توصل علماء إلى أن الهز اللطيف أو الهدهدة تسرّع الانتقال للنوم العميق لدى الكبار تماماً كما الأطفال. تساعد على تحسين ذاكرتهم من خلال تحسين نوعية نومهم.
لذا، إذا كنت تعاني مشاكل في النوم، فقد يكون من المفيد الاستثمار في أرجوحة شبكية، إذ يقول العلماء إن حركات الهدهدة لا تساعد الإنسان في النوم أكثر فحسب، بل إنها تحسن من جودة النوم؛ ومن ثم الذاكرة.
في حين أن الآباء يستخدمون الهدهدة طويلاً كطريقة لتهدئة أطفالهم وبث النوم في أعينهم، اقترحت بعض الدراسات أن ذلك يفيد البالغين أيضاً.
من الأطفال الذين ينامون على أذرع أمهاتهم نتيجة الهز وصولاً إلى الأجداد الذين يغفون على كرسي هزاز، من المعروف أن الهز أو الهدهدة يدفع إلى النوم. لكن العلماء لم يفهموا كيفية تأثيرها في الدماغ.
والآن يقول باحثون إنهم وجدوا أدلةً لدعم هذا، واكتشفوا فوائد أخرى يمكن التمتُّع بها.
وبحسب الدكتور بول فرانكين، المؤلف المشارك في البحث، من جامعة لوزان بسويسرا: «إن هدهدة مَن لا يعانون أي مشكلة في النوم تحسن جودة النوم، ويبدو أن فوائد النوم، كالذاكرة مثلاً، تتحسَّن أيضاً».
الهدهدة تسرّع الانتقال للنوم العميق
وكما ذكرت الورقة في دورية Current Biology، كشف الدكتور فرانكين وزملاؤه في جامعتي لوزان وجنيف، أن 18 مشاركاً شاباً أمضوا 3 ليالٍ في المختبر:
- واحدة للتعوُّد على البيئة.
- الثانية لمراقبة نوهم على سريرٍ ثابت.
- والثالثة لمراقبة نومهم على سريرٍ يهتز بلطفٍ يميناً ويساراً.
وطُلِبَ من المشاركين تعلُّم أزواج من الكلمات الفرنسية غير ذات الصلة، وبعد ذلك أُجرِيَ اختبار لقدرتهم على تذكُّرها قبل كل ليلة من ليالي الاختبار وبعدها.
روقِبت الموجات الدماغية لكلِّ مشارك خلال نومه، باستخدام تخطيط موجات الدماغ (EEG)، وسُجِّلَت مقاييس أخرى مثل: ضربات القلب.
كشفت بيانات الموجات الدماغية أن الهدهدة اللطيفة لم تؤثر في الوقت الإجمالي الذي أمضاه المشاركون في النوم؛ ولكنها قلَّصَت وقت انتقالهم إلى النوم «الحقيقي».
والنوم العميق يساعد على تعزيز الذاكرة
فقد أمضى المشاركون وقتاً أطول في «النوم العميق» -المعروف تقنياً بالمرحلة الثالثة من النوم من دون حركة عين سريعة- ومروا بعددٍ أقل من الاضطرابات في أثناء الهدهدة.
وقال الفريق إن من الممكن ربط ذلك بالنتائج، التي تقول إن الاهتزاز غيَّر من عدد وتوقيت أنماط معينة من الموجات الدماغية، التي تحدث في أثناء هذه المرحلة من النوم.
وأضاف أن هذه الأنماط مرتبطةٌ أيضاً بتماسك الذكريات.
وبالفعل عندما نظر الفريق في مدى نجاح المشاركين باختبار الذاكرة، وجدوا أن أولئك الذين ناموا على سريرٍ مهتز ارتكبوا أخطاءً أقل وتذكَّروا مزيداً من الأزواج الصحية من أولئك الذين ناموا على سريرٍ ثابت.
حتى الفئران أثرت الهدهدة في نومها ونشاطها
أبحاثٌ إضافية نشرت على دورية Cell وأُجرِيَت على الفئران، سلطت الضوءَ على مدى مساعدة الهدهدة في النوم.
فقد وجد الفريق أن الفئران نامت أسرع، وتمتَّعت بمزيد من فترات النوم في أثناء ساعات الراحة عندما تعرَّضوا للهز.
لكن الهدهدة لم تؤثر في الموجات الدماغية للفئران النائمة، وهو ما يشير إلى أنها لم تؤثر في جودة نومهم.
بدت الفئران كذلك كأنها تمضي وقتاً أقل في الاستكشاف عندما صحت.
لذلك، قال الدكتور فرانكين لصحيفة The Guardian: «إنّ سبب هدهدة البشر أطفالهم (إلى جانب حملهم على النوم) هو أنه يمنحهم الاسترخاء، وأنهم يصبحون أقل نشاطاً عندما يستيقظون».
لقد كانت النتيجة الرئيسة هي أن الفئران التي تفتقر إلى عنصر رئيس في نظامها الدهليزي -والموجود بالأذن الداخلية والمسؤول عن الإحساس بالتوازن ووضع الجسم- لم تظهر عليها أي فروق في أثناء النوم مع الهدهدة.
لذا قال المؤلف إن هذا يدعم نظرية أن هذا النظام جزء من الآلية التي يؤثر بها الهز في النوم.
ويضيف الفريق أيضاً أن هذا يشرح أيضاً سبب التأثير الإيجابي الحاصل على الفئران التي تملك نظام دهليز أقل حساسية.
وقد تكون الأرجوحة الحل المثالي بدلاً من العقاقير
ورحب الدكتور ديرك-جان ديجك، مدير مركز أبحاث النوم بجامعة سري البريطانية، بالبحث قائلاً إنه يفتح المجال أمام إمكانية إيجاد طرق جديدة لتحسين النوم من دون عقاقير.
لكن الباحثين يحتاجون النظر إلى ما هو أبعد من المشاركين الشباب الأصحاء لتحقيق فوائد محتملة.
وقال الدكتور ديجك: «من المهم الآن أن تُكرَّر هذه التجربة على كبار السن -الذين يحظون بمدة أقل من النوم العميق، واستمرارية أقل من النوم- والمرضى الذين يعانون شكاوى النوم واضطراباته».