ترجمة: عربي بوست
لم تتوقف التضييقات على المسلمين الإيغور بالصين عند حد اعتقال أكثر من مليون شخص في معسكرات احتجاز، بل وصل الأمر إلى سحب عينات من حمضمهم النووي والاحتفاظ بها، لمتابعتهم.
وبحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، فإن الصين سحبت ملايين العينات من الحمض النووي لمسلمي الإيغور، بحجة أنه فحص صحي، لكن في النهاية اتضح أنه من أجل المراقبة والمتابعة.
وبحسب الصحيفة، فإن السلطات الصينية سحبت عينة دم من مسلم يبلغ من العمر 38 عاماً، وفحصوا وجهه، وسجَّلوا صوته وبصمات أصابعه. ولم يكلّفوا أنفسهم عناء فحص قلبه أو كليتيه، ورفضوا طلبه رؤية النتائج.
قال أمين: «قالوا لي: (ليس لك الحق في السؤال عن هذا. إن كنت تريد أن تسأل عن المزيد، فبإمكانك الذهاب إلى الشرطة)».
كان أمين واحداً من ملايين الأشخاص الذين وقعوا ضحية حملة مراقبة وقمعٍ صينية واسعة. ومن أجل منح الحملة فاعلية حقيقية، تجمع السلطات الصينية الحمض النووي (DNA)، وللأسف حصلت السلطات على مساعدة من شركات وأكاديميين أمريكيين لعمل ذلك.
تريد الصين جعل السكان الإيغور في البلاد، وهُم مجموعة إثنية ذات أغلبية مسلمة، أكثر خضوعاً للحزب الشيوعي. فاعتقلت ما يصل إلى مليون شخص داخل ما تُسمِّيها معسكرات «إعادة تلقين»؛ وهو ما أدى إلى إدانات من المجموعات الحقوقية وتهديد إدارة ترامب بفرض عقوبات، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ووفقاً لمجموعات حقوق الإنسان والنشطاء الإيغوريين، يُعَد تجميع المواد الجينية جزءاً أساسياً في حملة الصين. ويقولون إنَّ إيجاد قاعدة بيانات شاملة للحمض النووي قد يُستخدَم لملاحقة أي إيغوري يقاوم التقيُّد بالحملة.
تستخدم الشرطة في الولايات المتحدة وبلدان أخرى المواد الجينية التي تعود لأفراد الأسرة من أجل العثور على المشتبهين وحلّ الجرائم. واستشهد المسؤولون الصينيون، الذين يبنون قائمة بيانات واسعة من عينات الحمض النووي بي عموم البلاد، بمنافع الدراسات الجينية الصينية في محاربة الجريمة.
ولتعزيز القدرات المرتبطة بالحمض النووي لدى الشرطة الصينية، استخدم علماء تابعون لها معدات صنعتها شركة Thermo Fisher، وهي شركة في ولاية ماساتشوستس الأمريكية. وكي يعقدوا المقارنات، اعتمدوا على المواد الجينية المستخلصة من أشخاص من مختلف أنحاء العالم مُقدَّمة من د. كينيث كيد، وهو خبير جيني بارز بجامعة ييل الأمريكية.
وقالت شركة Thermo Fisher، الأربعاء 20 فبراير/شباط 2019، إنَّها لن تبيع بعد الآن معداتها في إقليم شينجيانغ، وهي المنطقة الصينية التي تجري فيها في الغالب حملة تتبُّع الإيغور. وفي سياقٍ منفصل، قالت الشركة في تصريحٍ سابق، لصحيفة The New York Times الأمريكية، إنَّها تعمل مع المسؤولين الأمريكيين لمعرفة الكيفية التي يجري بها استخدام تلك المعدات.
وقال د. كيد إنَّه لم يكن على علم بالطريقة التي يجري بها استخدام مواده الجينية ومعرفته. وقال إنَّه كان يعتقد أنَّ العلماء الصينيين كانوا يعملون في إطار المعايير العلمية التي تتطلَّب الموافقة المسبقة من المتبرعين بأحماضهم النووية.
تُشكِّل حملة الصين تحدياً مباشراً للجماعة العلمية وللطريقة التي من خلالها تجعل هذه الجماعة العلمية المعرفة المتطورة متاحة علناً، إذ تستند الحملة جزئياً إلى قواعد بيانات حمض نووي علنية وتكنولوجيا تجارية، معظمها صُنِع أو أُشرِف عليه في الولايات المتحدة. بدورهم، أدخل العلماء الصينيون عينات الحمض النووي الإيغورية إلى قاعدة بيانات عالمية، وهو الأمر الذي ربما يُشكِّل انتهاكاً للمعايير العلمية المتعلِّقة بموافقة المتبرعين.
قال مارك مونسترهيلم، الأستاذ المساعد بجامعة ويندسور في أونتاريو والذي تتبَّع من كثبٍ استخدام التكنولوجيا الأمريكية بإقليم شينجيانغ الصيني، إنَّ التعاون من الجماعة العلمية العالمية «يشرعن هذا النوع من الرقابة الجينية».
إجراء مسح للملايين
كان البرنامج يُعرَف في شينجيانغ شمال غربي الصين باسم «فحوصات للجميع».
ووفقاً لوكالة الأنباء الصينية الرسمية «شينخوا»، شارك قرابة 36 مليون شخص في البرنامج بالفترة من 2016 حتى 2017. ووفقاً لإيغوريين ومجموعات حقوقية، جمعت السلطات عينات حمض نووي، وصوراً لقزحيات العين، وبياناتٍ شخصية أخرى. وليس واضحاً ما إن كان بعض السكان شاركوا أكثر من مرة، إذ يضم إقليم شينجيانغ نحو 24.5 مليون نسمة فقط، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وأصدرت حكومة إقليم شينجيانغ بياناً نفت فيه أنَّها تجمع عينات الحمض النووي كجزءٍ من الفحوص الطبية المجانية. وقالت إنَّ آلات الحمض النووي التي اشترتها سلطات شينجيانغ كانت «للاستخدام الداخلي».
وحافظت الصين طوال عقود على قبضةٍ حديدة في شينجيانغ. وفي السنوات الأخيرة، حمَّلت الإيغور مسؤولية سلسلة من الهجمات الإرهابية في شينجيانغ ومناطق أخرى بالصين، وضمن ذلك إحدى الحوادث التي وقعت عام 2013، وصدم فيها سائقٌ شخصين بساحة تيانانمن في العاصمة بكين.
وفي أواخر عام 2016، شرع الحزب الشيوعي في حملة لتحويل الإيغور ومجموعات الأقليات ذات الغالبية المسلمة الأخرى إلى داعمين موالين. فاعتقلت الحكومة مئات الآلاف منهم داخل ما تُسمِّيه معسكرات تدريب مهني، تُروِّج لها باعتبارها سبيلاً للهروب من الفقر والتخلف والإسلام المتطرف. وبدأت كذلك في جمع عينات الحمض النووي.
وفي بعض الحالات على الأقل، لم يُقدِّم الناس موادهم الجينية طواعيةً. ومن أجل حشد الإيغور للفحوص الطبية المجانية، اتصلت الشرطة والكوادر المحلية بهم أو أرسلت رسائل نصية إليهم، تخبرهم فيها بأنَّ الفحوص مطلوبة، وذلك بحسب إيغوريين أجرت صحيفة The New York Times مقابلاتٍ معهم.
قال دارين بايلر، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة واشنطن والذي يدرس محنة الإيغور: «كان هناك عنصر إكراهٍ قوي جداً للقيام بهذا الأمر. لم يكن أمامهم خيار».
استدعاء د. كيد
زار د. كيد الصين لأول مرة عام 1981، وظلَّ فضولياً بشأن البلاد. لذا حين تلقّى دعوةً في عام 2010 من أجل زيارة مدفوعة التكاليف لبكين، وافق على تلبيتها.
ويُعَد كيد شخصية رئيسة في مجال الجينات. وساعد الأستاذ البالغ 77 عاماً بجامعة ييل، في جعل أدلة الحمض النووي أكثر من مقبولة بالمحاكم الأمريكية.
كان لمستضيفيه الصينيين خلفياتهم في أجهزة إنفاذ القانون الصينية، إذ كانوا علماء من وزارة الأمن العام، أي تقريباً من الشرطة الصينية.
وفي أثناء الزيارة، التقى كيد مع لي كايشيا، كبيرة الأطباء الشرعيين بمعهد الطب الشرعي في الوزارة. تعمَّقت العلاقة بينهما. وفي ديسمبر/كانون الأول 2014، وصلت «د. لي» إلى مختبر د. كيد في مهمة تستمر 11 شهراً، وأخذت معها بعض عينات الحمض النووي عند عودتها إلى الصين، بحسب الصحيفة الأمريكية.
قال د. كيد: «كنتُ أعتقد أنَّنا نتشارك عينات من أجل البحوث التعاونية».
ود. كيد ليس هو خبير الجينات الوحيد الذي عمل مع السلطات الصينية. فيقول بروس بودول، الأستاذ بجامعة نورث تكساس، في سيرته الذاتية الإلكترونية، إنَّه «عمل أو يعمل» عضواً بلجنة أكاديمية في معهد الطب الشرعي بالوزارة.
وقال جيف كارلتون، المتحدث باسم الجامعة، في بيانٍ، إنَّ دور الأستاذ بودول مع الوزارة «ذو طبيعة رمزية فقط»، وإنَّه «لم يقم بأي عمل لمصلحتها».
وأضاف كارلتون في البيان: «يكره د. بودول وفريقه استخدام تكنولوجيا الحمض النووي لاضطهاد مجموعات إثنية أو دينية. إنَّ عملهم يركز على التحقيقات الجنائية ومحاربة الاتجار بالبشر لخدمة الإنسانية».
وأصبحت بيانات د. كيد جزءاً من حملة الحمض النووي الصينية.
في عام 2014، نشر باحثو الوزارة ورقة تتحدث عن طريقة يُميِّز بها العلماء بين مجموعة إثنية وأخرى. وذكرت، كمثال، القدرة على تمييز الإيغور عن الهنود. وقال المؤلفون إنَّهم استخدموا 40 عينة حمض نووي سُحِبَت من إيغوريين بالصين وعينات من مجموعات إثنية أخرى من مختبر د. كيد في ييل.
مقارنات بالحمض النووي
وفي طلبات براءة اختراعات قُدِّمت بالصين عام 2013 و2017، يتحدث باحثو الوزارة عن طرق لتصنيف الناس وفق انتمائهم الإثني عن طريق فحص تركيبهم الجيني. وقد أخذوا مواد جينية من إيغوريين وقارنوها مع حمض نووي من مجموعات إثنية أخرى. وفي طلب براءة الاختراع الذي قُدِّم عام 2017، أوضح الباحثون أنَّ نظامهم من شأنه أن يساعد في «استنتاج المنشأ الجغرافي من الحمض النووي للمشتبه بهم في مسارح الجرائم».
وأضافوا في بيانات طلب براءة الاختراع لعام 2017، أنَّهم ولأجل عقد المقارنات الخارجية، استخدموا عينات الحمض النووي التي قدَّمها مختبر د. كيد. واستخدموا كذلك عينات من مشروع «1000 Genomes Project«، وهو دليل عام للجينات من مختلف أنحاء العالم.
قال بول فليشيك، عضو اللجنة التوجيهية لمشروع «1000 Genomes Project»، إنَّه لم تكن هناك قيود مفروضة على البيانات، وإنَّه «لا توجد مشكلة ظاهرة» إن كانت تُستخدَم كطريقة لتحديد من أين جاءت عينة حمض نووي معينة.
وقد حدث تدفق البيانات بالاتجاه المقابل كذلك.
إذ أضاف باحثو الحكومة الصينية بيانات 2143 إيغورياً إلى قاعدة بيانات «Allele Frequency Database«، وهي منصة بحث يديرها د. كيد كانت تمولها جزئياً وزارة العدل الأمريكية حتى العام الماضي (2018). وتضم قاعدة البيانات، المعروفة باسم «Alfred»، بيانات حمض نووي من أكثر من 700 مجموعة سكانية حول العالم.
قال أرثر كابلان، الرئيس المؤسس لقسم الأخلاقيات الطبية بكلية الطب في جامعة نيويورك، إن هذا التقاسم للبيانات ربما ينتهك المعايير العلمية المتعلقة بالموافقة المسبقة، لأنَّه ليس واضحاً ما إن كان الإيغور تطوعوا بتقديم عينات حمضهم النووي للسلطات الصينية أم لا. وأضاف: «لا ينبغي وجود (الحمض النووي) لأي شخص في أي قاعدة بيانات دون موافقته الصريحة»، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وتابع: «بصراحة، هناك شيءٌ من السذاجة في افتراض علماء أمريكيين أنَّ الأشخاص الآخرين سيتبعون القواعد والمعايير نفسها مهما كان المكان الذي جاءوا منه».
وقال د. كيد إنَّه «ليس سعيداً تماماً» باستشهاد الوزارة الصينية به في براءات الاختراعات، قائلاً إنَّ قاعدة بياناته يجب ألا تُستخدَم بطرق يمكن أن تسمح لأشخاص أو مؤسسات بالتربُّح المحتمل منها. وأضاف أنَّه إذا كانت السلطات الصينية استخدمت البيانات التي حصلت عليها من عمليات تعاون سابقة معه، فلا يوجد الكثير الذي يمكنه عمله لإيقافها.
وقال إنَّه لم يكن على علم ببيانات براءات الاختراع حتى تواصلت معه صحيفة The New York Times.
وقال د. كيد أيضاً إنَّه لم يكن يعتبر أنَّ تعاونه مع الوزارة مختلف بأي شكل عن عمله مع الشرطة ومختبرات الطب الشرعي في مناطق أخرى. وقال إنَّ الحكومات يجب أن تصل إلى البيانات بشأن الأقليات، وليس فقط الجماعة الإثنية المسيطرة، ليكون لديها تصور دقيق عن السكان ككل.
وفيما يتعلَّق بمسألة الموافقة، قال إنَّ عبء تلبية هذا المعيار يقع على كاهل الباحثين الصينيين، ولو أنَّه قال إنَّ التقارير بشأن ما يتعرَّض له الإيغور في الصين تثير بعض الأسئلة الصعبة.
فقال: «أفترض أنَّهم حصلوا على موافقات مسبقة لائقة بشأن العينات، ولو أنَّني يتعين عليّ القول إنَّ ما أسمعه في الأخبار مؤخراً عن معاملة الإيغور يثير شكوكاً».
تعلُّم الآلة
في عام 2015، تحدَّث د. كيد ود. بودول بمؤتمر لعلم الجينوم في مدينة شيان الصينية. كان المؤتمر بتمويلٍ جزئي من شركة Thermo Fisher، الشركة التي تعرَّضت لانتقادات حادة بسبب بيعها معداتٍ في الصين؛ وشركة Illumina، وهي شركة بمدينة سان دييغو الأمريكية تُصنِّع أدوات التسلسل الجيني. ولم تردَّ شركة Illumina على طلباتٍ للتعليق على المسألة.
وتُكثِّف الصين الإنفاق على الرعاية الصحية والبحث. فوفقاً لشركة CCID Consulting للاستشارات، وهي شركة أبحاث، بلغت قيمة السوق الصينية لمعدات التسلسل الجيني والتقنيات الأخرى مليار دولار في عام 2017، ويمكن أن تزيد هذه القيمة بأكثر من الضعف في غضون 5 سنوات. لكنَّ السوق الصينية ليست مُحكمة التنظيم، ولا يكون من الواضح دوماً الوِجهة التي تذهب إليها المعدات أو فيما تُستخدم.
تبيع شركة Thermo Fisher كل شيء، بدءاً من أدوات المختبرات وأدوات اختبار الحمض النووي الشرعي وحتى أجهزة رسم خريطة الحمض النووي، التي تساعد العلماء على فك رموز الأصل الإثني للشخص، وتُحدِّد الأمراض الأكثر عُرضة للإصابة بها. ووفقاً لتقرير شركة Thermo Fisher السنوي، كانت الصين مسؤولة عن نحو 10% من عائدات الشركة التي بلغت 20.9 مليار دولار، وتُوظِّف الشركة قرابة 5 آلاف شخص هناك، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقالت الشركة في التقرير: «الصين تستمر في كونها قصة نجاحنا الأكبر بالأسواق الناشئة».
ووفقاً لبيانات 5 براءات اختراع لوزارة الأمن العام الصينية، استخدمت الصين معدات الشركة لرسم خريطة جينات سكانها.
باعت الشركة كذلك معدات بصورة مباشرة إلى السلطات في شينجيانغ، حيث بلغت حملة السيطرة على الإيغور أشدها. ووفقاً لوثائق المشتريات، كانت بعض المعدات على الأقل مخصصة لاستخدام الشرطة. وقالت السلطات هناك بالوثائق، إنَّ الآلات مهمة في عمليات فحص الحمض النووي بالقضايا الجنائية و»ليست لها بدائل في الصين».
وبحسب بيانات براءة اختراع، أرجع 6 باحثين بالوزارة في فبراير/شباط ،2013 الفضل لشركة Applied Biosystems التابعة لشركة Thermo Fisher، إلى جانب شركات أخرى، في المساعدة على تحليل عينات الحمض النووي لأشخاص ينتمون إلى قوميات الهان والإيغور والتبت بالصين. وقال الباحثون إنَّ فهم كيفية التفريق بين عينات الحمض النووي هذه ضرورياً لمحاربة الإرهاب، «لأنَّ حل هذه القضايا كان سيصبح أكثر صعوبة».
وقال الباحثون إنَّهم حصلوا على 95 عينة حمض نووي إيغورية، بعضها قدَّمتها الشرطة. وقالوا إنَّ عيناتٍ أخرى قدَّمها أشخاص إيغوريون طواعيةً.
انتقادات موجهة إلى القرار
وتعرَّضت شركة Thermo Fisher لانتقاداتٍ من السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، وآخرين طلبوا من وزارة التجارة الأمريكية منع الشركات الأمريكية من بيع الصين التكنولوجيا التي قد تُستخدَم لأغراض المراقبة والتتبُّع.
فغرَّد السيناتور روبيو على حسابه في «تويتر»، قائلاً: «من الغريب أن أقرأ أنَّ شركة Thermo Fisher تتملَّق (الرئيس الصيني) شي جين بينغ في الإعلام الحكومي الصيني. إنَّها تذكرة بأنَّ الشركة تجني الكثير من الدولارات من مساعدة السلطات في إقليم شينجيانغ على القيام بالاعتقالات الجماعية والقمع الوحشي لمسلمي الإيغور عن طريق بيع أجهزة تسلسل الحمض النووي.
وقالت الشركة يوم الأربعاء 20 فبراير/شباط 2019، إنَّها ستوقف بيع معداتها في شينجيانغ، وهو قرارٌ قالت إنَّه «يتسق مع قيم ومدونة أخلاق وسياسات شركة Thermo Fisher»، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وأضافت: «بصفتنا الشركة الرائدة في العالم لخدمة العلم، نعترف بأهمية النظر في الكيفية التي استخدم –أو يستخدم- بها عملاؤنا منتجاتنا وخدماتنا».
أشادت مجموعات حقوق الإنسان بخطوة الشركة، لكنَّهم قالوا إنَّ المعدات والمعلومات التي ما زالت تتدفق إلى الصين ينبغي أن تراقَب، للتأكُّد من عدم قيام السلطات في المناطق الأخرى بإرسالها إلى شينجيانغ.
فقالت صوفي ريتشاردسون، مديرة قسم الصين بمنظمة هيومن رايتس ووتش: «إنَّها خطوة مهمة، ويأمل المرء أن تُطبِّق الشركة ما ورد في بيانها على النشاط التجاري في مختلف أنحاء الصين، وأن تُقيِّم الشركات الأخرى مبيعاتها وعملياتها، لا سيما في شينجيانغ».
وينظر المشرعون والمسؤولون الأمريكيون نظرة فاحصة في الوضع بإقليم شينجيانغ. وتدرس إدارة ترامب فرض عقوباتٍ على مسؤولين وشركات صينية؛ على خلفية معاملة الصين للإيغور.
وأثارت حملة التتبُّع الصينية قلق أشخاص مثل طاهر هموت. ففي مايو/أيار 2017، سحبت الشرطة في مدينة أورومكي بإقليم شينجيانغ دم الإيغوري البالغ من العمر 49 عاماً آنذاك، وأخذت بصماته، وسجَّلت صوته، وأجرت مسحاً لوجهه. واستُدعي مجدداً بعد شهر، إلى ما قِيل له إنَّه فحص طبي مجاني في إحدى العيادات المحلية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
قال هموت، وهو مخرج أفلام يعيش الآن بولاية فرجينيا الأمريكية، إنَّه رأى ما بين 20 و40 إيغورياً في الطابور. وقال إنَّه من العبث اعتقاد أنَّ مثل هؤلاء الأشخاص المذعورين وافقوا على تقديم حمضهم النووي.
وأضاف: «لا أحد في مثل هذا الوضع سيوافق على تقديم عينات من دمه من أجل البحث، ليس في ظل هذا الضغط الكبير ومواجهة مثل هذا الخطر الشخصي. هذا أمر غير مُتصوَّر».