ترجمة: عربي بوست
منذ وقتٍ ليس ببعيد، كان تناول العشاء مع العائلة، والتواصل مع زوجتك بعد وضع الأطفال في الفراش، أو الحديث مع أطفالك في الأوقات البينية مثل أثناء توصيلهم للمدرسة، أمراً روتينياً.
لكنّ الزمن تغير، وترسَّخ في ثقافتنا بشكلٍ متنامٍ أنّنا مشغولون للغاية عن التواصل مع أولئك الأقرب إلينا، على الرغم من رغبتنا في ذلك بشكلٍ جماعيّ.
يستثمر أولياء الأمور والأطفال على حدٍ سواء فترة تفرغهم في الهواتف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك شعورٌ عام بأن هناك المزيد دائماً.
المزيد مما يُقرأ، والمزيد من الردود، والمزيد مما يمكن مشاهدته. وبسبب هذا الضغط الدائم لاستهلاكٍ أكثر، يمكن أن نشعر بأننا نضيِّع وقتنا إن توقَّفنا لمنح التقدير لمن حولنا، خوفاً من أن يفوتنا ما يحدث في الحياة في مكانٍ آخر.
على الرغم من أنه يمكننا دائماً استهلاك المزيد من المعلومات، فليس صحيحاً أنّ الإبطاء واستقطاع وقت للتواصل -وخاصةً وجهاً لوجه- هو مضيعةٌ للوقت.
في الواقع، العكس هو الصحيح، فتوفير وقت للتواصل مع من حولنا يمكن أن يقلِّل من فرص الإصابة بالاكتئاب والقلق الناجم عن الشعور بالوحدة.
وفقاً لمقالٍ منشور على صحيفة New York Times الأمريكية. يمكن أن يكون لهذا التواصل فوائد أكبر أيضاً، إذ يشير الدكتور جون جوتمان في كتابه «The Seven Principles for Making Marriage Work» إلى أن تعزيز «خرائط الحب»، كما يحدث حال معرفتك بتجارب شريكك اليومية، هو المفتاح لزواج صحي سعيد وحياة أكثر سعادة وصحة.
تظهر البيانات أنّ تخصيص وقت للتفاعل وجهاً لوجه يحقِّق مكاسب ضخمة، لكنَّ ذلك لا يعني سهولة فعل ذلك.
بالطبع هناك فجوة تبدو كبيرة بين ما تعرف أنه يجب عليك فعله، وبين ما تشعر أنّ لديك وقتاً للقيام به. للمساعدة في سد هذه الفجوة، إليك بعض الطرق البسيطة لدمج التفاعل وجهاً لوجه في نمط حياة عائلتك.
1- تناولوا الطعام سوياً
يتطلب تناول الطعام سوياً كعائلة جهداً مقصوداً، لكنّ معظم العائلات يمكنها تنظيم ذلك على الأقل بضع مرات على مدار الأسبوع. الإصرار هو أساس البداية.
تردف كاتبة المقال قائلة: «خلال نشأتي مع عائلتي، كان تناول العشاء سوياً أولوية بالنسبة للعائلة، لذا كان اختيارنا للأنشطة التي نمارسها، مثل مواعيد دروس الرقص التي يجب أن تأخذها، مرتبطاً بما إذا كان جدول الحصص يسمح لنا بالأكل مع العائلة».
في عائلتك، قد ترغب في إعادة تقييم توقيت الأنشطة الجانبية، لمعرفة ما إذا كان يمكنك ترتيب جدولك، ليتمكَّن الجميع من اللقاء على طاولة الطعام.
قد ترغب أيضاً في معرفة ما إذا كان بإمكانك إجراء أيّ تعديلات على جدول عملك (مثل الذهاب في توقيتٍ أبكر، والخروج في وقتٍ مبكِّر بعض الأيام) حتى تتمكَّن من العودة إلى المنزل في الوقت المناسب لتناول الطعام مع زوجتك أو أطفالك.
إذا كان العشاء العائلي في المنزل ليس فعالاً بانتظام، فحاول البحث عن بدائل. على سبيل المثال، حاولوا تناول وجبة الإفطار سوياً، أو ترتيب طقوس خاصة لعطلة نهاية الأسبوع، مثل الاستمتاع بوجبة غداء يوم السبت أو عشاء يوم الأحد معاً.
لتستفيدوا لأقصى درجة من هذه الوجبات، ابتعدوا عن الهواتف وأوقفوا تشغيل التلفزيون. ربما تُحضر سلَّة ليضع الجميع هواتفهم فيها على الوضع الصامت، قبل أن تبدأ الوجبة.
الهدف هو عدم الاكتفاء بتناول الطعام فحسب، بل التعرُّف على ما يحدث في حياة كل فرد، والوصول إلى جوهر حالته العاطفية. على سبيل المثال، إذا لاحظت أن ابنتك الثرثارة عادة تبدو متجهمة، فلديك الآن فرصة المتابعة لاحقاً لتسألها: لم تكوني كعادتك على العشاء، هل أنتِ بخير؟ هل حدث شيء ما في المدرسة؟
2- اقضوا فترة راحتكم سوياً
ثمَّة فرصة أخرى مهمة لإعادة التواصل ببعضكم البعض، وهي قضاء فترة راحتكم سوياً قبل النوم.
ربما تعلم أنّ استخدام الأجهزة الإلكترونية في الساعة السابقة على النوم، يصعب النوم ويقطع الاستغراق فيه. لذا يمكنك تحسين صحتك الجسدية وصحة علاقاتك باستخدام هذا الوقت للتواصل مع شريكك بدلاً من ذلك.
بعض الأشخاص يعقدون اتفاقاً مع أحبائهم ليوقفوا التكنولوجيا في وقتٍ معين من الليل. إذا كنت بحاجة إلى بعض المساعدة الإضافية، يمكن أن تساعدك تطبيقات مثل OFFTIMEفي حظر هاتفك خلال ساعات معينة.
بالإضافة إلى ذلك، من المستحسن أن تغير هاتفك إلى وضع «عدم الإزعاج» حتى تستريح بهدوء.
يمنحك هذا الطقس الخالي من التكنولوجيا قبل النوم، الفرصة للاهتمام بشريكك والبقاء في تناغم عاطفي مع مشاعره. إنه أيضاً وقت مثالي للسؤال عن تفاصيل يومهم أو أفكارهم، أو متابعة تعليقاتهم السابقة، مثل: «كان يومي عسيراً في العمل»، عندها لن يكون انتباهك مشتتاً بالأطفال أو المهمات المسائية أو مهام أخرى حول المنزل.
3- عيشوا الحياة سوياً
بالطبع هناك ضيق الوقت، فلدينا جميعاً بحق أشياء يجب أن نفعلها. لذا فإن أفضل فرصة للاتصال المباشر والمفيد هي دعوة أفراد عائلتك إلى مشاركتك في كل ما تفعله بالفعل.
اطلب من أطفالك مساعدتك في الطهي، ادع شريكك لتمشية، وحولها إلى طقس مسائي. أو اقترح انضمامهم إليك في مأمورية مسائية لذلك الهدف.
يتطوّر التواصل ويقوى في اللحظات البسيطة يوماً بيوم. في كتابها «Daring Greatly«، تقول برينيه براون: «إننا ننمي الحب عندما نكشف ضعف أنفسنا وقوتها بعمق لتُرى وتُعرف، وعندما نكرم الاتصال الروحي الذي ينمو من هذا العرض بثقة واحترام ولطف وحنان. الحب ليس شيئاً نعطيه أو نحصل عليه؛ إنه شيء نرعاه وننميه».
إن جعل هذا التواصل الشخصي المباشر وجهاً لوجه أولوية في عائلتك، يبني روابط ذات معنى. كما أنها بمثابة استراتيجية وقائية قوية تمكنك من تقليل الوقت والطاقة التي تحتاجها للإنفاق على الأدوية!