ترجمة: عربي بوست
قطعت العقوبات الأمريكية إمدادات النفط الإيراني إلى سوريا، مما تسبب في خسائر غير مسبوقة لتدفق النفط الخام، وقاوم قيوداً دولية طويلة الأجل، وساعد في بقاء نظام الأسد خلال سنوات من الحرب الأهلية.
لم تتمكن إيران من نقل النفط إلى سوريا منذ الثاني من يناير/كانون الثاني الماضي، وفقاً لموقع TankerTrackers المتخصص في متابعة حركة ناقلات النفط البحرية. يأتي ذلك مقارنة بإمدادات وصلت في المتوسط إلى 66 ألف برميل يومياً على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي. وقال سمير مدني، المؤسس الشريك لـTankerTrackers، إن الإمدادات الإيرانية «هوت فجأة»، وإن صهاريج التخزين فارغة في ميناء مدينة بانياس، أكبر مصفاة لتكرير النفط في سوريا.
اللجوء لروسيا ليس سهلاً أيضاً
وبحسب صحيفة Wall Street Journalالأمريكية، أدّت عدة حزم من العقوبات الأمريكية على إيران وسوريا وحلفائهما إلى وقف تدفق النفط الخام الإيراني إلى سوريا، مما جعل النظام السوري يلبي احتياجاته من الطاقة بالاعتماد على الغاز المعبأ من روسيا، وهو مصدر يخضع أيضاً لضغوط من جراء عقوبات، وإنتاج النفط من المتمردين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة. ويشعر السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق بتأثير ذلك بالفعل، مع نقص الوقود والارتفاع الجنوني في أسعار الطاقة.
تخدم جهود إنفاذ العقوبات، التي تضمَّنت ضغط وزارة الخزانة الأمريكية على مصر لإيقاف ومنع مرور ناقلة نفط متوجهة إلى سوريا، في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، غرضاً مزدوجاً لبرنامج عقوبات إدارة ترامب في الشرق الأوسط؛ وهما قطع شريان النفط الرئيسي الداعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد منذ فترة طويلة، وتجريد إيران من إحدى نقاط قوتها الرئيسية في المنطقة.
وساعدت صادرات النفط الخام الإيراني إلى سوريا نظام الأسد خلال الحرب التي استمرت ثماني سنوات في سوريا، إذ انخفض إنتاج سوريا من النفط من 353 ألف برميل يومياً عام 2011 إلى 25 ألف برميل يومياً في 2017، وفقاً لبيانات شركة بريتيش بتروليوم البريطانية للنفط (BP).
قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية: «إيران تدعم نظام الأسد، حتى عندما يرتكب فظائع وجرائم ضد شعبه، مثل استخدام الأسلحة الكيماوية. سنواصل التنسيق مع المجتمع الدولي للتوصل إلى سبل للحد من جهود إيران لإعادة إمداد نظام الأسد (بالنفط) ليستمر في ارتكاب جرائم وحشية ضد شعبه».
أمريكا تخنق إيران ونظام الأسد معاً
وتسعى واشنطن لتضييق الخناق على نفوذ الجمهورية الإسلامية على سوريا وغيرها من الحلفاء، منذ انسحابها من الاتفاق النووي الذي رفع معظم العقوبات الواقعة على طهران. وحاولت واشنطن أيضاً عزل دمشق بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وفرضت عقوبات على حليف إيران اللبناني، حزب الله.
تهدف العقوبات الأمريكية على إيران بصورة كبيرة إلى تقليص عائداتها النفطية، لكن في سوريا فإنها تهدف إلى إنهاء نفوذ طهران على دمشق. تسلّم إيران النفط الخام إلى سوريا بموجب خط ائتمان لا يجري سداده على الأرجح، وهو الاتفاق الذي يشير بشكل رئيسي إلى العلاقات الجيدة بين البلدين، والدعم الإيراني للنظام السوري. وتأمل الولايات المتحدة في تقويض نفوذ طهران على حكومة الأسد من خلال حرمان سوريا من النفط الإيراني، حسبما قال مسؤولون أمريكيون سابقاً.
حلفاء إقليميون ينفذون الأوامر الأمريكية
ولتنفيذ العقوبات، جنَّدت إدارة ترامب حلفاء إقليميين لمراقبة ناقلات النفط التي تنتقل على السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، وتمر عبر قناة السويس، في طريقها إلى موانئ سوريا على البحر المتوسط. وفي أواخر العام الماضي، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية قائمةً تضم 30 سفينة تنقل النفط الإيراني والغاز الروسي المعبأ إلى الحكومة السورية، محذّرةً مَن يتعامل مع تلك الناقلات من مخاطر الوقوع تحت طائلة العقوبات. كما وقع عدد من الحوادث للسفن الناقلة للغاز الروسي المعبأ، إذ أجبرتهم العقوبات على العمل بسريّة. وانخفضت إمدادات روسيا من الغاز المعبأ، ولكنها لم تتوقف.
شاركت السلطات المصرية أيضاً بمنع مرور ناقلة واحدة على الأقل حاولت دخول قناة السويس، وفقاً لمسؤول في القناة ورجل أعمال سوري مطّلع على الواقعة.
ووفقاً لموقع FleetMon الألماني لتتبع السفن، ففي يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت سفينة تحمل اسم Sea Shark ترسو في مصر، حيث منعتها السلطات من المرور في القناة. وبحسب موقع TankerTrackers، كانت تعمل هذه السفينة على توصيل ما يصل إلى 900 ألف برميل كل بضعة أشهر بانتظام لعدة سنوات، من ميناء خارج النفطي الإيراني إلى مرفأ بانياس السوري، آخرها كان من أسبوعين فقط قبل منع مرورها. وتعذَّر الوصول لمسيّري السفينة Sea Shark ومقرهم في الإمارات للتعليق.
تسبَّبت عرقلة تجارة النفط الإيراني في تقليص عدد السفن المتاحة تحت تصرف إيران. والعديد من السفن التي تستخدمها لنقل النفط الخام في حالة سيئة. فهناك ناقلة، على سبيل المثال، تحمل اسم Tour 2، تنقل النفط الإيراني إلى سوريا منذ 2013 على الأقل، متجاوزةً مجموعة سابقة من العقوبات الأمريكية، وفقاً لبيانات موقع FleetMon الألماني وقاعدة البيانات Equasis التابعة للاتحاد الأوروبي.
لكن يبدو أن سنوات العمل المتخفي وإهمال الاستثمارات في هذا القطاع أثّرت على Tour 2. إذ أظهرت سجلات Equasis احتجاز الناقلة في قبرص لمدة 28 يوماً في شهر أكتوبر/تشرين الأول، لانتهاك 17 بنداً من لوائح السلامة، من بينها استخدام اتصالات لاسلكية خاطئة للملاحة.
ووفقاً لبيانات موقع TankerTrackers وشركة Registro Italiano Navale المسؤولة عن إجراءات السلامة الخاصة بالسفينة، فبعد تسليم الناقلة لشحنة نفط إيراني، في الأول من يناير/كانون الثاني، تجوَّلت السفينة بالقرب من الساحل السوري في وقت لاحق من هذا الشهر، ولم تتحرك منذ ذلك الحين.
ووفقاً لقاعدة بيانات Equasis، تخضع السفينة لإدارة شركة هندية، ولكنها لم ترد على طلب للتعليق على ذلك.