وجود الكتب في المنزل يُمكن أن يساوي مهارات الأطفال في القراءة والكتابة والرياضيات إلى حدٍّ كبير بمهارات خريجي الجامعات/ wikimedia

80 كتاباً في المنزل تساعد الأطفال في الحصول على مهارات "خريجي الجامعات"

يوماً بعد يوم تتضح قوة تأثير المكتبة المنزلية في الطفل وقدراته التحليلية. فأولئك الذين نشأوا في منازل تحتوي على مكتباتٍ وأنهوا المرحلة الثانوية في التعليم «صارت لديهم مهارات كبيرة في القراءة والكتابة والحساب والتكنولوجيا في مرحلة البلوغ تعادل مهارات خريجي الجامعات الذين نشأوا في منازل تحتوي على عددٍ قليل من الكتب».

دراسة نُشِرَت مؤخراً بعنوان Scholarly culture: How books in adolescence enhance adult literacy, numeracy and technology skills in 31 societies أو «الثقافة العلمية: كيف تعزز الكتب في مرحلة المراهقة من معرفة القراءة والكتابة ومهارات الحساب والمهارات التقنية لدى البالغين في 31 مجتمعاً» أكدت هذه الخلاصة.

إذ أُجريت على 160 ألف شخصٍ بالغ بين عامي 2011 و2015، واكتُشِفَ أنَّ وجود 80 كتاباً أو أكثر في المنزل يُعزِّز مهارات القراءة والكتابة والحساب والمهارات التقنية لدى البالغين، وفق ما نشر موقع Big Think.

ووجدت الدراسة أنَّ «النشأة في ظل وجود مكتباتٍ منزلية يُحسِّن هذه المهارات لدى البالغين بما يتجاوز الفوائد المتأتية من تعليم الوالدين أو التعليم الذاتي أو التعليم المهني».

">http://

ليس المقصود أنَّ الفائدة تزداد كلما زاد عدد الكتب

وجدت الدراسة، التي قادتها جوانا سيكورا من الجامعة الوطنية الأسترالية، أنَّ أكبر المكاسب في تعلُّم القراءة والكتابة والحساب ومهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحقَّقت عندما كان المنزل يحتوي على عدد كتب يتراوح بين 80 و350 كتاباً.

ولم تظهر أي مكاسب إضافية حين زاد عدد الكتب على ذلك الرقم. ومع ذلك، فتحديد حجم المكتبة يعتمد على البلد.

إذ وُجِد أنَّ العائلات الإسكندنافية لديها أكبر كميةٍ من الكتب: فـ14% من النرويجيين و13% من السويديين يمتلكون 500 كتابٍ فأكثر في منازلهم.

بينما هناك بضعة بلدان فقط تمتلك العائلات فيها أقل من 80 كتاباً في المتوسط، وهي شيلي واليونان وإيطاليا وسنغافورة وتركيا.

ولكن هناك سؤالاً منطقياً: ما تأثير الكتب الرقمية؟

قلَّلت الدراسة من تأثير هذا الاتجاه في النتائج التي توصلت إليها، قائلةً: «في الوقت الحاضر، من السابق لأوانه القول إنَّ استخدام الكتب المطبوعة صار ممارسةً عفا عليها الزمن».

والسبب في ذلك هو أنَّ المكتبات الرقمية الكبيرة، في الوقت الراهن على الأقل، تُستخدم بالتوازي مع مكتبات الكتب المطبوعة.

وأشارت الدراسة: «يرتبط حجم المكتبات المنزلية ارتباطاً إيجابياً بزيادة مستويات المعرفة الرقمية، لذا تشير الأدلة في الوقت الحاضر إلى أنَّ التفاعل مع وسائل المعرفة المادية في بيت الوالدين، مثل الكتب، سيواصل تقديم فوائد مهمة لتحسين كفاءات البالغين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات».

">http://

ما سر تأثير المكتبة المنزلية في الطفل ؟

تشير الدراسة إلى أنَّ هناك عاملين مؤثرين: الأول هو تأثير النشأة في بيئة اجتماعية مُشجِّعة على المعرفة والتعلم، لأنَّ «تعرُّض المراهقين للكتب هو جزء لا يتجزأ من الممارسات الاجتماعية التي تُعزِّز الكفاءات المعرفية على المدى الطويل».

والآخر هو أنَّ القراءة تساعد الأفراد في كثير من الأحيان على تطوير المهارات ذات الصلة، وكما تقول الدراسة، فـ»التعرُّض المبكر للكتب في منزل الوالدين أمرٌ مهم لأنَّ الكتب جزءٌ لا يتجزأ من الأنظمة والممارسات التي تعزز الكفاءات المعرفية مدى الحياة».

وهذه الكفاءات تُسهِّل التحصيل التعليمي والمهني، وتضع كذلك الأساس لأنشطة روتينية تستمر مدى الحياة وتعزز مهارات القراءة والكتابة والحساب.

تكلفة 80 كتاباً أقل بكثير من رسوم سنةٍ دراسية

نظراً إلى أنَّ الدراسة وجدت أنَّ «خريجي الجامعات الذين نشأوا في ظل عدم وجود أي كتب في منزلهم لديهم مستويات معرفية شبه متوسطة»، فمن المنطقي أنَّ وجود الكتب في المنزل يُعَد استثماراً ممتازاً في مستقبل الطفل.

إذ كتب مؤلفو الدراسة، «أنَّ عيش فترة المراهقة في بيئة مليئة بالكتب العلمية تمنح الأطفال الكثير من الفوائد التعليمية».

أما بالنسبة لمهارات الحساب، فإن فوائد المكتبة المنزلية تظل قائمة، لأنَّ «تأثيراتها تعادل خوض سنواتٍ دراسية إضافية».

يجب أن تكون استنتاجات هذه الدراسة مُشجِّعة للأسر غير القادرة في جميع أنحاء العالم على توفير تعليم عالٍ لأطفالهم.

فوجود الكتب في المنزل يُمكن أن يساوي مهاراتهم في القراءة والكتابة والرياضيات إلى حدٍّ كبير بمهارات خريجي الجامعات دون تحمُّل نفقات التعليم ما بعد المرحلة الثانوية.

أمَّا بالنسبة للأسر القادرة على إلحاق أبنائهم بالكليات، فتوصيهم الدراسة بتربية أبنائهم في بيئة مليئة  بالكتب لأنَّ ذلك قد يكون شرطاً أساسياً للحصول على الفائدة الكاملة من التعليم الجامعي، وبالطبع  يوفر للطفل فرصة أكبر للنجاح في سنِّ البلوغ.