يقف الجميع سعيدا بينما مطربهم المفضل يغني في الحفل الموسيقي، لكن فجأة ظهر أمامهم كابوس مرعب، لم يتصوروا يوما أن "الوحش المرعب" الذي سمعوا عنه قبل 14 عاما، عاد مرة أخرى.
تسونامي جديد، ضرب جزيرتي جاوة وسومطرة، في سيناريو مشابه لما حدث عام 2004، وأوقع حتى الآن نحو 281 قتيلا.
© REUTERS / ANTARA FOTO
وتتعرض إندونيسيا لزلازل مدمرة تؤدي إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة، ويتبع تلك الزالازل موجات بحرية عاتية (تسونامي) تؤدي إلى تدمير المناطق التي تصل إليها على شواطئ البلاد.
وتعتبر إندونيسيا من المناطق الأكثر نشاطا بالزلازل على الأرض، وتشكل جزء من ما يسمى بحلقة النار في المحيط الهادئ، حيث تقع في هذه المنطقة من العالم الطبقات الأرضية الأكثر نشاطا، والتي يتحرك بعضها بسرعة 7 سم سنويا.
وأعاد وقوع أمواج المد العاتية قبل عطلة عيد الميلاد إلى الأذهان ذكريات تسونامي المحيط الهندي الذي وقع بسبب زلزال، يوم 26 ديسمبر/ كانون الأول 2004، وأسفر عن مقتل 226 ألف شخص في 14 دولة بينهم ما يربو على 120 ألفا في إندونيسيا.
لكن وكالة "فرانس برس" نشرت تقريرا حول "تسونامي"، وإمكانية ظهور "الوحش المرعب" مرة أخرى في الأرخبيل الأندونيسي.
ما هو تسونامي؟
غالبا ما يتسبب تسونامي في حدوث الزلازل، لكنموجات تسونامي الإندونيسية القاتلة، كانت ناتجة عن انفجار بركان "آنكا كركاتو"، تحت الماء، والذي تسبب في انهيار أرضي كبير.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن ديفيد روثيري، أستاذ علوم أرض الكواكب، في جامعة بريطانيا المفتوحة: "هذا التسونامي، نجم عن انهيار تحت الماء لجزء من بركان".
ويقع بركان "آنكا كركاتو" على جزيرة جديدة ظهرت في عام 1928، في حفرة خلفها بركان "كراككاتا"، بعد فورانه الهائل عام 1883، والذي أدى لمقتل 36 ألف شخص على الأقل.
وتشير وحدات الرصد الإندونيسية إلى أن تسونامي الذي ضرب البلاد يوم السبت، هو ثالث كارثة طبيعية تضرب إندونيسيا خلال 6 أشهر فقط.
ويوجد في إندونيسيا أيضا نحو 127 بركان نشط، وتقع البلاد في قلب منطقة "حزام النار" بالمحيط الهادئ، والتي تنشط فيها بشدة وقوع الزلازل، وثورة البراكين.
© REUTERS / SOCIAL MEDIA
بركان "آنكا كركاتو" في إندونيسيا سبب تسونامي
سر المفاجأة
مع تطور العلم، لماذا لا يمكن رصد خطورة ذلك البركان، وإن كان سيؤدي إلى تسونامي أم لا، لماذا في كل مرة يكون مفاجئا ويؤدي إلى وقوع كوارث عنيفة.
من المعروف أن بركان بركان "آنكا كركاتو" بركان "آنكا كركاتو" ، يقع في مضيق سوندا، بين جزيرتي جاوة وسومطرة ذاتا الكثافة السكانية العالية.
ولكن البروفيسور جان ماري بارنتزيف، في جامعة ساوث باريس، يفسر سر المفاجأة التي يشكلها تسونامي دوما في إندونيسيا تحديدا.
وقال البروفيسور الفرنسي إن هذا البركان تحديدا كان نشطا بشكل خاص من شهر يونيو/حزيران الماضي.
وتابع "الأزمة في تسونامي هو أن الجميع يقف عاجزا نظرا للمفاجأة الخاصة به، لأن الفرق بين الانهيار الأرضي وانطلاق الموجات المدمرة لا يتجاوز عشرات الدقائق، وهو أقصر من أن نحذر السكان".
وأشار أيضا إلى أن معظم موجات تسونامي القاتلة تحدث في الليل، وهو ما يجعل عمليات التحذير صعبة، بالأخص في المنتجعات السياحية التي تقع على الشاطئ على جانبي مضيق سوندا، حتى أنها تفاجئ كل المقيمين والسياح ومراقبي الكوارث على حين غرة.
وقال سوتو بوبو نوجروهو المتحدث باسم هيئة الكوارث في إندونيسيا: "علامات عدم وقوع كارثة تسونامي لم تظهر في تلك المرة أيضا، ولم يكن لدى الناس الوقت الكافي لإجلاءهم، ولا يمكن أن ألقي باللوم على أي من المسؤولين، لكن يمكن إلقاء اللوم على الميزانيات المحدودة، التي لم توفر عوامات تحذير، أو بنية تحتية قادرة على الصمود".
ولكن خبراء أخرون قللوا من أهمية عوامات التحذير تلك، التي قالوا إنها ستكون محدودة الفعالية، بسبب اقتراب البركان من الشواطئ المتأثرة، السرعة العالية التي تنطلق بها موجات تسونامي القاتلة.
© REUTERS / ANTARA FOTO
تسونامي إندونيسيا
الأسوأ قادم
وقال سايمو بوكسال، الأستاذ في جامعة "ساوثهامبتون" البريطانية إن أسوأ ما في موجات تسونامي إندونيسيا إنها تكون محملة بالأنقاض، ما يجعلها مميتة للمجتمعات الساحلية.
وقال ريتشارد تيو، خبير الحد من مخاطر الكوارث في جامعة "بورتسموث" البريطانية: "من النادر حدوث كارثة تسونامي مدمرة بسبب الانفجارات البركانية، وكان أحد أشهر تلك الحوادث وأكثرها فتكا، ثورة بركان كراكاتوا عام 1883".
لكن عاد الباحث البريطاني وقال إنه مع تكرار أكثر حادث تسونامي في مضيق سوندا، سيظل احتمال ظهور موجات تسونامي القاتلة مرتفعا بصورة كبيرة، مع استمرار بركان "آنكا كركاتو" بنفس مرحلته الحالية، ما سيؤدي إلى مزيد من الانهيارات الأرضية تحت سطح البحر.
وتابع قائلا: "كافة المسوحات، التي يتم إجرائها أمر ضروري لرسم خريطة لقاع البحر حول البركان".
ومضى: "لكن للأسف تستغرق عمليات المسح الكاملة غواصة، وهي أمور تستغرق عدة أشهر لتنظيمها وتنفيذها، وهو ما قد يكون زمن أبعد كثيرا من الموجة القاتلة المقبلة".
وأتم بقوله:
"ينبغي أن يزداد حذرنا حاليا، لن البركان تم زعزعة استقراره بصورة كبيرة في الوقت الحالي، وهو بات على شفا الفوران الكامل".