أرسل عبدالرحمن سعيد، وهو طالب في المرحلة الإعدادية ويسكن في منطقة المطار، نقوداً مع أحد زملائه ليشتري له كتب المناهج الدراسية التي تنقصه من منطقة التحرير، لكنه في النهاية لم يظفر إلا بملازم مصورة ومغلفة لتكون بديلة للكتاب المدرسي، الذي يوزع في العادة من إدارة المدرسة بداية كل عام دراسي.
نريد أن نتعلم
يقول عبد الرحمن "أنا أحد الطلاب الذين لم يتسلموا جميع كتبهم المقررة عليهم لأسباب لا نعرفها كطلاب، وعند مطالبتنا للمدرسة بتوفيرها يبلغوننا بأن من لم يحصل عليها يجب أن يتدبر أمره، لأن الكمية نفدت ولا تتوفر لدى المدرسة".
ويضيف "نحن كطلاب وفي ظل الوضع السيئ للبلاد لا نجد في أغلب الأوقات ما نأكله، فكيف لنا بشراء الكتب، سواء كانت كتبا جديدة أو مستخدمة، لم تعد تفرق لدينا، سوى أننا نريد أن نتعلم".
ويواجه التلاميذ في صنعاء تحديات كثيرة في كل عام منذ بداية الحرب على اليمن، على رأسها ازدحام المدارس بسبب النزوح وعدم توفر الكتاب المدرسي في بعض المناطق.
كتب السوق السوداء
من جهتها تتحدث هناء الهمداني - طالبة في المرحلة النهائية من الثانوية العامة- أن جميع المدارس التي تعاني نقصا في الكتب المدرسية، خاصة القسم العلمي، توجد في مناطق نائية مثل منطقة المطار والحصبة وشيرتون، حيث لا يوجد اهتمام ومتابعة من مديري المدارس لوزارة التعليم ولا يطالبون بتوفير الكتب للطلاب.
تقول هناء "لهذا نحن كطلاب يجبرنا هذا الوضع على توفير كتبنا من السوق السوداء مثل منطقة التحرير ومن أمام بوابة جامعة صنعاء وبعض المكتبات مثل مكتبة الجيل الجديد، التي توفر الكتب المستخدمة والجديدة، وتصورها وتبيعها لنا بمبالغ تبدأ من 500 ريال (0.50 دولار) إلى 800 ريال (1.2دولار) للكتاب الواحد.
إرجاع الكتب للمدرسة
يُجمع التلاميذ والتربويون على مشكلة انعدام الكتاب المدرسي وعدم قدرة الإدارات المدرسية على توفيره للتلاميذ، مما يربك العملية التعليمية ويؤثر سلبا في مستقبل التعليم.
المعلمة أم عبد الله من مدرسة إخوان ثابت توضح السبب الرئيسي في عدم توفر الكتب لطلاب المرحلة الوزارية "الإعدادية والثانوية العامة" هو أن الإدارة كانت تجبر الطلاب في نهاية كل عام على إرجاع الكتب للمدرسة ليستفيد منها طلاب آخرون في العام الجديد ولا تسلم لهم الشهادات إلا بتسليم جميع الكتب.
غير أن بعض الطلاب في المراحل الوزارية لا يسلمونها للمدرسة ويبيعونها على الأرصفة، وهذا أحد أسباب عدم توفر الكتب للمرحلة الإعدادية والثانوية العامة في ظل عدم توفر الطبعات الجديدة من مطابع الكتاب لأسباب خارجة عن إرادتهم.
لكن هذا لا يعفي وزارة التربية والتعليم من متابعة موضوع الكتب وحله بأسرع وقت، تفاديا لتسرب الطلاب من التعليم.
تجارة الكتب المدرسية
ويرى أحد الباعة للكتب المدرسية في منطقة التحرير أن الكتب التي تباع هي كتب مستعملة وليس هناك ضرر في بيعها وكسب المال منها، ومن المفترض على سلطة الأمر الواقع في صنعاء أن تتابع بعض المكتبات التي تعاملت مع وزارة التعليم على منحها ترخيص لبيع الكتب بإيقافها ومحاسبة القائمين عليها، لأنها تبيع الكتب بضعف السعر المتداول بين الباعة.
ويؤكد أن بيع الكتب له سنوات عديدة ويعتبر مساعدة لطلاب لم يجدوا الكتب التي يحتاجونها، ومن أراد أن يتعلم يجب عليه أن يجاهد حتى وإن اضطر إلى شراء كتبه، لأن الوضع أصبح يحتم عليه ذلك.
صنعاء ممتلئة بالطلبة النازحين
عبد الله محمد أحد موظفي مطابع الكتاب بصنعاء صرح للجزيرة نت بأنه لا توجد أي كتب دراسية بطبعة جديدة تباع في السوق السوداء، وأن كل الكتب المتوفرة سواء التي طبعت بإمكانيات بسيطة أو المستعملة تسلم جميعها للمدارس.
وفي إجابته عن سؤالنا لماذا لا تتوفر الكتب لجميع الطلبة في صنعاء قال "الأسباب الرئيسية في عدم توفر الكتب لجميع الطلبة هو عدم قدرة مطابع الكتاب على توفير كمية كافية من الورق اللازم الذي يستورد من الخارج، بسبب الحصار".
وأضاف "أيضا الانقطاع المتواصل للكهرباء وعدم وفرة الديزل بشكل مستمر لعمل آلات الطباعة، إضافة إلى أن صنعاء أصبحت ممتلئة بالنازحين، وهذا شكل حملا كبير على قدرة المطابع في توفير الكتب لجميع الطلبة".