار الواحد ليضاعف من حجم المسؤوليه بضرورة وقف زحف العمله الوطنيه نحو الهاويه.


انفض اجتماع الاقتصاديه الاول لتخرج سريعا وبعد عده ساعات ببلاغا صحفيا (بيان صادر يوم 7 سبتمبر) تضمن عده نقاط : 

1- الاعلان عن الانتهاء من دراسه الحاله الاقتصادية ووضع التدابير الكفيلة بعوده الاستقرار التمويني والغذائي والخدماتي الى وضعه الطبيعي ووقف انهيار العمله الوطنيه

2- الانتهاء من إعداد آليات استيراد وتوفير السلع الاساسيه وتصحيح الاسعار بما يمنع حاله (القلق) التي سيطرت على السوق.

3- استكمال وضع آليات حل مشكله المشتقات النفطيه لما من شأنه تغطيه الاستهلاك المحلي وتصدير الفائض .

4- انتهاء مهامها  بعد اعداد المسوده والاليتين وتقديمها الى الحكومه والتي تتحمل مسؤوليه مسؤوليه التنفيذ.


للوقوف مليا أمام  مضامين البيان فإن اللجنه نفذت دراسه سريعه للحاله الاقتصاديه واتضح لها مكامن الخلل وجوهر المشكله الاقتصاديه التي ادخلت البلاد في بوادر ازمه انسانيه كارثيه ووضعت عصاره أفكارها للحلول والمعالجات سواء في مسوده حلول تعافي الريال ومن ثم آليات تنظيم استيراد المشتقات النفطية واستيراد السلع الاساسية.

وبحسب بيان اللجنه فإن معالجتها للأوضاع ستسهم بدرجه رئيسيه في إرساء حاله من الطمأنينة في السوق و تبديد حاله القلق والتي أسهمت في الهلع وارتفاع خاله المضاربه على العمله.

غير أنه وبطبيعه الحال فإن اي دراسه تتم على عجل وفي ظرف يومين لأوضاع اقتصاديه معقده وشبه منهاره كالحاله اليمنيه فإنه وبالرغم من أنه يحسب لأصحابها سرعه انجاز الدراسه ووضع مقترحات كمعالجات انقاذيه الا ان فرص نجاحها ضئيله جدا بالنظر إلى حجم التعقيدات الاقتصاديه التي تواجه البلد.


تفائل الجميع ومعهم الحكومه والتي تسلمت دراسات اللجنه الاقتصاديه واصدرت قرارات حكوميه  رقم 75 و 76 بشأن آلية استيراد السلع الاساسيه والمشتقات النفطيه .
 
كما عقدت الحكومه واللجنة الاقتصاديه ورشه عمل في الثالث والعشرين من سبتمبر في القاهره بعنوان معا نحقق استقرار العمله الوطنيه للمزيد من اثراء دراسات اللجنة الإقتصادية وآلياتها والتي تحولت إلى قرارات حكوميه وفيما يبدو لمزيد من حشد الراي العام خلف التوجه الاقتصادي الجديد.

غير أنه وفيما يبدو أن نقاشات الندوه أظهرت مكامن القصور في دراسات اللجنة الإقتصادية وآلياتها التنظيمية لينعكس التفاؤل الى حاله من الاحباط تجلت في بيانات اللجنه التي أعقبت  ورشه العمل .

إذ أنه وفي 24 سبتمبر  وبعد انتهاء ورشه اعمال القاهره فاجأ رئيس اللجنه الاقتصاديه الجميع بمنشور له على الفيسبوك - وهي المنصه التي ينشر عليها بيانات وبلاغات اللجنه - حمل فيه البنك المركزي مسؤوليه اي تدهور في سعر صرف الريال اليمني.

كما أعلن في ذات التغريدة أنه جاهز لمساعده البنك المركزي في كيفيه ضبط المضاربين.. 

ومن خلال منشور رئيس اللجنه الاقتصاديه في 24 سبتمبر لابد من الوقوف عند عده نقاط بالغه الاهميه تتمثل في: 

_ إن ورشه عمل القاهره أغضبت رئيس اللجنه الاقتصاديه بغض النظر عن طبيعه مادار فيها من نقاش 

_ إن منشور رئيس الاقتصاديه أسهم في ارتفاع حاله القلق في السوق وبالتالي اشتعال اسعار الصرف والمضاربه عليها لتتدهور قيمه الريال لأدنى مستوياتها .

_ إن إعلان رئيس اللجنه أنه جاهز لمساعده البنك المركزي في كيفيه ضبط المضاربين يضع اكثر من علامه استفهام حول فيما إذا  تضمنت مسوده الحلول التي قدمتها اللجنه الاقتصاديه هذه الأفكار المتعلقه بطريقه ضبط المضاربين أم أن رئيس اللجنه لايزال يحتفظ بها لنفسه لاسباب غير معروفه.

النهايه

وفيما يبدو ان الفتره التي أعقبت ورشه عمل القاهره ليست كما قبلها وتجلى ذلك في بيانات وبلاغات اللجنه الاقتصاديه ناهيك عن اشتعال سوق الصرافه وتدهور كارثي في قيمه العمله اليمنيه.

وبعد ورشه القاهره جاء الاجتماع المشترك الذي جمع الحكومه مع الغرف التجاريه في المكلا في الثامن من نوفمبر والذي طلب فيه قطاع الأعمال ضروره تعليق العمل باليه استيراد السلع الاساسيه المقترحه من اللجنه الاقتصاديه والتي أصدرت الحكومه بها قرارا للتنفيذ ليمثل هذا الطلب صفعه جديده بأن دراسات اللجنه الاقتصاديه وحلولها التي وضعتها على عجل غير قابله للتنفيذ .

وبالفعل تم الإعلان في 11 نوفمبر عن تعليق العمل باليه استيراد السلع الاساسيه بناءا على طلب الغرف التجارية اليمنيه وليتسنى للجنه مزيدا من اثرائها بملاحظات رجال الأعمال والغرف التجاريه ليكون التبرير بمثابه دليل إدانة لدراسات اللجنة الإقتصادية وقصور مقترحاتها.

 تم تعليق اليه استيراد السلع الاساسيه على أن يبقى العمل مستمرا باليه تنظيم وضبط استيراد المشتقات النفطية؛ وهي الأخرى التي أظهرت تقييمات داخليه انها شبه مجمده وشبه متوقفه حيث أن طلبات تجار المشتقات لتصاريح استيراد و شحن السفن النفطيه إلى الموانئ اليمنية شبه متوقفه الأمر الذي يعد بمثابة انتظار رسمي لتعليق الاليه الأخرى.

وبعد ساعات من قرارات تعليق آليات استيراد السلع الاساسيه قررت اللجنه الاقتصاديه التوقف عن حضور الاجتماعات الدورية مع الصرافين في مدينة عدن، واعلنت في 12 نوفمبر إن البنك المركزي يتحمل مسؤولية ما اسمته بتعطيل القرارات الحكومية 75 و 76 ، و عودة التجار للمضاربة في السوق السوداء، كما حملته حدوث أي انهيار جديد للعملة في المستقبل.

ومثل هذا الاعلان الاخير نهايه عمل اللجنه الاقتصاديه في الجانب المصرفي وعن أي دور في عمليه ضبط اسعار الصرف.

وحيث أن لكل بدايه نهايه يجب أن نعود للبدايه قليلا لنربطها بالنهايه لتعلن اللجنه في البدايه اعداد مسوده لتعافي الريال اليمني قبل أن تعلن في 12 نوفمبر انسحابها من اي اجتماعات مع الصرافين وحملت البنك المركزي المسؤوليه مسؤوليه انهيار سعر الريال.


وحيثما قدمت اللجنه في البدايه اليه استيراد السلع الاساسيه واليه استيراد المشتقات النفطية تم الإعلان   في 11 نوفمبر عن تعليق العمل بهذه الاليه إلى أجل غير مسمى بناءا على طلب اتحاد الغرف التجاريه.

وبالنظر إلى تقييم سريع لأعمال اللجنه فإن لديها بدايه ولديها نهايه حيث بدأت مع سعر 590 ريالا للدولار ونهايه عند مستوى 670 ريالا للدولار الواحد مرورا بمحطات وصل فيها الريال الى أدنى قيمه مع سعر 750 ريالا للدولار الواحد.

وبعد إعلان اللجنه الاقتصاديه انتهاء أعمالها وتوقفها عن حضور الاجتماعات مع الصرافين كانت المفاجأة كبيره إذ أن قيمه الريال اليمني بدأت للتعافي فبعد خمسه ايام فقط من إعلان اللجنه الاقتصاديه  التخلي عن المسؤوليه وصلت قيمه الريال الى 570 ريالا بتحسن كبير وفي فتره وجيزه لا تتعدى سوى خمسه ايام ليصل حاليا إلى مستويات 520 ريالا للدولار الواحد.

ويرى مراقبون أن السبب الرئيسي يعود إلى القصور الذي اعترى سياسات اللجنه الاقتصاديه ودراساتها ناهيك عن غياب أي رؤيه واضحه للسيطره على سعر الصرف واراده جليه للتدخل في عمل البنك المركزي واملاء السياسات عليه وتحميله مسؤوليه اي تدهور وتسجيل اي نجاحات وتجييرها لصالحهم.