ترجمة: عربي بوست
قالت صحيفة The Guardian البريطانية أنها علمت أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد تم تجريده من بعض سلطته المالية والاقتصاديه وأنه لم يحضر سلسلةً من الاجتماعات الدبلوماسية والوزارية رفيعة المستوى في المملكة العربية السعودية على مدار الأسبوعين الماضيين.
وأشارت الغارديان إلى أن مصادر أفادت للصحيفة أنَّ خطوة تقييد مسؤوليات ولي العهد محمد بن سلمان -ولو بصورةٍ مؤقتة- قد كشف عنها والده الملك سلمان لمجموعةٍ من كبار الوزراء في وقتٍ مبكر من الأسبوع الماضي.
وقيل إنَّ الملك طلب من بن سلمان أن يحضر اجتماع مجلس الوزراء هذا، لكنَّه غاب عنه.
وفي حين لم يجر التصريح بهذه الخطوة علناً، فقد قيل لصحيفة The Guardian إنَّ واحداً من أكثر مستشاري الملك الموثوق بهم، وهو مساعد العيبان، الذي تلقى تعليمه في هارفارد، وعين مؤخراً مستشاراً للأمن القومي، سوف يشرف بشكلٍ غير رسمي على قرارات الاستثمار نيابةً عن الملك.
وقد رفضت السفارة السعودية في واشنطن طلباتٍ متعددة للتعليق
هل هناك توتر بين الملك والوريث؟
تخضع العلاقة بين الملك وابنه للتدقيق منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي زُعم أنَّه قد تم بأمرٍ من محمدٍ بن سلمان، وأثار إدانةً دولية لولي العهد. وقد نفت الحكومة السعودية هذا الأمر.
ينقسم الخبراء في أمور الشرق الأوسط حول ما إذا كانت جريمة القتل، والمخاوف بشأن دور المملكة في الصراع الدائر في اليمن، قد أدت إلى توترٍ في قلب الديوان الملكي المشهور بتكتمه.
لكن في حين يتوقع معظم المراقبين أنَّ الأمير محمد سوف يتبوأ العرش، ثمة بعض العلامات بأنَّ الملك يسعى لكبح جماح ابنه المثير للجدل في وقتٍ تُسلَّط فيه الأضواء على السعودية.
وتقول الغارديان إنَّ الأمير محمد لم يحضر اثنتين من أحدث الاجتماعات الأسبوعية لوزراء الحكومة، والتي يرأسها الملك.
ولم يحضر ولي العهد أيضاً محادثاتٍ أخرى رفيعة المستوى مع كبار الشخصيات الزائرة، بما في ذلك لقاء الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
ولم يكن الأمير محمد حاضراً أيضاً في اجتماعٍ مع كبار المسؤولين الاقتصاديين والماليين أول الأسبوع الجاري، ولم يحضر اجتماعاً بين الملك والمفتي، واجتماعاً مع رئيس منظمة الصحة العالمية، واجتماعاتٍ مع رئيس الوزراء اللبناني، وسفراء من الهند والصين.
ورفض متحدث باسم الحكومة السعودية في واشنطن التعليق على هذه الغيابات أو الإدلاء بمعلوماتٍ عن مكان ولي العهد.
ولم يعلق المتحدث أيضاً على القرار المزعوم بسحب بعض المسؤوليات المالية من الأمير محمد، أو قرار التعيين غير الرسمي للعيبان للإشراف على الأمور المالية.
وليس من الواضح من البيانات الصحافية الرسمية حول أنشطة الملك والأمير إذا ما كان الأمير محمد قد غاب عن جميع الفعاليات البارزة، لكنَّ الأمير لم يظهر في أي صور أو بيانات صحفية حديثة، باستثناء خبرٍ عن حديثه إلى رئيس وزراء اليابان شينزو آبي عبر الهاتف الأسبوع الماضي.
وأكدت متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أنَّ الأمير محمد لم يلتقِ بوزير الخارجية سيرغي لافروف الأسبوع الماضي. وقالت إنَّ مثل هذا الاجتماع لم يجرِ التخطيط له مسبقاً.
حالة من الدهشة أصابت المقربين لغياب ولي العهد
وعلى الرغم من أنَّ الأمير محمد غاب عن اجتماعاتٍ من قبل، فقد قال مصدر مطلع على أعمال الديوان الملكي إنَّ هناك دهشة حقيقية من بعض هذه «الغيابات» التي وقعت خلال الأسبوعين الماضيين.
ومن المفهوم أنَّ الملك كان مستاءً على نحوٍ خاص من غياب ابنه عن الاجتماع الوزاري يوم الثلاثاء، الذي ناقش فيه الملك الكثير من التحديات التي تواجه المملكة، وأثار مخاوف حول مزاعم خسارة المملكة لعددٍ من الاستثمارات، في خطابٍ استغرق ساعتين.
وأدى ذلك إلى طلبٍ مفاده أنَّ جميع القرارات المالية المستقبلية في الوقت الراهن سوف تكون بحاجة إلى موافقة الملك شخصياً، وذلك وفقاً للرواية التي وصلت لصحيفة The Guardian. واعتُبر هذا القرار ساري المفعول فوراً، ويخص استثماراتٍ كبيرة خاصة بالمملكة وعقوداً أخرى.
وذكرت صحيفة The New York Times الأسبوع الجاري أنَّ صندوق الاستثمارات الحكومي السعودي قد مر بـ»انفصال فوضوي» في علاقته بمستثمرٍ من هوليوود، بعد أن قرر المستثمر إيقاف التعامل مع الصندوق وإعادة استثمارٍ سعودي بقيمة 400 مليون دولار في أعقاب جريمة قتل خاشقجي.
وقد نفت المملكة العربية بشدة اضطلاع الأمير محمد بدور في جريمة القتل، لكن ذكرت تقارير عديدة أنَّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خلصت بدرجةٍ كبيرة من الثقة إلى أنَّ ولي العهد هو من أمر بقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
تواجه السعودية أيضاً تحقيقا دولياً في انتهاكاتٍ مزعومة أخرى لحقوق الإنسان الخاصة بالمعتقلين السعوديين، بما في ذلك وليد فتيحي، وهو مواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والسعودية، ومحتجز دون توجيه تهمٍ إليه.
وذكرت صحيفة The Guardian الأسبوع الماضي أنَّه يبدو أنَّ هناك إشارات على نشوب خلاف بين الملك المسن وابنه. وقيل إنَّ التوترات قد اشتعلت بعد إعلان الأمير محمد قراري تعيين مهمين بعد ساعاتٍ من مغادرة الملك في زيارةٍ رسمية لمصر.
إذ زُعم أنَّ ترقية الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرةً للسعودية في الولايات المتحدة، وترقية شقيق الأمير محمد خالد بن سلمان لمنصب وزير الدفاع، قد أُعلنا دون موافقة الملك أو علمه.
وقد وقع ولي العهد على المرسومين المتعلقين بهذه التعيينات بصفته «نائباً للملك»، وهو أمر قال بعض الخبراء إنَّه نادر الحدوث.
لم يستقبل والده بالمطار
ولم يستقبل ولي العهد أباه شخصياً في المطار بعد عودته من مصر إلى السعودية بحسب المعتاد.
وقال متحدث باسم السفارة السعودية: «من المعتاد أن يُصدر عاهل السعودية أمراً ملكياً بتفويض سلطة إدارة شؤون الدولة إلى نائبه ولي العهد كلما سافر خارج البلاد. وهو ما حدث أثناء زيارة الملك سلمان الأخيرة إلى مصر».
وقال السفير إنَّ هذه الإعلانات أصدرها الأمير محمد نيابةً عن الملك، بصفته نائب الملك. وأضاف المتحدث: «أي تلميح إلى غير ذلك هو أمر لا أساس له، بكل بساطة».
ويقول بعض كتاب الشرق الأوسط إنَّ التلميحات بوجود شقاقٍ قد بولغ فيها، وأنَّ ولي العهد يعمل بالفعل بوصفه «ملكاً في كل شيء باستثناء الاسم».
وقالت مضاوي الرشيد، الأستاذة بكلية لندن للاقتصاد، إنَّ الملك سلمان أيد ابنه بقوة في أعقاب مقتل خاشقجي، واختار القيام بجولة في المملكة «مع ابنه إلى جانبه، ليرسل رسالةً قوية بأنَّه يحظى بالدعم الكامل من الديوان الملكي».
وقال آخرون إنَّ ولي العهد ربما يغيب عن الفعاليات العامة لعددٍ كبير من الأسباب، وأنَّ الملك كان داعماً قوياً لابنه على الرغم من الأمور السابقة المثيرة للجدل، ومن غير المحتمل أن يتغير موقفه هذا.