نشرت صحيفة الفايننشال تايمز تقريرا كتبته، كلوي كورنش، من دمشق عن تناقص عدد الرجال في سوريا بسبب الحرب، في ظروف دفعت بالنساء إلى العمل خارج البيت بشكل لم يألفه المجتمع السوري التقليدي.
تقول كلوي إن الحملة العسكرية التي تشنها الحكومة السورية وعمليات التجنيد الإجباري أحدثت أزمة ديموغرافية في البلاد. فقد قتل نحو 500 ألف شخص في الحرب، 80 في المئة منهم رجال، بحسب المركز السوري للدراسات.
وأشار المركز إلى أن متوسط العمر المتوقع للذكور في البلاد انخفض من 70 عاما في 2010 إلى 48 عاما في عام 2015، وأن أشد انخفاض يأتي بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما.
وهاجر الملايين من الرجال لاجئين إلى دول الجوار وإلى أوروبا خوفا من التجنيد أو من العقاب إذا هم عادوا. وكان لهذه الظاهرة تبعات اقتصادية واجتماعية أدت إلى تغير سلوك العائلات وعاداتها.
وتشير الكاتبة إلى تقرير لمنظمة الأمم المتحدة يفيد بأن النساء في سوريا أصبحن مصدر الرزق الأساسي للعائلات، وهن أيضا مسؤولات عن رعاية أفراد الأسرة وتوفير حاجياتهم.
وقد غير انخفاض عدد الرجال صورة سوق العمل، فأصبح يستقبل المزيد من النساء، اللائي كانت نسبتهن لا تزيد عن الخُمس قبل الحرب. ولكن الشركات والمعامل اضطرت في السنوات الأخيرة إلى توظيف النساء لعدم وجود العدد الكافي من الرجال الباحثين عن العمل.
وتقول الكاتبة إن حصول المرأة على عمل مدفوع الأجر مرهون بالمكان الذي توجد فيه. وتختلف ردود فعل الناس وتعاملهم معها من منطقة إلى أخرى. ولكن حتى في العاصمة دمشق تواجه النساء التمييز والمضايقة.
وتذكر كلوي أن مسؤولا في أحد المعامل التي زارتها، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، قال لها إنه يكره العمل مع النساء.
ولكن هذه المضايقات لم تمنع سارة، البالغة من العمر 32 عاما، والمتخصصة في الإعلام الآلي من إقناع والدها بدعمها ماليا لإنشاء شركتها الخاصة في يوليو/ تموز، وقد أطلقت تطبيقا يساعد سكان دمشق في إيجاد الصيدليات المفتوحة ليلا.
وعلى الرغم من الضغوط التي تدفع النساء إلى التوجه نحو المهن التي توصف بأنها نسائية، مثل الخياطة والتطريز وتصفيف الشعر، فإن سارة تقول إنها لاحظت استغراب الناس وليس التمييز ضدها.
درس تنظيم الدولة الإسلامية
ونشرت صحيفة "آي" مقالا كتبه، باتريك كوبرن، يتساءل عن الدرس الذي تعلمناه من صعود وانهيار تنظيم الدولة الإسلامية.
يقول الكاتب إن تنظيم الدولة الإسلامية لم يعد يسيطر على مناطق كاملة في سوريا. ولكن هل سيبقى كأيديولوجيا تستقطب المتشددين الذين يسعون إلى عودة التنظيم مرة أخرى؟ فالمنتسبون إلى التنظيم يعرفون أن الولايات المتحدة سبق أن صرحت بأن تنظيم القاعدة مات وانتهى في 2007-2008. ولابد أن أمل تنظيم الدولة الإسلامية هو تحقيق مثل هذه العودة.
ومن أجل ذلك فهو ينتظر أن يسترخي أعداؤه ويتنافسوا فيما بينهم.
ويرى كوبرن أن من المحتمل أن يبقى المقاتلون في صفوف التنظيم بأعداد قليلة متحصنين في مخابئهم ومعاقلهم. ومن المتوقع أيضا أن تقمع الجيوش المحتلة الأهالي في المناطق التي تحتلها، وهو ما يسعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى استغلاله.
كما أن سمعة التنظيم ووحشيته تجعله يزرع الرعب حتى عندما ينفذ عمليات قليلة ومتفرقة.
ويتوقع الكاتب أن يلجأ تنظيم الدولة الإسلامية إلى حرب العصابات وإلى الهجمات النوعية من أجل التأكيد على أنه لا يزال العدو المخيف. ولكن التنظيم لم يعد يملك المقدرات التي كانت له للتجنيد والتدريب وشن الهجمات الواسعة.
ويقول كوبرن إن من المؤسف أن الولايات المتحدة وبريطانيا والحكومات الحليفة لهما لم تتعلم شيئا من تدخلها الكارثي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العشرين عاما الماضي، التي فتحت الباب لتنظيم الدولة الإسلامية.
ففي تلك الفترة، بحسب الكاتب، كانت الحكومات الغربية تندد بزعماء الدول مثل صدام حسين ومعمر القذافي وبشار الأسد، وتصفهم بأنهم يفتقدون إلى الشرعية بينما تدعم معارضة مشبوهة لأن زعماءها أصدقاء لهم.
ويحذر الكاتب من تكرار الأخطاء نفسها في تعامل الولايات المتحدة والدول الغربية مع الأزمة في فنزويلا، بدعمها لزعيم المعارضة ضد الرئيس نيكولاس مادورو. تلك الأخطاء التي أدت إلى انتشار الخراب في أفغانستان والعراق وليبيا واليمن.
السترات الصفراء إلى متى؟
ونشرت صحيفة ديلي تلغراف مقالا تحليليا كتبه، دانيال كابورو، عن حركة "السترات الصفراء" في فرنسا، وكيف أنها أصبحت تهدد سياسة الرئيس، إيمانويل ماكرون، على الرغم من انقسامها وتعدد مشاربها.
يقول الكاتب إن الاحتجاجات التي تشهدها فرنسا خرجت للتنديد بالرسوم التي فرضتها الحكومة على الوقود لكنها أخذت بعدا أوسع لتشمل غلاء المعيشة عموما والرئيس ماكرون، الذي يوصف بأنه بعيد عن الواقع في تصرفه وتفكيره.
وتدخل احتجاجات السترات الصفراء أسبوعها الحادي عشر، فهل لا تزال كما بدأت مظاهرات شعبية ضد غلاء المعيشة أم أنها أخذت منحى آخر؟ يعتقد الكاتب أنها أخذت طريقا مغايرا.
وسبق أن واجه ماكرون النقابات وانتصر عليها الربيع الماضي بمشروعه لإصلاح قطاع السككك الحديدية وفتح شركة القطارات الحكومية للمنافسة. وتوقع الكثيرون تراجع ماكرون عن مشروعه بعدما دخل عمال القطارات في إضراب، ولكن بعد 11 أسبوعا من الإضراب وافق البرلمان على الإصلاحات دون تعديل كبير في نصها الأصلي.
ويرى دانيال أن فرنسا 2019 مختلفة عن فرنسا 1995، عندما كان إضراب عمال القطارات يشل البلاد تماما. فقد تراجع تأثير النقابات في فرنسا، فأصبحت نسبة الانتماء النقابي فيها من أضعف النسب الأوروبية، إذ لا يتجاوز 11 في المئة من العمال.
وتواجه فرنسا كغيرها من الدول المتطورة توجها نحو تفكيك القطاع الصناعي واقتصاد العمل المستقل الذي يعتمد على الوظائف غير المنتظمة والعقود المؤقتة، وانحسار الوظيفة التقليدية المضمونة، وهو ما يتعارض مع تقاليد المجتمع الفرنسي وهو ما دفع الناس إلى التمرد.
نقلا عن بي بي سي