iStockارتفاع معدل الأعمار

لماذا سميت بـ"القارة العجوز" وكيف تعتمد على المهاجرين.. كل ما تريد معرفته عن أوروبا!

لم تسمَ القارة الأوروبية بـ «القارة العجوز» عبثاً؛ إذ يبلغ متوسط عمر مواطنيها 41 عاماً، ومن المتوقع أن يرتفع هذا المتوسط  بحلول العام 2050 ليبلغ 52 عاماً.

نعم، تشيخ الشعوب كما يشيخ الأفراد.. كيف؟ ببساطة، تُجمع أعمار مواطني الدولة، ويُقسم على عدد السكان لنخرج بمتوسط سنّ الشعب.

شيخوخة الشعوب.. ليست حكراً على القارة العجوز

شيخوخة الشعوب لا تقتصر على الدول الأوروبية؛ فبشكل عام يتمتع سكان الدول المتقدمة بمعدلات أعمار أعلى من الدول النامية، قد يعود ذلك إلى نمط الحياة السريع والاهتمام بالعمل، وبالتالي اعتبار الإنجاب أمراً ثانوياً.

ففي الاتحاد الأوروبي وكندا والولايات المتحدة، تقدر نسبة الشيخوخة بين 15-22%، بينما تبلغ 30% في اليابان.

كيف تؤثر «شيخوخة الشعوب» على الدول؟

من المتوقع أن يزيد إجمالي عدد سكان دول الاتحاد الأوروبي من 511 مليون في العام 2016، إلى 520 مليون في العام 2070.

لكن في المقابل، سينخفض عدد السكان في سن العمل (الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 64 عامًا) بشكل ملحوظ من 333 مليون في العام 2016، إلى 292 مليونًا في العام 2070. 

وحتى تتطور الدول وتسير عجلة الإنتاج فيها، فلا بد أن يكون معظم سكانها من الشباب والأطفال.

أما في حال أصبحت طبقة المسنين هي الطبقة الأكبر في المجتمع، فإنها ستشكل عبئاً ثقيلاً على المجتمع وتقلل من إنتاجيته.

إليكم قائمة بأبرز تلك الدول المهددة بالتشيخ:

الصين.. أدركت خطأها بعد فوات الأوان

تواجه الصين الآن عواقب سياستها الصارمة المتعلقة بتنظيم الأسرة، حيث أقرت سياسة الطفل الواحد في العام 1978.

ونظراً لانخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع متوسط عمر الشعب، تعاني الصين من ظاهرة «التشيخ» فنسبة كبار السن من سكان الصين آخذة في الازدياد.

من الواضح أن ديموغرافية المجتمع الصيني متجهة نحو الشيخوخة، حيث يوجد حالياً 194 مليون شخص فوق 60 سنة في الصين، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 440 مليون بحلول العام 2050.

 من المتوقع أيضاً أن يصل عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا إلى 101 مليونًا بحلول العام 2050.

الأمر الذي جعل الصين تدرك خطورة قانون تنظيم الأسرة، فقررت أن تسن قوانين جديدة تشجع فيها على إنجاب أكثر من طفلٍ واحد.

 

 

فرنسا.. متجهة أيضاً نحو الشيخوخة

فرنسا تعاني كذلك من ارتفاع معدل الأعمار، حيث بلغت نسبة من يتجاوزون الـ 60 من العمر في العام 2005 نحو 20% من عموم الشعب.

ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 66% بحلول العام 2050.

ألمانيا .. لا عجب أنها ترحب باللاجئين

تحتل ألمانيا المرتبة 18 من حيث عدد السكان، وبحلول العام 2050، من المتوقع أن تحتل الترتيب 25 من حيث عدد السكان، مع غالبية عظمى من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا.

خبراء ألمان حذروا من الانخفاض الحاد في عدد السكان، بسبب الإحجام عن الإنجاب، وعدم إدراك المجتمع للسلبيات الناتجة عن انخفاض عدد المواليد، ومدى تأثيرها على مختلف جوانب الحياة في البلاد، ما شجّع برلين على استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين الشباب.

اليابان.. حيث تعمر المرأة أكثر من الرجل  

من بين أكثر الشعوب شيخوخة في العالم هو الشعب الياباني.

فوفقا لتقرير نشرته الأمم المتحدة في العام 2000، كانت النسبة المئوية لليابانيين فوق 65 سنة 10.3% في العام 1985، وهي نسبة منخفضة نوعاً ما.

أما في العام 2000، فارتفعت النسبة بشكل حاد لتصل إلى 17.1%.

اليوم، يتجاوز عمر ربع سكان اليابان الـ 65 عاماً، وبحلول العام 2060 قد تصل هذه النسبة إلى 40%.

والعاملان الرئيسيان اللذان يساهمان في هذه الظاهرة من الشيخوخة هما؛ معدل الخصوبة المنخفض الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية (1.3 طفل لكل امرأة في 2014)، وارتفاع متوسط العمر المتوقع، وهو أعلى معدل في العالم (86 سنة للنساء و 79 سنة للرجال).

إسبانيا.. قد تتصدر قائمة دول العالم الأكثر شيخوخة

تتجه إسبانيا نحو الشيخوخة بشكل مرعب حيث تضاعف عدد الأشخاص البالغين 65 عامًا في أقل من 30 سنة.

السبب الرئيسي لذلك هو انخفاض معدل الولادات الذي بدأ في منتصف السبعينيات.

تتنبأ دراسات الأمم المتحدة بأن إسبانيا ستتصدر الدول «العجوز» بحلول العام 2050 ، حيث أن 40% من سكانها يتجاوزون الـ 60 عاماً.

السويد.. حيث لا يفضل الناس الإنجاب قبل الأربعين!

السويديون يتقدمون في السن أيضاً، إذ يعد متوسط العمر في السويد واحد من أعلى المعدلات في العالم.

في السويد وبلدان شمال وغرب أوروبا الأخرى، يتجاوز عدد السكان البالغين من العمر أكثر 65 عاماً 20%.

وعلى مدى العقدين المقبلين، من المتوقع أن يزيد عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا في السويد من حوالي نصف مليون إلى 800,000.

وتعود أسباب هذا التغيير إلى نسبةً كبيرةً من الشعب تختار الإنجاب الأربعينيات.

المملكة المتحدة.. توقعات مخيفة

أكثر من 10 مليون شخص في المملكة المتحدة تزيد أعمارهم عن 65 عامًا.

وتشير التقديرات إلى أن هذا الرقم سيتضاعف تقريباً إلى حوالي 19 مليون بحلول العام 2050.

يوجد حاليًا 3 ملايين شخص في سن 80 عامًا، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد تقريبًا بحلول العام 2030، ليصل في نهاية المطاف إلى 8 ملايين بحلول 2050.

أما الآن، فإن أكثر من 15% من سكان المملكة المتحدة تبلغ أعمارهم 65 سنة فأكثر.

ومن المتوقع زيادة هذه النسبة بحلول 2050، لتصل إلى 25% من إجمالي سكان البلاد.

الدول التي تعاني من ارتفاع معدل الأعمار.. إلى أين؟

خلال العقود القليلة القادمة، من المرجح أن ترتفع نسبة سكان العالم الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة أو أكثر إلى مستويات غير مسبوقة تاريخياً.

واعتبر المختصون أن تحول نسبة كبيرة من السكان من منتجين إلى مستهلكين، هو أحد أهم سلبيات الشيخوخة التي ستؤثر بشكل كبير على قدرات المجتمع الادخارية، ومن ثم الاستثمارية، وبالتالي ستؤثر على آفاق النمو في اقتصاديات العالم.

كما أن هذه المشكلة تعتبر عنصراً ضاغطاً يستنزف موارد الميزانيات العامة.

على سبيل المثال، تقدر قيمة صناديق المعاشات ورؤوس أموالها في المملكة المتحدة بالمليارات، وعلى الرغم من ذلك لا تكفي وتعاني دائماً عجزاً مالياً.

الرعاية الصحية.. تستنزف قدرات تلك الدول

 ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في الدول المتقدمة أيضاً يسبب ضغطاً إضافياً على الاقتصاد.

فالصين على سبيل المثال، لديها 500 مؤسسة لرعاية المسنين، تحتوي على 6 ملايين سرير، حيث بلغت قيمة ما أنفقته الصين على الخدمات الاجتماعية في 2014 ، 430 مليار يوان (69 مليون دولار) .

ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الإعالة للشيخوخة (الأشخاص الذين يبلغ عمرهم 65 سنة أو أكثر نسبة إلى أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 64) في الاتحاد الأوروبي من 29.6% في العام 2016 إلى 51.2 ٪ في العام 2070.

 

 

ماذا عن القدرات العسكرية لهذه الدول؟

لا يقتصر الأثر السلبي لزيادة نسبة الشيخوخة على الاقتصاد، حيث يؤكد الخبراء أن العسكريون أكثر قلقاً تجاه المستقبل.

وذلك لنقص عنصر الشباب في العمل العسكري، ولاضطرار هذه الدول إلى تخفيض ميزانيات الدفاع والمساعدات الخارجية لمصلحة البنود الخاصة بالمعاشات والرعاية الصحية لكبار السن.

ويبين تقرير مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي، أن قلقا كبيرا ينتاب «البنتاغون» وصناع القرار الاستراتيجي من تنامي أعداد كبار السن، وقدرة الإنسان على العيش لسنوات أطول سواء في الولايات المتحدة أو البلدان الحليفة.

القوة العاملة في تراجع مخيف

من الطبيعي أن يكون لشيخوخة سكان أوروبا آثار هامة على قوتها العاملة.

حيث يتوقع أن ينخفض إجمالي العمالة في الاتحاد الأوروبي بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 64 بنسبة 9.6% بين عامي 2016 و 2070.

هل تكون الهجرة هي الحل؟

بما أن عدد المسنين يزيد في الدول الكبرى بوتيرة سريعة، حاولت تلك الدول أن تجد حلولاً للسيطرة على هذه المشكلة.

بعضهم لجأ لفرض الإنجاب كما فعلت الصين، لكن دولاً أخرى مثل ألمانيا و السويد و كندا أدركت أنها تحتاج بشدة إلى المهاجرين.

إذ أعلنت ألمانيا على سبيل المثال أنها تحتاج إلى حوالي 400 ألف مهاجر سنويًّا من ذوي الكفاءات، كي يسدوا الفجوة الناتجة عن الهبوط السكاني.