بعد أن شاهد خيامهم وهي تفيض بالمياه، والثلوج تنهار على رؤوسهم، قرر شاب لبناني فتح أبواب قصره لاستضافة اللاجئين السوريين المتضررين من العاصفة «نورما».
ماهر العوض، الأستاذ الجامعي الذي يعيش في بلدة «بنين» بشمال لبنان، هالته المأساة التي يعانيها اللاجئون السوريون في لبنان، فقرر أن يتحرك لمساعدتهم.
شاب لبناني فتح أبواب قصره لاستضافة اللاجئين السوريين.. بهذه الكلمات أطلق المبادرة
«هذا البيت ملك لله، سخَّرني لأبنيه في منطقة (بنين)، ولكنه ليس كاملاً، إلا أنه مؤهل لاستقبال أناس نائمين في خيمة ممتلئة بالمياه».
بهذه العبارة، أطلق ماهر، صاحب القصر، مبادرته على فيسبوك بعد أن رأى الكارثة التي سبَّبتها العاصفة «نورما».
ويقول العوض إن بيته مؤلَّف من 9 غرف، وهو الأمر الذي سمح باستقبال عدد كبير من العائلات، منها عائلات ستقيم فترات طويلة، وبعضها فترة مؤقتة، لحين تحسُّن العوامل الجوية.
وعرضُه على اللاجئين السوريين مرتبط بهذه الشروط
وقال ماهر عوض إن «تلك المبادرة الإنسانية أهمّ بكثير من تأجيره وكسب المال».
وأضاف أن «هذا العرض سارٍ خلال فصل الشتاء وخلال الظروف المناخية الصعبة، وفي أي ظروف صعبة».
وقال إن بعض الأسر جاءت إلى القصر فترةً ثم غادرت بعد مرور المرحلة الأصعب بالطقس.
والعائلات جاءته بعد أن تفرق شملها
«تفرَّق شمل عائلتنا بعد العاصفة»، بهذه الكلمات تروي «أم ديبو»، وهي لاجئة سورية من مدينة حلب، التجربة التي مرت بها أسرتها بسبب الطقس السيئ الذي تعرض له لبنان.
وقالت إنها كانت تقيم هي وعائلتها الكبيرة بخيمة تملؤها الثلوج والأمطار، وبسبب العاصفة الأخيرة تهدمت الخيام؛ وهو الأمر الذي دفعهم إلى مغادرة المخيم بحثاً عن أماكن أكثر أمناً، ليستقر بهم الحال في قصر الشاب اللبناني.
وأضافت أن الأولاد فقط هم الذين جاؤوا معها إلى القصر، في حين تفرَّق شمل بقية أفراد الأسرة إلى أماكن أخرى.
ولكن، لماذا كانت معاناة اللاجئين السوريين مع العاصفة «نورما» أكبر من غيرها؟
وتسببت العاصفة الثلجية «نورما«، التي ضربت المنطقة في الثلث الأول من يناير/كانون الثاني 2019، في تفاقُم الوضع الإنساني للاجئين السوريين بمخيمات لبنان.
إذ أعلنت الأمم المتحدة عن تعرُّض 8 آلاف لاجئ و150 تجمُّعاً للضرر، وتدمير 15 مخيماً بشكل شبه تامّ، فضلاً عن تهديد الفيضانات أكثر من 70 ألف لاجئ.
ولم تكن هذه أول عاصفة يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان منذ أن وطئت أقدامهم البلاد عام 2011، ولكنَّ وطأة هذه العاصفة كانت الأشد، ليس فقط بسبب قسوتها، بل أيضاً جراء موقف المجتمع الدولي الذي تزداد لا مبالاته بهم، وهو الأمر الذي نجم عن عجز كبير في التمويل الدولي المخصص لهم.
ووصل ارتفاع المياه بالكثير من مُخيَّمات اللاجئين السوريين في سهل البقاع اللبناني إلى نصف متر خلال أوج العاصفة «نورما»، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة CNN الأمريكية.
ولقيت فتاةٌ تبلغ من العمر 8 سنوات حتفها خلال العاصفة، بعد أن سقطت في النهر وغرقت.