مودة بحاح
لأكثر من 15 يوماً صمدت مجموعة من الفتيات وهن يخضن تحدياً من نوع خاص، من خلال الامتناع عن وضع مستحضرات التجميل على وجوههن، ضمن حملة «خلي البدر يطلع شهر»، التي أطلقتها منظمة «الباحثون السوريون».
توضح الصيدلانية ربى خلف (26 سنة)، المسؤولة عن الحملة، وهي خريجة كلية الصيدلة من الجامعة العربية الدولية بدمشق وخريجة كلية الهندسة الطبية من جامعة دمشق، بالإضافة لكونها طالبة ماجستير في إيطاليا، أن هنالك مجموعة تضم كل أعضاء «الباحثون السوريون» يتناقشون فيها بشكل دائم، وكان الحديث دائراً نهاية العام الماضي عن حملة تتعلق بالرجال بتشجيعهم على عدم حلاقة الذقن خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وضمن التعليقات التي وردت بين الأعضاء حينها اقتراح بإطلاق حملة «نو ميك آب جنيوري»، وتضيف أن الفتيات في المجموعة أحببن الفكرة وتحمّسن لها، وحضّرن لها حوالي الشهر والنصف ثم أطلقنها بداية العام الحالي.
وتذكر خلف، مديرة فريق الكيمياء والصيدلة في «الباحثون السوريون»، أن الحملة بدأت من الشباب ووصلت للفتيات، والهدف منها هو تسليط الضوء على مخاطر مستحضرات التجميل، أما الهدف الثاني فهو تعزيز ثقافة الجمال الطبيعي، وتقول: «ما نريد إيصاله أن الفتاة في حال خرجت دون أي مكياج ستكون جميلة، ويجب أن يحترمها الآخرون ويتجنبوا سؤالها: هل أنت مريضة أو متعبة؟».
وتشدد الدكتورة خلف على أن الحملة لا تعني توقف الفتيات عن وضع المكياج طيلة الوقت ولا عن مستحضرات العناية بالبشرة، وإنما التوقف لشهر واحد فقط، وهذا سينعكس بشكل إيجابي على أجسادهن لأنه سيبعدهن عن المواد الكيمياوية لمدة شهر كامل، وبالتالي ستكتشف المشاركات الفرق بأنفسهن.
وبخصوص التعليقات السلبية التي تلقوها كمنظمة أو كمشاركات، أوضحت الدكتورة خلف أن المواجهة تكون بالشرح للطرف الثاني بأن تعليقاتهم السلبية تتسبب بأذى نفسي لعدد من المشاركات، فالبعض قد يعتبر أن كلامه مجرد مزحة، لكن الأمر أبعد من هذا لأنه سيجرح مشاعر الآخرين. وطالبت الناس بالابتعاد عن هذه التعليقات السلبية خاصة على الصفحة العامة التي تضم حوالي مليوني متابع.
وبالنسبة لدور الشباب في دعم الحملة، أكدت الدكتورة خلف أنه كبير؛ لأن دعمهم لها وتشجيعهم للفتيات بالابتعاد عن هذه المساحيق والحديث عن مخاطر المكياج سيترك أثراً إيجابياً في شخصيتهن ويشجعهن على المتابعة.
لماذا شهر؟
وأشارت الدكتورة خلف إلى أن البشرة والأجسام تختلف من شخص لآخر، وكذلك الأمر بالنسبة لمستحضرات التجميل التي نستخدمها، وأمام هذا التفاوت وللحصول على نتيجة فيزيولوجية جيدة نحتاج لفترة أطول من يوم أو يومين كي نلمس أثر التوقف عن استخدام مستحضرات التجميل، وأضافت: «عندما نقوم بتحدٍّ يجب أن يحمل شيئاً من الصعوبة، وإلا كيف سيكون اسمه تحدٍّ».
وتابعت الدكتورة خلف، في حديثها لـ»عربي بوست»، أن مَنْ ترغب في المشاركة بالحملة يمكن أن تستخدم إطار الحملة مع صورتها وتنشرها مع الهاشتاغات الخاصة بالحملة، وتؤكد أنهم في «الباحثون السوريون» لن ينشروا أي صورة دون التواصل مع صاحبتها والحصول على موافقتها.
وعن الاعتناء بالبشرة بشكل صحيح، ذكرت أن أهم خطوة هي شرب الماء بكميات كبيرة من أجل الترطيب لأن البشرة أكثر عضو في الجسم يحتاج للترطيب، كما يجب استخدام مرطبات موضعية من كالكريمات التي تتناسب مع نوع البشرة، ومن الضروري فحص البشرة بين الفينة والأخرى، بالإضافة لغسل الوجه واستخدام الواقيات الشمسية بشكل دائم حتى في الشتاء.
أكثر شباباً من دون مكياج
من جانبها توضح آية إسماعيل الحامد، طالبة صيدلة ومتطوعة بعدة جمعيات، أنها التزمت بالحملة لأنها تعرضت قبل مدة لأذية أصابت عيونها بسبب مستحضرات التجميل، وبالتالي هي لديها تجربة مسبقة سيئة مع هذه المستحضرات، لهذا حينما اطلعت على فكرة الحملة قررت أن تكون من ضمن المشاركات، وأن تعمل على تشجيع الفتيات على الابتعاد عن المكياج حتى لا يتعرضن لأي أذى، وأضافت: «كل شيء أجمل على طبيعته، ويجب على الفتاة أن تتقبل نفسها كما هي وألا تنتظر ردة فعل الآخرين نحوها».
وعن تعليقات الناس لها حينما رأوها أول مرة دون مكياج قالت، ظنوا أني مريضة لكن لاحقاً اعتادوا عليّ، وباتوا يشعرون بأني أجمل هكذا، كما أني أبدو أصغر سناً.
وتمنت لو تتوقف الفتيات عن وضع مساحيق التجميل؛ لأنها جعلتهن متشابهات وألغت الجمال الطبيعي، وتؤكد أنها أمام النتائج الإيجابية التي حصلت عليها ستستمر دون مكياج لأن الابتعاد عنه جعل بشرتها تتنفس وأصبحت أكثر راحة، وتختم بأنها تحافظ على بشرتها باستخدام مواد للوقاية وتنظيف للبشرة عن طريق بخار الماء مرة كل أسبوع.
انتقادات وسخرية
أما إيمان أولجة، وهي طالبة أدب فرنسي من الجزائر، فقالت إنها بالأصل لم تكن تضع المكياج بشكل كبير، لكن بعد الحملة تخلت عنه بشكل تام، وتضيف: «إننا جميعاً بشر ولدينا عيوب في بشرتنا، ويجب أن نتصالح مع هذا الأمر ونحاول معالجتها بالطرق الصحيحة لا بإخفائها بمستحضرات التجميل». وأضافت أيضاً أنها في فترة المراهقة ظهرت لها حبوب على وجهها، وكانت تخفيها باستخدام المكياج، لكن لاحقاً اكتشفت أنها أضرّتها، لهذا بدأت تعزز ثقتها بنفسها، وتبتعد عن مستحضرات التجميل وتكثر من شرب الماء وتمارس الرياضة.
لم تسلم تجربة إيمان من الانتقاد، حيث تقول أغلب الفتيات اللواتي تعرفهن يرفضن الخروج دون مكياج، ويشجعنها على وضعه، وتضيف ساخرة: «هن يقلن لي إني بالوضع الحالي لن ألفت نظر الشباب لي».
كما أن الحملة نفسها لم تسلم من الانتقادات وعبارات السخرية التي أطلقها الشباب والفتيات على حد سواء، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تعتبر أن الفتيات من خلال هذه الحملة سيشبهن الشباب وأنها قد تجلب لهن الخدمة الإلزامية.
عربي بوست