برينتون تارانت، الإرهابي الأسترالي المُتَّهم بتنفيذ هجوم مسجد كرايست تشيرش

سفاح المسجدين بنيوزيلندا سينجو من الإعدام وقد لا يتهم بـ«الإرهاب» أصلاً! فماذا سيكون مصيره إذاً؟

سادت الشكوك حول ما إذا كان برينتون تارانت، الإرهابي المُتَّهم بتنفيذ هجوم مسجد كرايست تشيرش، سيُصبح أول شخصٍ يُدان بموجب قوانين مكافحة الإرهاب النيوزيلندية.

لكن جاسيندا أرديرن، رئيسة الوزراء النيوزيلندية، والشرطة أشاروا إلى تارانت بوصفه إرهابياً على الدوام منذ مذبحة الجمعة 15 مارس/آذار.

لكن السلطات قد لا تُدين الأسترالي البالغ من العمر 28 عاماً بموجب قانون دحر الإرهاب؛ لأن تُهَمَ القتل المُتعدِّدة ستسمح للقاضي بتحديد فترةٍ أطول لا يُسمح فيها بمنح المُتهم إطلاق «سراحٍ مشروط».

وبحسب موقع Stuff النيوزيلندي، يعتقد جون إب، مُحاضِر القانون بجامعة أوكلاند، أن «إثبات تهمة القتل سيكون أسهل من الإرهاب».

وقال إب: «أعتقد أن أكثر ما سيجذب المُدَّعى لتُهم القتل.. هو سهولة إثباتها، وخاصةً بالنظر إلى أن القتل شائعٌ وجرائم الإرهاب جديدةٌ ومُعقَّدة. وحين تنطوي جريمة القتل على ظروفٍ مُشدَّدةٍ بعينها، مثل «أن يُرتَكَب القتل كجزءٍ من عملٍ إرهابي».. فإن الحد الأدنى الذي يجب قضاؤه من العقوبة قبل الحصول على إطلاق سراحٍ مشروطٍ هو 17 عاماً. ومن المُرجَّح، بافتراض إدانته طبعاً، أن يُواجه فترة عدم إطلاق سراحٍ مشروطٍ أطول من ذلك -وهو يستحق ذلك بالنظر إلى حجم الجريمة في هذه القضية».

وأُضيفت مادةٌ أخرى إلى القانون في عام 2010 تسمح للمحكمة أن تأمُر بالسجن المُؤبَّد دون إمكانية إطلاق السراح في قضايا القتل.

لماذا قد لا يحاكم تارانت بتهم الإرهاب؟

وقال بيل هودج، أستاذ القانون بجامعة أوكلاند، إنه من «الخطر اتِّهام تارانت بموجب قانون دحر الإرهاب؛ لأن الكثير من المُدَّعين لا يمتلكون خبرةً عمليةً في هذا القانون مُقارنةً بقانون الجرائم الذي تقع جريمة القتل تحت مظلته»، بحسب تعبيره.

ويعتقد أليكساندر جيليسبي، أستاذ القانون بجامعة وايكاتو، أن تارانت سيُواجه «عدة تُهَمِ قتل»؛ إذ قال: «هناك الكثير من الجدل حول ما إذا كان يجب اتِّهامه بموجب تشريعات الإرهاب أو قانون الجرائم على ارتكاب جريمة قتل -وهذا جدلٌ أكاديمي على الأغلب. والأهم هنا هو أن يقضي ما تبقى من حياته في السجن».

ويضيف جيليسبي: «لذلك فالخيار الأكثر أماناً هو إدانته بموجب قانون الجرائم؛ لأن تعريفات الإرهاب ينتهي بها المطاف عادةً داخل «مستنقعٍ قانوني»، ولا نعلم الكثير من الأشياء عن ذلك القانون؛ لأننا لم نُواجه قضيةً من هذا النوع من قبل… وعلينا أن نتلاعب بالنظام القانوني لنضمن أن يُؤدي دوره الكامل في السيطرة على هذا الشر مُتكامل الأركان».

وأكَّد مكتب المدعي العام Crown Law Office، الإثنين، أن الشرطة عليها أن تحصل على موافقة المُدعي العام إذا كانت ترغب في توجيه التُّهَمِ بموجب «قانون دحر الإرهاب».

وأُدخِل قانون دحر الإرهاب، بالإضافة إلى قانون مكافحة الإرهاب، إثر الهجوم الإرهابي في الـ11 من سبتمبر/أيلول وتفجيرات بالي.

لكن السلطات لم تُحاوِل توجيه تُهمٍ بموجب قانون دحر الإرهاب سوى مرة واحدة فيما يتعلَّق بمداهمات أوريويرا عام 2007، لكن المحاولة رُفِضَت؛ لأن المدعي العام شعر بأن القانون «غير عملي».

السفاح في كامل قواه العقلية ويعي الموقف ويراقب على مدار 24 ساعة

ويُخطِّط تارانت، الذي مثَّله ريتشارد بيتيرز -المُحامي المُتطوِّع- أمام المحكمة حين وُجِّهت له تُهمة قتلٍ واحدةٍ يوم السبت، لتمثيل نفسه أمام المحكمة مستقبلاً. ولم يطلب مساعدةً قانونية.

وقال المحامي لوسائل الإعلام الاثنين إن المجرام تارانت في كامل قواه العقلية ويعي الموقف. وأضاف «يروق له ما هو بصدده فيما يبدو وسبب وجوده هناك».

وقال بيترز إنه اضطر لتنحية شعوره بالصدمة والحزن لما حدث جانبا لأداء عمله. وتابع «مصدوم بشدة وحزين لما حدث لكن التعامل مع هذا الشخص اضطرني إلى تنحية هذا جانبا والتعامل مع ما أنا بصدده».

وتارانت مُحتجزٌ داخل منشأةٍ أمنيةٍ مُتخصِّصةٍ ويُراقب على مدار 24 ساعةٍ حتى موعد جلسته القادمة في الخامس من أبريل/نيسان.

وكان تارانت السبت الماضي، في أولى جلسات محاكمته أمام محكمة كرايست تشيرش، وسط إجراءات أمنية مشددة، مرتدياً سترة بيضاء خاصة بالمساجين، وظل صامتاً تماماً دون تقديم أي تصريح أمام المحكمة.

ولن يحكم عليه بالإعدام!

قانونياً، يستبعد أن يتم إعدام الإرهابي تارانت، ففي عام 1989 ألغيت عقوبة الإعدام تماماً بعد أن كانت مقتصرة على قضايا الخيانة العظمى.

وبحسب موقع «تاريخ نيوزيلندا» الحكومي، كان آخر تنفيذ لحكم بالإعدام في نيوزيلندا عام 1957، الذي أشار إلى أن أول حكم بالإعدام كان في عام 1842. وذكر الموقع أنه خلال 115 عاماً جرى إعدام 83 شخصاً بعد إدانتهم بالقتل وإعدام شخص واحد بعد إدانته بـ «الخيانة الوطنية».

وأوضح الموقع أن حزب العمال النيوزيلندي خفف عقوبة الإعدام إلى السجن مدى الحياة عام 1941، قبل أن يُعيد الحزب الوطني النيوزيلندي عقوبة الإعدام في عام 1951 بعد وصوله للسلطة، ولكن مع عودة حزب العمال مجدداً للحكم جرى وقف عقوبة الإعدام في عام 1957.

وجرى إلغاء عقوبة الإعدام في الجرائم الجنائية بموجب تعديل دستوري عام 1961، لكنه استثنى عقوبة الإعدام في قضايا الخيانة، حتى جاء تعديل دستوري آخر عام 1989، ألغى عقوبة الإعدام تماماً.  

وبحسب مفوضية القانون النيوزيلندية، فإنه في حالة إدانة أي شخص بالقتل تكون العقوبة هي السجن مدى الحياة، مع عدم إمكانية العفو عن المحكوم عليه إلا بعد قضائه 10 سنوات على الأقل في السجن.