السفر إلى «المدينة الخفية» يفجّر أزمة لدى شركات الطيران

السفر إلى «المدينة الخفية» يفجّر أزمة لدى شركات الطيران

كشفت بعض شركات الطيران عن اتخاذها إجراءات صارمة ضد ثغرةٍ للتحايل على أسعار التذاكر، توفِّر آلاف الدولارات من تكاليف السفر.

إلا أن تلك المحاولات لا تُسفر إلَّا عن مزيدٍ من الدعاية لمزايا تلك الحيلة، التي تُسمَّى السفر إلى «المدينة الخفية».  

ولشرح هذه الحيلة بأبسط صورة، يُمكن القول إنَّها تحدث حين يشتري الراكب تذكرة إلى وجهةٍ أقل شعبية وأرخص، يمر طريقها بوجهةٍ أكثر شعبية وأغلى، حيث ينزل الراكب من الطائرة، ولا يُكمل المرحلة الأخيرة من رحلته. 

ويمكن لأي شخص فعل ذلك، لكنَّه يجب أن يكون مُسافراً بالأمتعة التي يُمكن اصطحابها على متن الطائرة فقط حسب تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.

شركات الطيران لجأت للقضاء لوضع حد لخسائرها

وقد دأب العديد من الأشخاص على فعل ذلك طوال السنوات الماضية، ولكن بسبب الدعاية المتجددة -والمواقع الإلكترونية التي تحاول بشتى الطرق العثور على أفضل الأسعار- بدأت شركات الطيران اللجوء إلى القضاء لمنع ذلك.

وجاء الدليل على الرغبة الجديدة لدى قطاع الطيران في اتخاذ إجراءات ضد تلك الممارسة القائمة منذ وقتٍ طويل في إحدى محاكم برلين الأسبوع الماضي، حيث تُضاعف شركة لوفتهانزا للطيران جهودها لمقاضاة مُسافرٍ أوروبي على درجة رجال الأعمال استخدم تلك الحيلة لتوفير آلاف الدولارات في رحلته الجوية.

بسبب حجز المواطنين تذاكر وهمية لدول ويقطعون الرحلة في دول أخرى

ووفقاً لإحدى وثائق المحكمة، حجز مسافرٌ، لم يُذكَر اسمه، رحلة عودة من أوسلو إلى سياتل، توقفت في فرانكفورت.

ولم يُكمل المرحلة النهائية من رحلته، إذ نزل من الطائرة في فرانكفورت وسافر إلى برلين بتذكرةٍ منفصلة.

وكلَّفت هذه الخطوة، التي تبدو بسيطة، شركة لوفتهانزا نحو 2385 دولاراً، وهو المبلغ الذي تسعى الشركة حالياً إلى استرداده من العميل.

ولم يُقرَّر بعد ما إذا كان هذا التصرُّف غير قانوني أم عادي. إذ رفضت إحدى محاكم برلين قضية الشركة في ديسمبر/كانون الأول 2018، وهي الآن قيد الاستئناف.

لكنَّ إجراء شركة الطيران يكشف عن عزم قطاع الطيران على سد تلك الثغرة.

هذه الممارسة -التي كانت في الماضي تُعرَض عن طريق بعض وكلاء السفر الذين يعرفون خبايا مسارات السفر لكنَّها صارت الآن تُعرَض تلقائياً عبر بعض المواقع مثل Skiplagged- تسبب انزعاجاً واضحاً لدى شركات الطيران التي تدَّعي أنَّها تحرمها في الواقع من إيرادات سفر الراكب إلى وجهته الفعلية المقصودة، وإمكانية بيع المقعد الذي يتركه الراكب في منتصف الرحلة.

وتسبب الترويج لهذه الفكرة في لفت انتباه الشركات

ووفقاً لروبرت مان، المُحلِّل المتخصص في قطاع الطيران، فإنَّ تلك الممارسة موجودة منذ فترة طويلة، لكنَّ شركات الطيران لم تنتبه إليها إلا حين بدأت بعض المواقع الإلكترونية، بما في ذلك موقع شركة Skiplagged التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، في الترويج لذلك النظام للاستفادة منه تجارياً.

وقال مان: «أسعار شركات الطيران معقدة وغير مفهومة بلا مبالغة، لا سيما حين يمكن أن يختلف السعر بمقدار 10 أضعاف مقابل الخدمة نفسها تقريباً، ولكن إذا اختار العميل استخدام التذكرة أو جزء منها بطريقةٍ لا تتفق مع شروط البيع، فإنَّ ذلك يصبح مشكلة.

وإذا أصبحت هذه الممارسة شائعة وازدادت محاولات استخدامها، ستتحول من ثقبٍ صغير تتسرِّب منه الأرباح إلى فجوةٍ كبيرة تُفقد منها عائداتٌ طائلة».

وفي عام 2015، رفعت شركة Orbitz لحجز تذاكر الطيران وبعض شركات الطيران دعوى قضائية ضد موقع Skiplagged، الذي كان يدَّعي آنذاك وصول عدد زواره إلى مليون زائر شهرياً، متهمةً أكترير زمان البالغ من العمر 22 عاماً ومؤسِّس الموقع بـ»المنافسة غير المشروعة» و»السلوك المخادع».

كما زعمت أنَّ الموقع روَّج لبعض حيل السفر «المحظورة بشدة». ورُفِضَت القضية في نهاية المطاف بسبب عدم اختصاص هيئة المحكمة.

لكن هذه الممارسات لها أضرارها السلبية على الركاب

جديرٌ بالذكر أنَّ تلك الممارسة تحمل مخاطر على الركاب أيضاً.

فصحيحٌ أنَّ شركة الطيران قد لا تلاحظ أنَّ صاحب التذكرة لم يُكمل الرحلة، ولكن إذا تكررت هذه الممارسة أو كانت واضحة، فقد يجد العملاء أنفسهم عالقين في المدينة الخاطئة، أو يجدون أنَّ الجزء الخاص بالعودة قد أُلغي، أو أنَّهم أُزيلوا من قائمة برامج الولاء التي تُخصِّصها الشركات لبعض عملائها.

 

ترجمة: عربي بوست