بعد أسابيع من دخول «فياغرا النساء» – أو «الفياجرا النسائية» كما يطلق عليها البعض – السوق في مصر، ما زالت الحبة الزهرية تثير جدلاً حول صحتها وتأثيرها على الحياة الجنسية للسيدات.
إذ وافقت وزارة الصحة المصرية على استيراد عقار Addyi الشهير بالفياغرا النسائية، ليشهد إقبالاً كبيراً رغم سعره المرتفع نسبياً.
يشترط الدواء ـ كحبوب منع الحمل ـ أن تتناول المرأة منه حبة يومياً، بعكس عقار الفياغرا. تتضمن العلبة الواحدة 10 أقراض يبلغ سعرها 10 دولارات أي ما يعادل 200 جنيه مصري وفق سعر صرف الدولار في يناير/كانون الثاني 2019.
لذا فإن المراة بحاجة إلى 3 علب شهرياً، وهو ما يفوق قدرة المواطن المصري العادي، لكن أصحاب عدد كبير من الصيدليات صرحوا بأن “الحبة الروز” لاقت رواجاً كبيراً، وبأن معظم من يشتريها رجال، نظراً لخجل النساء من طلبها.
بدورها قالت د.هبة قطب مستشارة العلاقات الزوجية لموقع BBC إن هذه «تسمية خادعة».
وأوضحت أن «الفياغرا تضخ الدم للأعضاء التناسلية في حين أن الفليبانسرين يعمل بالأساس على الجهاز العصبي.»
وأكدت قطب على أن «الجنس عند المرأة يكمن في العاطفة. فإذا كانت الزوجة تعاني مشكلات زوجية تتمثل في العنف أو سوء المعاملة، فلا يمكن لرغبتها الجنسية أن تتحسن مهما تعاطت من عقاقير.»
فياغرا النساء أول دواء أمريكي يحوز موافقة صحية
حصل العقار على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لأول مرة كعلاج لضعف الرغبة الجنسية عند النساء.
لكن الأقراص الوردية الصغيرة التي ستُباع تحت الاسم التجاري Addyi، أثارت حالةً من الجدل.
نستعرض في هذا التقرير كل ما تريد أن تعرفه عن فياغرا النساء.
ربما لم يكن يجب أن تسمى فياغرا النساء
كان احتمال المقارنة بين عقار فليبانسرين -إذا استخدمنا اسمه الكيميائي- والعقار المقابل ذائع الصيت عند الرجال، حتمياً، لكن هذا اللقب الذي اتَّخذه لقبٌ مُضلِّل.
بينما تعالج الفياغرا ضعف الانتصاب بزيادة تدفق الدم إلى العضو التناسلي، يعمل فليبانسرين بالأساس كمضادٍ للاكتئاب ويرفع الرغبة الجنسية عن طريق تحقيق التوازن بين المواد الكيميائية بالدماغ.
وبالتحديد، يعالج العقار اضطراب الرغبة الجنسية قاصرة النشاط (HSDD) بالأساس لعلاج المعاناة الناجمة عن ضعف الرغبة الجنسية والتي يُعتَقَد أنها تصيب بين 5.5 إلى 8.5 مليون امرأة في الولايات المتحدة.
فرسٌ رابح لشركات الأدوية الكبرى
بالحصول على الموافقة، نجحت شركة Sprout، المنتجة لعقار Addyi، في ما فشلت فيه شركات طبية كبرى.
حاولت العديد من الشركات مثل Pfizer وProcter & Gamble، وغيرها، تصنيع عقار لعلاج ضعف الرغبة الجنسية لدى النساء.
للعقار مميزاته وعيوبه، ولكن يتوفَّر للأطباء الآن عقارٌ جديد لعلاج حالة شائعة.
تخطط Sprout لطرح العقار في منتصف أكتوبر/تشرين الأول. ويتوفَّر لدى شركةٍ منافسة، وهي Palatin Technologies، عقارٌ بديل لعلاج اضطراب الرغبة الجنسية قاصرة النشاط (HSDD) في مراحله التجريبية الأخيرة.
تأثير جنسي ضئيل وأعراض جانبية حادة مُحتَمَلة
ذكرت النساء اللواتي تناولن العقار أنه وفَّر لهن تجربةً جنسية مرضية إضافية واحدة في الشهر مقارنةً بالعقار الوهمي.
واعتبر مؤيدو العقار أن هذا التأثير الضئيل جدير بالاهتمام، إذ تقول أماندا باريش لشبكة BBC، وهي مِمَّن خضعن للتجارب: «أريد أن أشعر بالرغبة تجاه زوجي، بكل بساطة».
تأتي موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بتدابير أمان صارمة، ما يعني أن استخدامها لن يكون واسع الانتشار كما تُستَخدَم الفياغرا لدى الرجال.
الأطباء وحدهم هم من يصفونها للمرضى بعد استشارتهم حول كل الأعراض الجانبية المُحتَمَلة، من انخفاض ضغط الدم والغثيان والإغماء.
وعلى الصيادلة أن يُذكِّروا المرضى بعدم شرب الكحول أثناء تناول العقار لأنه يمكن أن يزيد من حدة الآثار الجانبية.
بينما يتناول الرجال الفياغرا قبل ممارسة الجنس بوقتٍ قصير، يجب أن تتناول النساء عقار Addyi يومياً.
أصحاب الحملة ينتصرون.. ثاني إنجاز صحي جنسي بعد حبوب منع العمل
هيئة المستهلكين القومية، وهي مؤسسة غير ربحية، صرَّحَت في بيانٍ لها: «العقار هو أكبر إنجاز يخص الصحة الجنسية للنساء منذ ظهور حبوب منع الحمل».
واتَّهَمَت مجموعة Even the Score لحشد التأييد ضد إدارة الغذاء والدواء، والتي دشَّنَت حملةً من أجل علاج أفضل لصحة النساء الجنسية، إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA بالانحياز الجنسي مُسلِّطةً الضوء على المنتجات المتعددة المتوفرة لعلاج ضعف الانتصاب لدى الرجال، بينما لا تعالج أي منهم ضعف الرغبة الجنسية.
رحَّب بعض الأطباء بالموافقة على الدواء أيضاً، مثل الدكتورة لورين ستريتشر، وهي أستاذةٌ مساعدةٌ متخصِّصة في أمراض النساء والتوليد بجامعة نورث ويسترن.
وقالت: «هذا عظيم، تقدُّمٌ هائل لصحة المرأة، من بين كل العلل الجنسية، يعد هذا الاضطراب الأكثر انتشاراً بين كل الأعمار ولم يكن لدينا خيارات له تخص المرأة حتى الآن».
ومُشكِّكون يتهمون أمريكا بالتواطؤ مع حملة ترويج قوية وذكية
يزعم منتقدو Addyi أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA وافقت على دواء تأثيره على الهامش، مع أعراض جانبية خطيرة مُحتملة. إذ رفضت الإدارة نسخاً سابقة من الدواء من قبل.
وحذرت مجموعة المستهلكين Public Citizen: «للأسف لم نسمع عن آخر تطورات الدواء».
وصرح المركز الطبي PharmedOut الذي يهتم بتسويق الأدوية، أن إدارة الغذاء والدواء تمايلت مع «حملة علاقات عامة ذكية وقوية».
وصرح أدريان فوغ بيرمان، بروفيسور علم العقاقير ومدير PharmedOut لـ Washington Post: «هذا سيفسح المجال لشركات الأدوية للضغط على إدارة الغذاء والدواء عبر حملات العلاقات العامة للموافقة على أدوية ضارة، وهي أخبار سيئة بخصوص الموافقة العقلانية للأدوية».
لا يزال التحليل الطبي لاضطراب الرغبة الجنسية النسائية محل خلاف.
يزعم العديد من المختصين أن انخفاض الرغبة الجنسية لدى النساء لا يمكن علاجه كما يعالج ضعف الانتصاب لدى الرجال.
وصرَّحت جودي كوريانسكي، الأخصائية النفسية والمُعالِجة الجنسية المُعتَمَدة لشبكة CNN الأمريكية: «حياة المرأة الجنسية مُعقَّدة للغاية، ليس الأمر مجرد تناول الدواء، فتتحسَّن حالتها هكذا فجأة».