عندما وصلت رهف القنون لمطار بانكوك طلب منها موظفو الخطوط الجوية الكويتية التي جاءت على متنها جواز سفرها، حتى تتمكن من الدخول للأراضي التايلاندية، وبسلامة نية سلمت جوازها، ولكن كيف نجحت رهف القنون في الخروج من مطار بانكوك بعد أن وقعت في هذا الفخ؟
مصادر مقربة للفتاة السعودية رهف تحدثت مع «عربي بوست»، حيث ذكروا رواية مختلفة عن تلك القصص الشائعة عن الفتاة السعودية.
إذ قالوا إن المشكلة التي دفعتها للهرب ليست مع والديها، بل بسبب مضايقات أمير سعودي صاحب نفوذ كبير، كاشفين أيضاً كيف أنها نجت من محاولة الترحيل من مطار بانكوك بفضل مساعدة محام مصري.
كيف نجحت رهف القنون في الخروج من مطار بانكوك بعد أن سلمت جوازها؟
«السلطات التايلاندية ترفض دخولك لعدم حيازتك الأوراق المطلوبة، ويجب أن تعطينا جوازك لإتمام الإجراءات»، بهذه الكلمات حاول موظفو الخطوط الجوية الكويتية إقناع رهف بتسليم جواز سفرها.
وبالفعل سلمتهم رهف الجواز، إذ لم تدر أنّ هذا الطلب ليس إلا خدعة نسجها لها موظفو السفارة السعودية بالتعاون مع الخطوط الكويتية، حسبما قال مقربون منها لـ «عربي بوست» نقلاً عنها.
وبعد أن أخذ موظفو الشركة جوازها لفترة أدركت رهف أنّها تعرضت بالفعل لخديعة لاستدراجها لإعادتها على متن الخطوط الكويتية إلى الكويت مجدداً، ومنها إلى السعودية.
لقد تذكرت هذا الصديق القديم
إلا أنّه من حسن حظ رهف أن الطائرة التي كان من المفترض أن تُقلها أقلعت، الأمر الذي جعل رهف تنتظر إلى صباح اليوم التالي داخل غرفة فندق بمطار بانكوك.
وسيطر الرعب على رهف، وشل تفكيرها إلى أن تذكرت أنّ لها صديقاً مختصاً بالقانون الدولي، وهو المحامي المصري محمود رفعت، رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والمقيم في باريس.
وسيكون لهذا المحامي دور كبير في تغيير مصيرها.
كيف نجح المحامي المصري في الضغط على تايلاند لعدم تسليمها؟
اتصلت رهف القنون بمحمود رفعت، أثناء انتظارها في مطار بانكوك وأجرت عدة مكالمات معه وشرحت له ملابسات ما حدث معها.
وكان رفعت بمثابة المهندس الحقيقي لعملية تسليط الضوء على قضيتها وإقناع السلطات التايلاندية بعدم تسليمها للسعودية.
يقول رفعت لـ «عربي بوست»، إنه نصح رهف بألا ترضخ لأمن المطار، وأن تكون حازمة معهم، وألا تقبل بأي حال من الأحوال مسألة إعادتها إلى السعودية.
وأجرى رفعت مكالمة هاتفية مع إدارة مطار بانكوك، وأعلمهم بعواقب ما حدث مع رهف من مصادرة جواز سفرها من قبل موظفي الخطوط الكويتية بالاتفاق والتواطؤ مع موظفي السفارة السعودية، حسب تعبيره.
ويقول رفعت إنه بعث برسالة أخرى شديدة اللهجة عبر البريد الإلكتروني تحذر سلطات مطار بانكوك من إعادة رهف إلى السعودية، قائلاً إنها ستتعرض في حال عودتها حتماً للتعذيب والقتل، وهذا يعدّ مخالفاً للأنظمة والقوانين الدولية.
كما أنه استطاع حشد اهتمام الإعلام الغربي بقضية رهف
لم يكتف رفعت بحسب ما قال لـ «عربي بوست» بهذا الإجراء، بل قام بتسليط الضوء على قضية رهف.
إذ ذكر المحامي المقيم في باريس أنه أجرى اتصالات بنواب في البرلمان الأوروبي، ولقيت تحركاته ومناشداته تجاوباً منهم.
وهذا جعل العديد من الصحفيين ووسائل الإعلام الغربية تتحرك لتتواجد في المطار، من ضمنهم صحفيون أستراليون.
هذا الاهتمام الإعلامي والحقوقي جعل من قضية رهف القنون قضية حساسة، الأمر الذي أرغم السلطات التايلاندية على مراعاة طبيعة الموقف وجعلها تعزف عن تسليمها للسعودية.
ولهذه الأسباب اختارت رهف كندا التي تحمست لقضيتها
وكشف المحامي المصري أن رهف كانت ستلجأ إلى أستراليا، لكنّها في النهاية تراجعت عن هذا الخيار، بعد أن تلقت عرضاً أفضل من كندا من حيث الامتيازات التي ستحصل عليها والتي تعدّ أفضل من اللجوء إلى أستراليا.
وقالت مصادر مطلعة على قضية رهف لـ»عربي بوست»، إنّ مسؤولين في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أكدوا لرهف أنّ الحكومة الكندية كانت لديها رغبة شديدة في استقطابها كلاجئة على أراضيها، وذلك على خلفية الأزمة السياسية مع الرياض حول حقوق الإنسان بالسعودية.
إذ أرادت كندا أن تردَّ اعتبارها أمام الرأي العام العالمي، حتى حان الوقت لتردّ الصاع صاعين للسعودية من خلال قضية رهف.
وكان المدير التنفيذي لوكالة اللاجئين في مدينة تورونتو الكندية، قد ذكر الثلاثاء 15 يناير/ كانون الثاني 2019، أن الوكالة عيّنت حارساً لها، «لضمان ألا تكون بمفردها أبداً»، في الوقت الذي تواجه فيه تهديدات لسلامتها.
الجوانب الخفية للقصة منذ بدايتها في حائل.. لماذا هربت رهف القنون من وطنها؟
نشأت رهف وترعرت في مدينة حائل السعودية.
ولم تكن تتخيل هذه الفتاة،، التي تعيش في مدينة محافِِظة،، أنها ستتحول إلى حديث وسائل الإعلام العربية والدولية وهي لم يتجاوز عمرها 19 عاماً .
وتقول مصادر مقربة من رهف لـ «عربي بوست»، إن هروبها بالأساس ليس من عائلتها.
فحسب هذه المصادر، فقد فرّت رهف القنون؛ خوفاً على حياتها بعد أن تلقت تهديدات من أمير سعودي ذي نفوذ.
وبدأت حكايتها في سن 14 عاماً، بعد أن كانت تشارك وتتردد على أنشطة وفعاليات ثقافية كانت تنعقد في إمارة منطقة حائل، حيث كانت عائلتها على علاقة بشخصيات مهمة ونافذة بالسعودية من أمراء ومسؤولين.
وحسب ما يدعيه هؤلاء المقربون، فإن هذه الأنشطة أدت إلى توطيد علاقتها مع هذا الأمير، الذي كان يتردد على منطقة حائل، ويرعى مثل هذه الفعاليات والمهرجانات بحكم معرفته الشخصية بأميرها.
ويبدو أن رهف شعرت بالقلق من توطد علاقتها مع هذا الأمير، وبدأت تحاول الابتعاد عنه، حسبما يزعم مقربون منها.
وينقل هؤلاء المقربون عنها، أنه حاول إعادة الاتصال بها، وأنها حاولت حماية نفسها بالاحتفاط ببعض الأدلة على مضايقته إياها، وعندما علِم بذلك وجَّه تهديدات إليها.
ولكن هذا يتضارب مع تصريحاتها للإعلام الغربي
وكانت رهف قد زعمت في مقابلة أجرتها مع قناة ABC الأسترالية، أن السبب الذي دفعها للهروب من السعودية هو «العنف والاضطهاد النفسي والكبت».
كما قالت في مقابلة لها مع قناة «سي بي سي» العامة، الناطقة بالإنجليزية، إن «أكثر شيء أخافني هو أنهم لو أمسكوا بي فسأختفي»، في إشارةٍ منها إلى ذويها.
وأضافت: «حبسوني 6 أشهر، لأنني قصصتُ شعري»، وروَت أنها تعرَّضت «لعنف جسدي» متكرّر من شقيقها ووالدتها.
وقالت إنها أرادت أن تكون إنسانة مستقلة، واشتكت من أنها لم تستطع الزواج بالشخص الذي تريده، أو تتوظف دون موافقة ولي أمرها.
في حين قال والدها في تصريحات لصحيفة «الوطن» السعودية، إن ما أقدمت عليه ابنته هو نتيجة بحثها عن بيئة خصبة تحتضن فكرها، مبيناً أنه يجهل ما إذا كانت ابنته قد وقعت ضحية لأجندة خارجية تستهدف تسييس قضيتها أو لا.
ويقول المقربون من رهف، إن تصريحاتها بشأن عائلتها جاءت لأنها لا تستطيع أن تذكر علناً السبب الرئيس لهروبها، وهو تعرضها للتهديد من الأمير المشار إليه، كما أن عائلتها مضطرة إلى التبرؤ منها؛ خوفاً من تعرضها للأذى، حسبما نقلوا عنها.
ويزعم هؤلاء المقربون أنّ والد رهف على الرغم من معرفته بقصة ابنته، فإنه لم يتجرأ على التظلم أو تقديم شكوى ضد الأمير الشاب النافذ، إذ يخشى على نفسه وعلى عائلته من أي رد فعل يمكن أن يقوم به الأمير تجاههم.
وهي لم تكفر ولم تلحد كما يتهمونها
المقربون من رهف نفوا اشائعات الواردة حولها التي تتهمها بالإلحاد والخروج عن ثوابت الدين.
وقالوا إنها لم تحمل أي أفكار إلحادية فيها خروج عن الثوابت، مؤكداً أنّ الفتاة تؤدي صلواتها الخمس، وهي مؤمنة بالإسلام، حسب قولهم.
وبرروا تصرفاتها التي أثارت الانتقادات، بأن الظروف التي مرت بها قد أجبرتها على أن تسلك طريقاً بعيداً عن الذي نشأت وتربّت عليه، لتتحول إلى شخصية متحررة.
ونفوا ما قاله البعض بأنها اختارت اللجوء إلى بلد آخر لممارسة إلحادها، بل لمحوا إلى أن الضغوط والمخاوف التي تعرضت لها هي التي دفعتها إلى الهروب من بلادها.
ونشرت رهف صورتين لها في صفحتها على «سنابشات» خلال تواجدها في أحد المطاعم في مدينة تورنتو، إحداهما وهي تحمل قهوة من «ستاربكس»، وتظهر فيها بفستان قصير، والأخرى صورة لطبق من اللحم علقت عليه: «يا إلهي إنه لحم خنزير مقدد».
وهو الأمر الذي أثار انتقادات كثيرة في المملكة العربية السعودية.