ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد يحضر معرض الدفاع الدولي (آيدكس) في أبو ظبي ، الإمارات العربية المتحدة 17 فبراير ، 2019. REUTERS

أكثر من ثلث التجارة العالمية.. مبيعات الأسلحة للشرق الأوسط تشهد زيادة تاريخية، فمن هو المستورد الأول؟

ترجمة: عربي بوست

ذكر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في تقريرٍ صدر الأحد 10 مارس/آذار أنَّ تدفقات الأسلحة إلى منطقة الشرق الأوسط زادت بنسبة 87% في السنوات الخمس الماضية، وتُمثِّل الآن أكثر من ثلث التجارة العالمية.

وأظهرت الدراسة المسحية السنوية للمركز أنَّ المملكة العربية السعودية أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الفترة بين عامي 2014 و2018، بنسبة نمو بلغت 192% مقارنةً بالسنوات الخمس السابقة.

واحتلت كذلك مصر والجزائر والإمارات العربية المتحدة والعراق مراكز في قائمة أكثر 10 دول شراءً للأسلحة في العالم.  

ويوضح التقرير كيف أنَّ الولايات المتحدة والدول الأوروبية تبيع طائرات وسيارات عسكرية وغيرها من المعدات التي تستخدم في الحروب المثيرة للجدل في اليمن ومناطق أخرى، وفقاً لما ذكره لبيتر ويزمان الباحث في معهد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام لموقع Middle East Eye البريطاني.

الطلب الأعلى في الخليج

وقال ويزمان: «هناك طلب كبير على الأسلحة الأمريكية والبريطانية والفرنسية في منطقة الخليج، حيث تنتشر الصراعات والتوترات. وكذلك زادت روسيا وفرنسا وألمانيا مبيعاتها من الأسلحة إلى مصر زيادةُ كبيرة في السنوات الخمس الماضية».

وأشار ويزمان إلى أنَّ أحد أسباب زيادة واردات الشرق الأوسط من الأسلحة هو الحاجة إلى شراء معداتٍ وأسلحة جديدة بدلاً من تلك التي نُشِرَت ودُمِّرَت في اليمن وسوريا والعراق وليبيا.

وأضاف أنَّ من بين الأسباب الأخرى كذلك التوترات المنتشرة وسباق التسلُّح الإقليمي في المنطقة.

وقال التقرير المكوَّن من 12 صفحة إنَّ دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل تستعد لصراع محتمل مع إيران. يُذكَر أنَّ الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولاً أخرى تنازعت مع قطر في خلافٍ بدا في بعض الأحيان أنَّه قد يتحول إلى «مواجهةٍ عنيفة».

وبين عامي 2014 و2018، تلقَّت السعودية 94 طائرة مقاتلة مزودة بصواريخ كروز وأسلحة موجَّهة أخرى من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وفي غضون السنوات الخمس المقبلة، من المقرر أن تحصل كذلك على 98 طائرة و83 دبابة وأنظمة دفاع صاروخي من الولايات المتحدة، و737 عربة مدرعة من كندا، وخمس فرقاطات من إسبانيا، وصواريخ باليستية قصيرة المدى من أوكرانيا.

«الفجوة تتسع» بين إيران وأعدائها

أمَّا الإمارات، فقد حصلت بين عامي 2014 و2018 على أنظمة دفاع صاروخي، وصواريخ باليستية قصيرة المدى، وحوالي 1700 ناقلة جند مدرعة من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ثلاث فرقيطات من فرنسا، وفقاً لما جاء في التقرير.

وارتفعت الواردات القطرية من الأسلحة بنسبة 225% في أثناء الفترة نفسها، وتضمَّنت دباباتٍ ألمانية وطائرات مقاتلة فرنسية وصواريخ باليستية صينية قصيرة المدى. ومن المقرر كذلك أن تتلقى 93 طائرة مقاتلة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وأربع فرقاطات من إيطاليا.

ومثَّلت إيران، المفروض عليها حظر من الأمم المتحدة يمنعها من استيراد الأسلحة أو تصديرها، نسبة قدرها 0.9% فقط من واردات الشرق الأوسط من الأسلحة.

ويرى ويزمان أنَّ «الفجوة تتسع» بين إيران وأعدائها في منطقة الخليج، الذين يمتلكون أسلحةً أكثر تقدماً.

الولايات المتحدة ما زالت أكثر الدول بيعاً للأسلحة

وفي السياق نفسه، حافظت الولايات المتحدة على مركزها في صدارة أكثر الدول بيعاً للأسلحة في العالم. إذ ارتفعت صادراتها من الأسلحة بنسبة 29% في السنوات الخمس الماضية، بينما ذهب أكثر من نصف هذه الصادرات (52%) إلى دولٍ في الشرق الأوسط.

وارتفعت كذلك المبيعات البريطانية من الأسلحة بنسبة 5.9% في الفترة نفسها، بينما ذهب حوالي 59% من هذه الصادرات إلى الشرق الأوسط، ومعظمها طائرات مقاتلة إلى المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.

وقال باتريك ويلكين المتخصص في الحد من التسلح في منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الإنسان ويقع مقرها في المملكة المتحدة إنَّ تسلُّح الحكومات في الشرق الأوسط المضطرب يثير جدلاً متزايداً في الغرب.

وأشار إلى حالاتٍ كانت فيها مبيعات الأسلحة مُستحقة، مثل إعادة تشكيل الجيش العراقي بعدما فقد الكثير من معداته وأراضيه في الهجوم المفاجئ الذي شنَّه عليه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عام 2014.

لكنَّه أضاف أنَّ هذه الأسلحة المستوردة من الغرب غالباً ما تُستخدم في انتهاكات حقوق الإنسان، مشيراً إلى حملة القمع المصرية ضد المعارضين، واحتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية والحرب التي تقودها السعودية في اليمن.

وانتقد ويلكين «نفاق» الحكومات الغربية لعدم الالتزام بقواعدها عن طريق الاستمرار في تزويد القادة السلطويين الذين يرتكبون إساءاتٍ أو انتهاكات ضد شعوبهم في أوقات الحرب.

وقال ويلكين للموقع البريطاني: «إحدى المشكلات الحرجة للمنطقة هي ظهور جماعات مسلحة مثل داعش».

وأضاف: «في اليمن، تدعم الإمارات والسعودية ميليشيات غير خاضعة للمساءلة تماماً وتُزوداها بالأسلحة، مما يهيئ الساحة لمستقبل من عدم الاستقرار وانتهاكات حقوق الإنسان».

وهذه المشكلة لم تمر دون أن يلاحظها أحد في العواصم الغربية

ففي الولايات المتحدة، مرَّر المشرعون في مجلسي النواب والشيوخ قراراتٍ لإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية، مع أنَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تعهَّد برفض وثيقة القرار إذا وصلت إلى مكتبه.

وفي بريطانيا، دعا زعيم المعارضة جيريمي كوربن إلى فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى السعودية. وفي الشهر الماضي فبراير/شباط، خلُصَت لجنةٌ برلمانية إلى أن المملكة المتحدة «خالفت القانون» بتسليح الرياض.

وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً حول السيارات المدرعة الفرنسية الصنع التي استخدمتها قوات الحكومة المصرية «لتفريق الاحتجاجات وسحق المعارضة» في حملات قمع بين عامي 2012 و2015.

بيد أنَّ ألمانيا اتخذت موقفاً. ومدَّدت هذا الأسبوع تجميداً أحادي الجانب لتصدير الأسلحة للسعودية حتى نهاية الشهر الجاري مارس/آذار بسبب حربها في اليمن وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وقد أسفر ذلك عن حدوث شقاقٍ بينها وبين بريطانيا وفرنسا، شريكتيها في مشروعات الدفاع الأوروبية، بينما أثار تساؤلاتٍ حول إتمام بعض الصفقات، من بينها صفقة بقيمة 13.1 مليار دولار لبيع 48 طائرة من طراز يوروفايتر تايفون إلى الرياض.

وذكر جيف أبرامسون، الباحث في رابطة Arms Control Association المعنية بالدعوة إلى الحد من انتشار الأسلحة أنَّ الولايات المتحدة يجب أن تحذو حذو ألمانيا.

وقال أبرامسون لموقع Middle East Eye: «بدلاً من تصدي الولايات المتحدة لانتشار الأسلحة، تواصل السعي للحصول على نصيبٍ أكبر من سوق السلاح العالمية الآخذة في التوسُّع».

وأضاف: «ينبغي للولايات المتحدة أن تأخذ زمام المبادرة في تشجيع سلوكٍ مسؤول، بدلاً من تشجيع التجارة مع الأنظمة القمعية وغير المسؤولة، مثل تلك الموجودة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة».

نتائج أخرى

وقدَّم التقرير كذلك نتائج أخرى مثيرة للاهتمام.  فعلى مرِّ السنوات الخمس الماضية، زادت تركيا صادراتها من العربات المدرعة والصواريخ ومعداتٍ عسكرية أخرى بنسبة 170%، لتحتل بذلك المرتبة الرابعة عشرة في قائمة أكثر دول العالم تصديراً للأسلحة، وتصبح ثاني أكبر مُصدِّر للأسلحة في الشرق الأوسط، بعد إسرائيل.

واتضح أنَّ السعودية والإمارات كانتا من بين أكبر ثلاثة مستوردين للأسلحة من تركيا في تلك الفترة، على الرغم من الخلاف القائم بين أنقرة وهاتين الدولتين بشأن مقتل خاشقجي والحصار المفروض على قطر.

وقال ويزمان إنَّ استمرار الإمارات والسعودية في شراء الأسلحة من تركيا قد يكون محاولة منهما للحفاظ على العلاقات مع أنقرة على الرغم من الخلاف.

وأظهر التقرير كذلك أنَّ الجزائر زادت وارداتها من الأسلحة بنسبة 55% على مرِّ السنوات الخمس الماضية، مستوردةً شحنات عسكرية من روسيا والصين وألمانيا ودولٍ أخرى.

وهذا جعلها تحتل المرتبة الخامسة في قائمة الدول الأكثر استيراداً للأسلحة في العالم على الرغم من أنَّ قيمة ناتجها المحلي الإجمالي تبلغ 168 مليار دولار فقط.

وقال ويزمان إنَّ الجزائر تشتري الأسلحة من أجل الهيبة العسكرية والتعامل مع «المتشددين الوافدين» من ليبيا المجاورة وبسبب «تنافسها القائم منذ أمدٍ بعيد مع المغرب».

جديرٌ بالذكر أنَّ معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام يقيس حجم عمليات توريد الأسلحة، وليس قيمة الصفقات بالدولار. ونظراً إلى أنَّ حجم عمليات التوريد إلى كل بلد يميل إلى التقلُّب، فهو يقدم بيانات في فتراتٍ مدتها خمس سنوات كي تعطي مؤشراً أكثر استقراراً للاتجاهات.