ترجمة: عربي بوست
طالب السير تيم بيرنرز لي ، مخترع الإنترنت الشبكة العنكبوتية العالمية، الجمهورَ والساسة بـ «الاتحاد معاً» لإنهاء سوء استخدام الشبكة، في خطاب الاحتفال بمرور 30 عاماً على ميلاد اختراعه.
وقال مؤسس مؤسسة الشبكة العالمية، وفق ما نقلته وكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 12 مارس/آذار 2019، إن الإنترنت خلق فرصاً للمنفعة العامة، لكنه صار أيضاً مجالاً يستخدمه «المحتالون، ومنح صوتاً لهؤلاء الأشخاص الذين ينشرون الكراهية، وسهَّل ارتكاب جميع أنواع الجرائم».
مخترع الإنترنت يُطالب بإصلاحه
بعد أن اقترح تيم استخدامه باعتباره نظاماً لإدارة المعلومات عام 1989، عندما كان يعمل لصالح المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN)، يصل الإنترنت الآن حوالي نصف سكان العالم ببعضهم البعض.
وقد خضعت للتدقيق خلال الأعوام الأخيرة كثيرٌ من الشركات الكبيرة المعتمدة على شبكة الإنترنت، مثل فيسبوك وتويتر وجوجل، بسبب قضايا تتعلق بخصوصية البيانات والانتشار المتزايد للمحتوى المسيء والضار.
وقال مخترع الإنترنت في خطابه إنه سيكون من «الانهزام وضيق الأفق» افتراض أن الشبكة لا يمكن تغييرها إلى الأفضل، في ظلّ ما وصلت إليه في أعوامها الثلاثين الأولى، لكنه نصح الحكومات والمنظمات والجمهور بالعمل معاً لتطوير النظام الحالي وجعله متاحاً للجميع.
وأضاف: «إذا تخلَّينا عن (فكرة) إنشاء شبكة أفضل الآن، فلن تكون الشبكة هي التي خذلتنا، بل سنكون نحن من خذلنا الشبكة».
وحدد مخترع الإنترنت تيم بيرنرز لي ما وصفه بثلاثة مصادر للخلل الوظيفي التي تحتاج إلى معالجتها، وهي: «النوايا الخبيثة المتعمدة، التي هي على شاكلة الهجمات والاختراقات التي ترعاها الدول، والسلوك الإجرامي، والمضايقات عبر الإنترنت»؛ وثانياً يأتي تصميم النظام الذي خلق «حوافز فاسدة يجري التضحية فيها بقيمة المستخدم (في دائرة العمل)، مثل نماذج الإيرادات المعتمدة على الإعلانات التي تعتمد أعمالها على الروابط المضللة لزيادة عدد النقرات»؛ وثالثاً «الانتشار الكبير للمعلومات المضللة».
ومواجهة الآثار السلبية للشبكة
وطالب أيضاً بردّ فعل إزاء «الآثار السلبية غير المقصودة» للشبكة، التي قال عنها إنها أدّت إلى «النبرة الغاضبة المُستقطَبة ونوعية الخطاب المنتشر على الإنترنت».
وجاء في خطاب مخترع الإنترنت أيضاً: «بينما من المستحيل اقتلاع جذور الفئة الأولى تماماً، يمكننا وضع قانون ونظام لتقليل هذا السلوك، مثلما كنا نفعل دائماً قبل الاتصال بالشبكة».
وأضاف تيم بيرنرز لي : «تطلب الفئة الثانية منا إعادة تصميم الأنظمة بطريقة تغيير الحوافز. وتستدعي الفئة الأخيرة إجراء بحوث لاستيعاب الأنظمة القائمة وصياغة الأنظمة الجديدة المحتملة، أو تطويع هذه (الأنظمة) التي لدينا».
ويدور الآن جدال عالمي حول الحاجة إلى زيادة التشريعات التي تنظم الفضاء الإلكتروني، إذ يُتوقع أن تصدر الحكومة البريطانية كتاباً أبيض حول القضية في المستقبل القريب.
وتطور مؤسسة الشبكة العالمية حالياً ما تصفه بـ «عقد من أجل الشبكة»، يستهدف ضمان اعتبار الدخول إلى شبكة الإنترنت حقاً إنسانياً أُسِّس من أجل الصالح العام.
بالبحث عن حلول للمشاكل بشكل جماعي
قال تيم مخترع الإنترنت : «لا يمكننا إلقاء اللوم وحسب على حكومة واحدة، أو موقع تواصل اجتماعي واحد، أو الروح البشرية، إذ إن السرد المبسط للمسألة يحمل خطر استنفاد طاقتنا بدلاً من التركيز على أسبابها الجذرية، في الوقت الذي نلاحق فيه أعراض هذه المشاكل. ومن أجل استيعاب هذا بشكل صحيح سوف نحتاج إلى أن نجتمع باعتبارنا مجتمع شبكة عالمياً».
وأوضح أن المؤسسة كانت تعمل مع الحكومات والمنظمات الأخرى على تكوين عقد، لكنه دعا الساسة والمجتمع الأكبر لبذل المزيد للمساعدة في بناء شبكة أفضل، والتأكد من أن العقد لم يكن «قائمة من الحلول السريعة».
وأضاف تيم بيرنرز لي : «يجب على الحكومات تفسير القوانين والتشريعات من أجل العصر الرقمي. ويجب عليهم ضمان أن يظل السوق تنافسياً، وإبداعياً، ومفتوحاً. ولديهم مسؤولية لحماية حقوق الأشخاص وحرياتهم على الشبكة.
وتابع مخترع الإنترنت : «نحن في حاجة إلى مدافعين عن الشبكة المفتوحة بين دوائر الحكومة، سواء الموظفين الحكوميين أو المسؤولين الذين سيتحركون عندما تهدد مصالح القطاع الخاص الصالح العام، والذين سيقفون لحماية الشبكة المفتوحة».
وأشار إلى أنه «يجب على الشركات أن تفعل المزيد لتضمن أن سعيها لتحقيق الربح قصير المدى لا يأتي على حساب حقوق الإنسان، أو الديمقراطية، أو الحقيقة العلمية، أو السلامة العامة. يجب أن توضع في الحسبان الخصوصية والتنوع والأمن عند تصميم المنصات والمنتجات.
كما دعا المواطنين لمساءلة الشركات والحكومات
ورأى تيم بيرنرز لي أن «الأهم من كل هذا، يجب على المواطنين مساءلة الشركات والحكومات عن الالتزامات التي تعهدوا بها، ومطالبتها باحترام الشبكة باعتبارها مجتمعاً عالمياً يقبع المواطنون في صميمه».
وأردف مخترع الإنترنت قائلاً: «إذا لم ننتخب الساسة الذين يدافعون عن شبكة مجانية ومفتوحة، وإذا لم نؤد واجبنا لتعزيز المحادثات البناءة الصحية عبر الشبكة، وإذا واصلنا تظليل خانة الموافقة (على الشروط والأحكام) دون المطالبة باحترام بياناتنا، فإننا نتنصل من مسؤوليتنا بوضع هذه الموضوعات على أجندة أولويات حكوماتنا».
واختتم تيم بيرنرز لي بذكر «ضرورة» إيصال الإنترنت إلى جميع أنحاء العالم، وقال: «الكفاح من أجل الشبكة واحدة من أهم قضايا عصرنا. نصف عالمنا اليوم يتصل بالإنترنت. وإنه لمن الضروري أكثر من أي وقت مضى أن نضمن عدم ترك النصف الآخر دون الاتصال بالشبكة، وأن جميع الأشخاص يسهمون في شبكة تقود دفة المساواة، وإتاحة الفرص، والإبداع».
وأضاف: «الشبكة من أجل الجميع، ونحن إذا اجتمعنا نملك قوة التغيير، لن يكون سهلاً. ولكن إذا حلمنا قليلاً وعملنا كثيراً، يمكننا الوصول إلى (الشكل) التي نريد أن تكون عليه الشبكة».