مدائن الصالح- السعودية

مدائن صالح تستقبل الآلاف بعد سنوات من تحريم زيارتها.. وتعاون سعودي فرنسي لتكون وجهة عالمية للسياحة

عربي بوست

تحظى مدينة الحِجر أو مدائن صالح مؤخراً بتغطية واسعة، سواء من قبل وسائل الإعلام التقليدية أو بين روّاد الشبكات الاجتماعية، مع انطلاق فعاليات مهرجان «شتاء طنطورة«، الذي تقيمه الهيئة العامة للترفيه بمحافظة العلا (شمال غربي السعودية).

ويهدف المهرجان إلى جذب السياح للمنطقة الأثرية المسجلة كموقع تراثٍ عالمي من قبل منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة «يونسكو».

إعلان يونسكو

تقع مدائن صالح في محافظة العلا، التابعة إدارياً لمنطقة المدينة المنورة. كما أنها تقع بمحاذاة سكة قطار الحجاز التاريخية، التي أُنشئت إبان الحكم العثماني للمنطقة.

وتضم آثاراً من الحضارات النبطية والثمودية واللحيانية التي عاشت قبل آلاف السنين. ويعتقد علماء الآثار أن الأنباط هم أول من استوطنوا المنطقة وعمّروها، التي كانت جزءاً من مملكتهم التي امتدت من عاصمتهم البتراء (جنوبي الأردن حالياً)، التي تقع إلى الشمال من مدائن صالح.

وقد سعت الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني برئاسة الأمير سلطان بن سلمان كي يتم تسجيل مدائن صالح كموقع تراثٍ عالمي من قبل منظمة اليونسكو، وهو ما حصل فعلاً عام 2008. وأصبحت حينها أول موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي.

 

بحسب موقع سبق الإخباري، فقد تعاونت الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني مع إمارة منطقة المدينة المنورة لـ «تنفيذ مشروع تأهيل وتطوير موقع مدائن صالح، وذلك وفق اشتراطات ومعايير اليونسكو».

جدل حول مشروعية زيارة مدائن صالح

ظلَّ كثير من السعوديين، ولسنوات طويلة، يعتقدون تحريم زيارتها بغرض السياحة والاستمتاع، وذلك اتباعاً لآراء وفتاوى دينية صدرت من مجموعة من رجال الدين، مثل المفتي السعودي العام السابق عبدالعزيز بن باز.

ورجال الدين بدورهم يستندون إلى حديث شريف يُنسب للنبي محمد، عندما مرَّ على مدائن صالح قبل غزوة تبوك، يقول فيه: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم فيصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين»، قاصداً بمن ظلموا أنفسهم قوم ثمود، الذين أخذتهم الصيحة بعدما عقروا ناقة النبي صالح كما جاء في القرآن الكريم.

لذا فعندما تم إعلان مدائن صالح كموقع تراثٍ عالمي، وبدأ الحديث عن تجهيزها لتكون إحدى وجهات السياحة الأساسية داخل السعودية، قوبلت الخطوة باستهجان العديد من المواطنين، باعتبارها مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية.

تعاون سعودي فرنسي

في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017، أعلنت الهيئة السعودية للسياحة والتراث الوطني إغلاق مدائن صالح لفترة مؤقتة، لتمكين فريق من المختصين وعلماء الآثار من إجراء بعض الدراسات، التي تساعد في تطوير المنطقة، حتى تكون وجهة سياحية عالمية تتماشى مع رؤية 2030، التي تعتبر أحد أحجار الأساس التي يستند عليها الأمير محمد بن سلمان لتحقيق أهدافه الاقتصادية.

 

وخلال عام 2018 أجرت السعودية اتفاقاً للتعاون مع فرنسا، من أجل تطوير وتجهيز مدائن صالح. ويقضي الاتفاق، الذي تبلغ مدته 10 سنوات، بإنشاء وكالة مثل هيئة «متاحف فرنسا»، التي رعت إقامة متحف اللوفر أبوظبي.

وتستقبل مدائن صالح الزوار يومياً خلال ساعات النهار حتى غروب الشمس، حيث تستقطب عشرات الآلاف من السياح سنوياً، بعكس ما يعتقده البعض بأنها مغلقة في وجه السياح.

 

آثار العلا.. حضارة قديمة وقصور حجرية

كانت العلا «دادان» مركزاً تجارياً بارزاً على طريق القوافل القديم، كما عُرفت بنشاطها الزراعي.

وكانت التجارة القادمة من إفريقيا وآسيا وجنوب شبه الجزيرة العربية التي تحمل التوابل والعطور والبخور تتجمع في العلا القديمة.

ولموقعها المميز، خضعت العلا لسيطرة 4 حضارات قديمة، هي: دادان، ولحيان، ومعين، والأنباط، في تاريخ يمتد إلى القرن السادس قبل الميلاد، وتركت هذه الحضارات آثاراً لا يزال بعضها باقياً حتى الآن.

تضم العلا منطقة الحجر أو مدائن صالح، التي تعتبر متحفاً مفتوحاً، يضم آثاراً حجرية قديمة تمثل أماكن العبادة ونقوشاً صخرية، وهي آثار تُنسب لقوم ثمود والحضارة النبطية، وتوجد فيها مدافن مدائن صالح، التي يعود بعضها لما قبل الميلاد، وتضم كذلك قصوراً صخرية مميزة، ومعبداً نبطياً منحوتاً في الصخر أيضاً.

 

وفي العلا أيضاً مجموعة من الآثار، بعضها يعود للحقبة العثمانية، مثل قلعة الحجر التي بُنيت عام 1375، وسكة حديد الحجاز التي كانت تربط الحجاز بالشام، وصولاً إلى عاصمة الدولة العثمانية إسطنبول.

وتوجد كذلك قلعة موسى بن نصير، التي أقام فيها القائد العسكري الأموي، وتعتبر أقدم مباني العلا، حيث أنشأها الأنباط في القرن السادس قبل الميلاد.

وفوق هضبة صحراوية بالعلا، توجد البلدة القديمة المبنية بالحجر والطين، وتعتبر حالياً منطقة أثرية خالية من السكان، لكن لا تزال تحتفظ ببيوتها القديمة ومنازلها ومساجدها وأسواقها القديمة.

 

وتعتبر الساعة الشمسية «الطنطورة» أحد معالم العلا التي تُستخدم لحساب الوقت اليومي وتمييز الفصول الأربعة، ولا تزال صالحة للاستخدام حتى اليوم.