ترجمة: الموقع بوست
انقلبت الأمور رأساً على عقب، أمس الأربعاء 23 يناير/كانون الثاني، فيما يخص الأزمة السياسية في فنزويلا؛ إذا تتابع إعلان القوى العالمية اعترافها بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً شرعياً انتقالياً للبلاد.
إذ غرَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب: «قاسى مواطنو فنزويلا لفترة أطول من اللازم على يد نظام مادورو غير الشرعي»، جاء ذلك أثناء إعلان ترامب ما يصفه البعض بالقرار الذي سيغيّر قواعد اللعبة، بحسب تقرير لصحيفة The Guardianالبريطانية.
وسرعان ما تبعت تغريدة ترامب إعلان كندا والبرازيل وكولومبيا وتشيلي وبيرو والإكوادور والأرجنتين وبارغواي وكوستاريكا اعترافها بغوايدو أيضاً، رغم أنَّ حكومة المكسيك ذات الميول اليسارية قالت إنَّها لن تغير سياسية في الوقت الراهن، وهاجم رئيس بوليفيا، إيفو موراليس، ما سمّاه الهجوم الإمبريالي على حق أمريكا الجنوبية في الديمقراطية وتقرير المصير.
وغرَّد رئيس البرازيل اليميني المتطرف جايير بولسونارو: «البرازيل ستدعم سياسياً أو اقتصادياً عملية التحول بحيث تعود الديمقراطية والسلم الاجتماعي إلى فنزويلا».
هل سيرضخ مادورو؟
وذكر مسؤولٌ رفيع في الإدارة الأمريكية أنَّ هذه الخطوة تعني أن «مادورو وشركاه» بات عليهم الآن أن يفهموا ألا مستقبل لهم ولا خيار سوى القبول بـ «انتقال سلمي» للسلطة وحل يضمن لهم «الخروج من البلاد».
وبعد أن بدأ الخبر الدرامي يتجلى في الأذهان، قال مختصون في الشأن الفنزويلي إنَّهم غير واثقين من تأثيره المباشر، وكيف يمكن أن يكون رد فعل مادورو.
خوان غوايدو، رئيس البرلمان الفنزويلي/ رويترز
وقال إريك فرانسورث، الدبلوماسي الأمريكي السابق ونائب رئيس منتدى مجلس الأمريكتين، إنَّ الخطوة التي أقدم عليها غوايدو، واعتراف ترامب السلس بها، والذي جاء بعد يوم واحدٍ من تظاهرات حاشدة يندر أن تشهدها فنزويلا، كان «منعطفاً واضحاً» يمكن أن يثبت فيما بعد أنه نقطة تحولٌ لنظام مادورو المتأهب.
وقال: «لا أظن أن بوسعنا أن نفترض بشكل تلقائي أن مادورو يستعد للرحيل. ولكني أعتقد فعلاً أن ما حدث اليوم يعد أخطر تهديد تعرض له».
ومع ذلك، كانت لحظة هذا الإعلان مشوبة بالخطر، بالنسبة لكلٍّ من النظام والبلاد برمتها. وتوقع فرانسورث: «لا يمكن لمادورو الإذعان لهذا التحوّل؛ سيكون له رد فعل بشكل أو بآخر».
الرئيس الفنزويلي يرفض ويقاوم
لم يُضِع مادورو وقتاً لإطلاق الهجوم المضاد؛ إذ أعلن من «شرفة الشعب» في القصر الرئاسي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وأمهل الموظفين الدبلوماسيين الأمريكيين 72 ساعة لمغادرة البلاد.
زعم مادورو وجود انقلاب مدعومٍ من «الإمبراطورية الأمريكية»، وحثَّ مؤيديه، وبالأخص القوات المسلحة، على مقاومته «بأيِّ ثمن».
وقال مادورو: «نحن ندافع عن حق جمهوريتنا البوليفارية في الوجود»، واتهم أعداءه بمحاولة سرقة ثروات فنزويلا من النفط والغاز والذهب: «إنَّهم ينوون حكم فنزويلا من واشنطن. هل تريدون حكومة تابعة تخضع لسيطرة واشنطن؟».
وعقب ذلك مباشرة أعلن الرئيس نيكولاس مادورو أن فنزويلا قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع «حكومة الولايات المتحدة الإمبريالية».
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو
ونزل أنصار الرئيس الفنزويلي ومعارضوه بكثافة إلى الشارع الأربعاء في كل أنحاء البلاد، في أجواء توتر شديد. وقضى خمسة أشخاص في اضطرابات سبقت التظاهرات.
وتجمع المعارضون الذين ارتدى كثير منهم لباساً أبيض في العديد من أحياء العاصمة ومناطق أخرى من البلاد للمطالبة بـ «حكومة انتقالية» وانتخابات جديدة.
من جهتهم، تجمع أنصار مادورو الذين ارتدى معظمهم لباسا أحمر في العديد من نقاط التجمع بالعاصمة للتعبير عن دعمهم للرئيس ورفض مطالب المعارضة التي اعتبروها محاولة انقلاب من تدبير واشنطن.
ويتزامن اليوم مع الذكرى 61 لسقوط الدكتاتورية ونظام ماركوس بيريز خيميمنيز في 23 يناير/كانون الثاني 1958.
موقف وزير الدفاع الفنزويلي
لاحقاً، أعلن وزير الدفاع الفنزويلي فلاديمير بادرينو أنّ الجيش يرفض إعلان غوايدو نفسه «رئيساً بالوكالة» لفنزويلا.
ومنح أعضاء الممثليات الدبلوماسية الأمريكية 72 ساعة لمغادرة فنزويلا.
وكتب الوزير على تويتر أن «اليأس والتعصب يقوضان سلام الأمة. نحن، جنود الوطن، لا نقبل برئيس فُرض في ظل مصالح غامضة، أو أعلن نفسه ذاتياً بشكل غير قانوني. الجيش يدافع عن دستورنا وهو ضامن للسيادة الوطنية».
El desespero y la intolerancia atentan contra la paz de la Nación. Los soldados de la Patria no aceptamos a un presidente impuesto a la sombra de oscuros intereses ni autoproclamado al margen de la Ley. La FANB defiende nuestra Constitución y es garante de la soberanía nacional.
— Vladimir Padrino L. (@vladimirpadrino) January 23, 2019
ويتوقَّع العديد من المراقبين أن يذهب مادورو إلى أبعد من قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، بأن يطلب اعتقال غوايدو أو غيره من قيادات المعارضة. وقال فرانسورث إنَّ مادورو يمكن أيضاً أن «يطلق النار» على المتظاهرين ويحاول إخافتهم للعودة إلى منازلهم».
ولو حدث هذا، فسيكون على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الرد. وقال المسؤول الأمريكي إنَّ الولايات المتحدة لديها «خيارات عديدة» إذا حدث وقمع مادورو التظاهرات بهذا العنف: «جميع الخيارات مطروحة؛ دون استثناء»، بحسب الصحيفة البريطانية.
ماذا في يد أمريكا
والخطوة الأكثر احتمالاً هي فرض عقوبات نفطية في محاولة لخنق نظام مادورو اقتصادية، وحذر المسؤول من أنَّ الولايات المتحدة «لم تقدم حتى الآن على أبسط الأمور» بفرض العقوبات.
غير أنَّ ديفيد سميلد، الخبير في الشؤون الفنزويلية في مكتب جماعة Latin America في واشنطن، قال إنَّ الولايات المتحدة في الواقع لديها بعض الخيارات الجيدة إذا ما أقدم مادورو على استخدام العنف أو القمع السياسي.
ولو حدث هذا، فسيكون على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الرد. وقال المسؤول الأمريكي إنَّ الولايات المتحدة لديها «خيارات عديدة» إذا حدث وقمع مادورو التظاهرات بهذا العنف: «جميع الخيارات مطروحة؛ دون استثناء»، بحسب الصحيفة البريطانية.
ماذا في يد أمريكا
والخطوة الأكثر احتمالاً هي فرض عقوبات نفطية في محاولة لخنق نظام مادورو اقتصادية، وحذر المسؤول من أنَّ الولايات المتحدة «لم تقدم حتى الآن على أبسط الأمور» بفرض العقوبات.
غير أنَّ ديفيد سميلد، الخبير في الشؤون الفنزويلية في مكتب جماعة Latin America في واشنطن، قال إنَّ الولايات المتحدة في الواقع لديها بعض الخيارات الجيدة إذا ما أقدم مادورو على استخدام العنف أو القمع السياسي.
وقال سميلد: «رفعت الولايات المتحدة وغيرها من الدول سقف الرهان… ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا يفتح آفاقاً جديدة».
ويمكن أن تزيد العقوبات الاقتصادية من تأزم حالة الطوارئ الإنسانية الحادة التي تقول الأمم المتحدة إنَّها خلقت أكبر أزمة لجوء في تاريخ أمريكا اللاتينية الحديث. ومن غير المستحب أيضاً الإقدام على تدخل عسكري من شأنه أن يؤدي إلى تدمير جماعي وخسارة كبيرة في الأرواح، وإدخال الولايات المتحدة في أتون عملية احتلال وإعادة إعمار فوضوية مطولة.
وقال سميلد: «انظر إلى الصومال، انظر إلى أفغانستان، انظر إلى العراق: جميع تلك الحالات كان يفترض أن تنطوي على تدخل عسكري قصير الأمد، غير أنَّ ما فعلته على أرض الواقع هو تكبيد الولايات المتحدة خسائر فادحة فيما يتعلق بخسائر الأرواح والبنية التحتية».
وقال المسؤول الأمريكي إنَّ ترمب يأمل أن يفهم مادورو والمحيطون به أنَّهم لم يعد لديهم «مستقبل قريب» في البلاد، وأن يسعوا إلى إيجاد مخرج سلمي يعيد الديمقراطية إلى فنزويلا.
وقال: «دعونا نتفاءل ونأمل أن مادورو وحاشيته فهموا قدر الرسالة (التي بعثت بها تظاهرات اليوم)».
وقال فرانسورث إنَّه توقَّع حدوث هذا الاضطراب وحذر من إمكانية انهيار السلطة المدنية وحدوث حالة «فوضى على الأرض».
وتوقَّع أن «يكون هذا تاريخاً مهماً يتبعه بعض الأيام والأسابيع المشوبة بالقلق والتقلب»، وأضاف: «هذا أمرٌ واضحٌ وضوح الشمس».