شقيقتان سعوديتان رفضتا الكشف عن وجهيهما ووجهتهما/ رويترز

شقيقتان سعوديتان تحصلان على حق اللجوء، لكن الوجهة مجهولة (صورة)

كشفت رويترز عن حصول الشقيقتين السعوديتين اللتين كانتا محتجزتين في هونغ كونغ على حق اللجوء إلى دولة أخرى، بعد أن فرّتا، في سبتمبر/أيلول 2018، من عائلتهما عندما كانتا في عطلة بسريلانكا، وتقطعت بهما السبل في هونغ كونغ، بعد أن فشلت محاولاتهما للوصول إلى أستراليا، التي كانتا تأملان الحصول على حق اللجوء فيها.

وقالت رويترز، الإثنين 25 مارس/آذار 2019، إن الشقيقتين السعوديتين تأملان «مستقبلاً باهراً وجميلاً»، بعد أن حصلتا على حق اللجوء عقب فرارهما مما وصفتاه بأنه إساءة معاملة من الأسرة ومجتمع قمعي.

ولأسباب متعلقة بالسلامة، طلبت الشقيقتان (18 و20 عاماً) عدم الإفصاح عن اسميهما ولا وجهتهما ولا الدولة التي حصلتا فيها على حق اللجوء. وقالت الفتاتان إنهما تعرضتا للضرب من والدهما وأشقائهما.

15 مقر إقامة في 6 أشهر

وقالت الشقيقة الصغرى لـ «رويترز» مؤخراً: «يا إلهي! كنت سعيدة جداً»، وهي تصف كيف تلقت نبأ حصولهما على حق اللجوء. وأضافت؛ «صرخت قائلة: إنها حقيقة.. هذا يحدث… شعرت براحة كبيرة.. أمر لا ينسى».

وتحدثت الفتاة لـ «رويترز» في غرفة بالطابق الـ22 من فندق في هونغ كونغ قبل فترة وجيزة من مغادرتهما المدينة. وحضر المحامي مايكل فيدلر، الممثل لهما والمعني بقضايا حقوق الإنسان، المقابلة.

وقالت الفتاتان إنهما عاشتا في خوفٍ 6 أشهر، تنقلتا خلالها بين 15 مقر إقامة، ومكثتا مع راهبة ومع أُسر، وفي ملجأ للنساء اللائي تعرضن لإساءة المعاملة.

وخشيت الشقيقتان من اعتراض مسؤولين سعوديين طريقهما، أو أن يجبرهما أقارب على العودة إلى السعودية، حيث تعتقدان أنهما قد تعاقبان بالإعدام، لارتدادهما عن الإسلام.

ولم ترد القنصلية السعودية في هونغ كونغ على طلبات للتعليق.

وأكد فيدلر في بيان أصدره في وقت متأخر من الإثنين، أن الشقيقتين تمكنتا بالفعل من السفر إلى دولة ثالثة بعد الحصول على «تأشيرتين لأسباب إنسانية».

وأضاف على صفحة شركته القانونية بموقع فيسبوك: «لضمان سلامتهما في المستقبل لن نفصح عن الدولة الثالثة التي تعيشان فيها الآن، كما لن ندلي أيضاً بأي تفاصيل أخرى… لن تُجري الشقيقتان أي مقابلات إعلامية أخرى».

وقالت الفتاتان إنهما تعرضتا لمعاملة قاسية، شملت الضرب في بعض الأحيان على يد والدهما وأشقائهما.

وقالت الصغرى لـ «رويترز» من قبل: «كانوا مثل سجّانين لي، مثل مسؤول السجن. كنت مثل سجينة».

شقيقتان سعوديتان تنتقدان نظام الولاية

انتقدت شقيقتان سعوديتان أيضاً نظام ولاية الرجل في السعودية، الذي يتطلب من النساء الحصول على إذن قريب من الذكور للعمل أو السفر أو الزواج، وفي بعض الأحيان للحصول على بعض العلاجات الطبية.

وقالت الشقيقة الكبرى: «النساء مثل العبيد تماماً»، وأضافت أن حلمها هو أن تصبح كاتبة في يوم من الأيام.

وقالت: «أريد فقط أن أستقر وأشعر بالأمان، وأن (أعرف) أن لديّ حقوقاً، وأن لي أهمية في ذلك البلد. فقط العيش بشكل طبيعي.. واكتشاف نفسي… لأنني الآن أملك حياتي».

وتلك ليست الحالة الأولى في آسيا هذا العام، التي تفر فيها سعودية مما تقول إنه قمع.

وفي يناير/كانون الثاني 2019، حصلت فتاة سعودية تبلغ من العمر 18 عاماً، على اللجوء في كندا بعد أن فرت من أسرتها وتحصنت بفندق في بانكوك، لمنع إعادتها إلى بلادها.

وجذبت قضيتها انتباه العالم إلى القواعد الصارمة في المجتمع السعودي، التي تقول منظمات حقوقية إنها يمكن أن تجعل النساء والفتيات أسيرات أُسر متعسفة.

ورفضت السفارة السعودية في بانكوك التعليق على القضية، قائلة إنها مسألة أسرية.

«ستجد نورك الهادي»

واجهت الرياض أيضاً انتقادات من الحلفاء الغربيين فيما يتعلق بمقتل الصحفي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، وللتبعات الإنسانية لحربها في اليمن.

وتابعت شقيقتان سعوديتان أنباء مقتل خاشقجي وهما في مخبأهما في هونغ كونغ.

وقالت الشقيقة الكبرى التي تعتبر قصة جورج أورويل المعنونة (1984) أحد الكتب المفضلة لديها، وشبهت مجتمع القصة البائس بوطنها: «قلت لشقيقتي: أنا سعيدة لأننا رحلنا. هذه هي البلاد التي رحلنا منها، لا مجال للندم إطلاقاً».

وقالت عن القصة: «هي كتاب خيال علمي، لكن هذا الوضع حقيقي في السعودية».

وضعت الشقيقتان خطة هربهما على مدى عدة سنوات، وادخرتا سراً نحو 5000 دولار، بعضها من خلال الاقتصاد في بعض الأشياء التي حصلن على أموال لشرائها، وحددتا وقت الهرب ليوافق عيد الميلاد الثامن عشر للشقيقة الصغرى.

وقالتا إنهما عصف بهما القلق عندما مر موعد مغادرتهما هونغ كونغ التي تحكمها الصين الشهر الماضي (فبراير/شباط 2018). وحثت منظمة العفو الدولية السلطات في هونغ كونغ على ألا تعيد الفتاتين إلى السعودية.

وقالت الشقيقة الصغرى، التي تعتبر الفرقتين الموسيقيتين «راديوهيد» و «كوين» من الفرق المفضلة لديها، إنها تأمل أن تلهم الشباب للوقوف ضد الظلم الاجتماعي.

وقالت: «لا تكتفِ بالالتصاق بالحائط وتنتحب، لأنك إن بكيت فسيكون الأمر أسوأ… قاوِم بطريقتك، وستجد نورك الهادي».

وأضافت الفتاة التي ترتدي قميصاً أحمر وسروال جينز وحذاء رياضياً، إنها غير نادمة. وتابعت: «هناك مستقبل مشرق ينتظرني».