«جاي من بلادي البعيدة لا زاد ولا ميه، وغربتي صاحبتي بتحوم حواليا»، لم تكن تبدأ أغنية يونس للكينج محمد منير بهذه الافتتاحية، فقد كانت تروي السيرة الهلالية التي عكف كاتبها الشاعر عبدالرحمن الأبنودي على جمعها طيلة 20 عاماً.
لكن منير أراد أن يفتتحها بشكل مختلف عوضاً عن بدايتها المفترضة «أنا يونس»، ليمسك الأبنودي بورقته وقلمه ويكتب واحدةً من أشهر أغنيات محمد منير.
قصة أغنية يونس
تدور الأغنية حول واحدةٍ من قصص سيرة بني هلال وهي واحدة من أعظم السير الشعبية في التاريخ العربي، وارتبطت كثيراً بصعيد مصر، حيث كان الجميع يتغنى بها ويرددونها في جلساتهم الشعبية.
في القصة تأتي اللمحة الأسطورية التي لا تعبر أجزاء كثيرة منها عن قصة حقيقية، تقول الأسطورة إن السلطان الزناتي خليفة كان واقعاً في حب ابنته الوحيدة «عزيزة»
ولما أتى بكل الفقهاء حتى يجيزوا له الزواج من ابنته رفضوا جميعاً حتى أصيب بالاكتئاب الشديد وعزلها في القصر.
أشار عليه مساعدوه إلى أن يشتروا لها جارية تؤنس وحدتها، ذهب الرجال إلى كل الموانئ من روما إلى الإسكندرية، وهناك وجدوا جارية الأمير يونس، ويونس هو نجل شقيقة أبوزيد الهلالي.
في الوقت ذاته تدهورت أحوال بني هلال وأصاب القحط أراضيهم، فبحثوا عن أرضٍ أخرى يرعون فيها إبلهم، كان صعباً أن يرحلوا جميعاً إلى مكان مجهول
فقرر السلطان حسن بن سرحان، سلطان عرب بني هلال، إرسال فريق مستكشفين بقيادة أبوزيد الهلالي، وأبناء أخته، الأمير مرعي، والأمير يحيى، والأمير يونس
ليكتشفوا ويقرروا أي البلاد التي يستطيع بنوهلال احتلالها والاستقرار بها.
وفق الأسطورة وصل الأربعة إلى حدود تونس الخضراء، وما إن دخل حتى أصبحت المدينة تتحاكى بالقادم إليها؛ نظراً لما كان يتمتع به من جمال شديد
وأصرت عزيزة على استقبال يونس في قصرها خاصة بعد أن عرفت أنه يونس نفسه الذي قصدته جاريتها، إذ كانت كثيرة الحديث عنه وعن حسن مظهره وخلقه.
كانت عزيزة قد وقعت في حب يونس قبل أن تراه من كثرة ما كانت تحكيه جاريتها، وفي القصر كانت عزيزة تدبر خطتها لتفوز بقلب الأمير يونس، حتى تجبره على الزواج منها وهناك دار بينهما الحديث.
«إنتي تقوليلي بحبك تحبي إيه فيا، وده حب إيه اللي من غير أي حرية؟»، على لسان يونس كتب الأبنودي هذه الأبيات في محض حديثه لحبيبته التي عشقته في بلاط السلطان، لكنه رفض الزواج منها لأنه كان أسيراً لا يملك لنفسه شيء.
لا سيما أن باله كان في الرجوع لينفذ أهل عشيرته التي أصابها الجوع والفقر بعدما نضبت أراضيهم.
في لقاء له قال الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي عن الأغنية أن محمد منير هو صاحب فكرة هذه الأغنية، فبعد لقاء له مع الملحن «رحيم»
قال له ابدأ بمطلع الأغنية فغنى له رحيم المطلع «يا بنات الهلالية»، لكن منير أصر على تغييرها ليبدأ قصة يونس من أولها، بداية من سفره من موطنه وحتى وصوله إلى حضرة السلطان.
قدّم الأبنودي خلال رحلته الأدبية العديد من الدواوين والكتابات والأغاني التي رافقت جيلاً بأكمله وتعاون مع كبار نجوم الفن في العالم العربي
وكانت أغنية يونس واحدة من أهم أيقونات التعاون بين الثنائي النوبي محمد منير وعبدالرحمن الأبنودي.
الأبنودي ظل وعلى مدار 20 عاماً يجمع قصص السيرة الهلالية وأصدرها بعد ذلك في 5 أجزاء صدر الجزء الأول منها 1988.
كلمات أغنية يونس
جاي من البلاد البعيدة
لا زاد ولا ميه
وغربتي صحبتي بتحوم حواليا
وانتي تقوليلي بحبك
تحبي ايه فيا وده حب ايه
ده اللي من غير اي حرية
يونس في بلاد الشوق
آه يا ولد الهلالي
بتونسني دموع العين وانا سايب أهالي
آه يا ولد الهلالي لعليا ولابيا
يا عزيزة يا بنت السلطان لو يتغير الزمان
وقابلتيني في أي مكان كنت أعشق من غير ما تقولي
يووونس أنا يونس
كنت هقول أهو ده المحبوب
ويدوب قلبي قبل ما أدوب
آه يا ولد الهلالي لعليا ولا بيا
أنا يونس ونسيت مين يونس
والدنيا ما لت عليا
قلبي ضايع مين يلاقيه لي
با يني نسيته حدا أهلي
ينفع أحبك من غير قلبي
ما تردوا عليها وعليا
آه يا ولد الهلالي لعليا ولا بيا
يا عزيزة يا بنت السلطان لو يتغير الزمان
وقابلتيني في أي مكان كنت أعشق من غير ما تقولي
يووونس أنا يونس
كنت هقول أهو ده المحبوب
ويدوب قلبي قبل ما أدوب
آه يا ولد الهلالي لعليا ولا بيا
أنا يونس ونسيت مين يونس
والدنيا مالت عليا