جيف بيزوس مالك شركة أمازون وأغنى رجل في العالم/ رويترز

أغنى رجل بالعالم يقع ضحية ابتزاز بسبب قضية جمال خاشقجي.. مالك "واشنطن بوست" يلمح إلى أن السعودية السبب

 

هدَّدت فضيحة دولية متشابكة تتعلق بابتزاز تعرض له جيف بيزوس -مالك شركة أمازون وأغنى رجل في العالم-  من قبل مجلة National Enquirer، الجمعة 8 فبراير/شباط، بأن تطال دونالد ترامب، إذ إن العديد من الأسئلة الرئيسية لا تزال بحاجة إلى إجابة.

بداية القصة تعود إلى أن بيزوس قال إن ديفيد بيكر، مالك مجلة National Enquirer، والصديق القديم للرئيس الأمريكي، حذَّره من أنه سينشر صوراً حميمية فاضحة له، ما لم يتوقف بيزوس عن التحقيق في كيفية حصول المجلة على رسائل نصية تفضح علاقته خارج إطار الزواج، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.

ويشغل بيكر منصب الرئيس التنفيذي لشركة أميريكان ميديا (AMI)، التي قالت يوم الجمعة إنها «تصرفت بشكل قانوني» في تقاريرها عن بيزوس، وإنها ستفتح «تحقيقاً شاملاً» في ادعاءاته بالابتزاز، وستتّخذ «أي إجراء مناسب وضروري».

 

 

 

ترامب يشن حرباً كلامية على بيزوس

كان ترامب قد شنَّ أيضاً حرباً كلامية طويلة على بيزوس، مالك صحيفة The Washington Post، التي يتهمها في كثير من الأحيان بأنها جزء من «وسائل الإعلام الإخبارية المضللة».

ولم يتحدث البيت الأبيض عن هذه المسألة، لكن خيطين آخرين أثارا أسئلة حول ارتباط محتمل بين بيكر وترامب.

إذ قال مراسل صحفي من صحيفة The Washington Post في مقابلة تلفزيونية، أن معسكر بيزوس يعتقد أن سلوك National Enquirer قد تكون له دوافع سياسية، وأن «كياناً حكومياً» ربما يكون قد وضع يده على رسائله النصية، رغم أنه لم يُشر إلى اسم الحكومة المتورطة.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" قد تطرقت في تقرير لها إلى تعرض بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست» للابتزاز، على يد ناشر مجلة «ناشيونال إنكويرر»، بسبب السياسة التحريرية لصحيفة واشنطن بوست.

وأشار بيزوس، في مقال مثير، إلى أن بيكر وشركة AMI قد «خضعا للتحقيق بشأن ممارسات مختلفة ارتكباها نيابة عن الحكومة السعودية».

وأضاف أنه «لأسباب لا تزال بحاجة إلى فهم أفضل، يبدو أن ذكر السعودية تحديداً يضرب وتراً حساساً».

ولم يتضح على الفور سبب ربط بيزوس للأمور بالسعودية، لكن المعلقين السياسيين سارعوا إلى التذكير بأن جمال خاشقجي، وهو كاتب مقالات رأي في صحيفة The Washington Post ومنتقد للحكومة السعودية، قد قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول، مما يجعل علاقة ترامب القوية بالمملكة هدفاً للانتقاد في كثير من الأحيان.

 

 

 

 

ما قام به ترامب يشكل تصعيداً خطيراً على الدستور الأمريكي

وقد أدانت منظمة PEN America، التي تدعو إلى حرية التعبير، ممارسات شركة AMI وعلاقاتها المحتملة بترامب. وقالت سوزان نوسيل، رئيسة المنظمة التنفيذية: «على خلفية تقارير موثوقة عن التنسيق السابق بين الرئيس دونالد ترامب وناشر صحيفة National Enquirer  ديفيد بيكر، فإن هذه التصريحات تشير إلى إمكانية وجود فريق شرير للغاية».

وتضيف: «إذا كانت تهديدات شركة AMI وممارسات الترهيب تجاه الصحافة قد وقعت بالتنسيق مع الرئيس أو بناء على طلبه، فإن ذلك سيمثل تصعيداً خطيراً في حرب الرئيس على التعديل الأول للدستور الأمريكي ودور الصحافة الحرة. يجب على الكونغرس التصرف على الفور للتحقيق في هذه الادعاءات الخطيرة».

وبدأت الدسائس، التي هزت عوالم وسائل الإعلام في نيويورك وسياسة واشنطن، في 9 يناير/كانون الثاني، عندما أعلن بيزوس على تويتر أنه سيطلق الروائية ماكينزي بيزوس، زوجته منذ 25 عاماً.

وفي اليوم التالي، نشرت صحيفة  National Enquirer قصة عن علاقة الملياردير والرئيس التنفيذي لشركة أمازون مع لورين سانشيز، وهي مذيعة تلفزيونية سابقة تزوجت هي الأخرى. وذكرت أن بيزوس أرسل «رسائل نصية ورسائل غرامية» إلى لورين. إذ كتب في إحداها: «أنا مغرم بكِ، بكل شيء فيكِ».

ولم يفوت ترامب فرصة للشماتة في الشخص الذي يعتبره خصماً له، وامتدح صحيفة Enquirer. وقال عبر تويتر: «آسف جداً لسماع الأخبار المتعلقة بجيف بيزوس، التي نشرها منافس تتسم صحيفته، كما أفهم، بأنها أدق  بكثير من صحيفة الضغط، صحيفة أمازون The Washington Post. نأمل أن تصبح الصحيفة قريباً في أيدٍ أفضل وأكثر مسؤولية».

 

 

 

 

ما هي الصور التي تمتلكها الشركة؟

في غضون ذلك، استأجر بيزوس فريقاً خاصاً من المحققين، لمعرفة كيف حصلت المجلة الشعبية على الرسائل والصور. وكتب بيزوس في مقاله على موقع Medium أنه علم أن بيكر «يستشيط غضباً» من التحقيق. وقد حاولت شركة AMI لاحقاً التقرب من ممثلي بيزوس بعرضٍ. وكتب بيزوس: «قالوا إن لديهم المزيد من الرسائل النصية والصور التي سينشرونها إذا لم نوقف تحقيقاتنا».

وكتب بيزوس أيضاً أن محرّر المجلة الشعبية ديلان هوارد، قد راسل هذا الأسبوع عبر البريد الإلكتروني أحد محامي المستشار الأمني القديم لبيزوس منذ فترة طويلة، ليصف صوراً تتضمن «صورة شخصية (سيلفي) «للجزء الأسفل» لبيزوس وهو يرتدي سروالاً قصيراً ضيقاً ومنشفة فقط، بالإضافة إلى العديد من الصور الفاضحة للورين سانشيز.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي كشف عنها بيزوس، عرضت شركة AMI صفقة رسمية: ستوافق المجلة على عدم نشر الصور إذا أدلى بيزوس ومحققوه بتصريح علني «يؤكدون فيه أنهم ليس لديهم معرفة أو أساس»، للإشارة إلى أن تغطية Enquirer كانت «بدوافع سياسية أو متأثرة بالقوى السياسية».

 

 

 

بيزوس يرفض الاستسلام للابتزاز

لكن في خطوة حظيت بإشادة عامة واسعة النطاق، قال بيزوس إنه قرر نشر رسائل البريد الإلكتروني المرسلة إلى فريقه «بدلاً من الاستسلام للاستلاب والابتزاز»، على الرغم من «التكلفة الشخصية والإحراج الذي يهددونه به».

وقال: «لا أرغب بالطبع في نشر صور شخصية، لكنني لن أشارك أيضاً في ممارستهم المعروفة بالابتزاز والمصالح السياسية والهجمات السياسية والفساد. أفضل أن أواجه الأمر وأثير الموضوع وأنتظر ما سيسفر عنه».

ويبدو أن هناك صحفيين آخرين يدعمون مزاعم بيزوس حول تكتيكات شركة AMI. إذ كتب رونان فارو، وهو مراسل تحقيقات في قناة HBO وصحيفة The New Yorker، على تويتر: «أنا وصحفي بارز آخر على الأقل اشتركنا في رواية قصص حول ترتيبات صحيفة National Enquirer مع ترامب، التي تشبه مساعي الابتزاز من شركة AMI، على غرار (توقف عن البحث، أو سندمرك)».

هناك علاقات قوية تجمع بين بيكر وشركة AMI وترامب، على الرغم من أنه قيل إنه قد أصابها الفتور في الأشهر الأخيرة.

وقد اعترفت الشركة مؤخراً بمساعدة حملة ترامب الانتخابية سراً بدفع مبلغ 150 ألف دولار إلى عارضة بمجلة Playboy، للحصول على حقوق قصتها حول علاقة مزعومة جمعتها بالمرشح الرئاسي آنذاك. وبعد ذلك منعت شركة AMI  نشر القصة إلى بعد انتخابات 2016.

وقد وافقت وزارة العدل الأمريكية، في سبتمبر/أيلول الماضي، على عقد اتفاقية عدم مقاضاة مع شركة AMI، التي تتطلب من الشركة وبعض كبار المسؤولين التنفيذيين، بما في ذلك بيكر وهوارد، التعاون مع السلطات.

ولكن في أعقاب الكشف الجديد، أفادت وكالة Associated Press، بأن المحققين الفيدراليين ينظرون الآن فيما إذا كانت المعلومات الأخيرة تعني أن شركة AMI قد انتهكت تلك الاتفاقية. إذ تتطلب الاتفاقية من شركة AMI عدم ارتكاب أية جرائم لمدة ثلاث سنوات.