عمر البشير

ليس الخوف من الاعتقال... الكشف عن أسباب مفاجئة لغياب البشير عن القمة العربية

فسر الخبير السياسي، الدكتور ياسر محجوب، غياب الرئيس السوداني عمر البشير، عن القمة العربية المرتقبة في تونس يومي 30 و31 آذار/ مارس الجاري.

وتحدث محجوب، المُقيم في بريطانيا، عبر اتصال هاتفي مع وكالة "سبوتنيك" أمس الخميس، حول أسباب غياب الرئيس البشير عن القمة العربية في تونس:

"لا أعتقد عدم حضور الرئيس البشير للقمة العربية في تونس بسبب المحكمة الجنائية الدولية، لأنه لم يحصل قط دولة عربية اتخذت إجراءات ضد البشير حتى لو كانت عضو في المحكمة الجنائية، وهناك مثال حضور البشير القمة العربية في الأردن وهي جزء بالمحكمة الدولية".

الرئيس السوداني عمر البشير يغادر بعد إلقاء خطابه في قصر الرئاسة في الخرطوم

© REUTERS / MOHAMED NURELDIN ABDALLAH

وتابع محجوب "لكن اعتقد الرئيس البشير، لديه ما يشغله داخل البلاد، والمعلوم أن الأوضاع السياسية الحرجة جدا، تمر في السودان وكذلك مع إعلان حالة الطوارئ، بالتأكيد يتطلب هذا الأمر وجود البشير داخل البلاد لمتابعة المستجدات".

وهناك جانب آخر بحسب الخبير وهوهو شعور الرئيس البشير، بالاستياء من بعض الدول العربية في تعاطيها خلال أزمة بلاده الاقتصادية الحالية، إذ إن هذه الدول لم تمد له العون ليُجابه هذه الأزمة التي أساسها ربما كانت قضية اقتصادية، وكان ينتظر نوعا من تقديم العون الاقتصادي خاصة وجود دول تحتل مكانة اقتصادية الجيدة مثل دول الخليج، على حد قوله.

وأضاف محجوب عن توفر أسباب أخرى في عزوف الدول العربية في إرسال العون مساعدتها الاقتصادية تجاه السودان خاصة في خلال الأزمة الأخيرة، وقال "أعتقد أن الدول العربية كانت تنتظر ما ستسفر عنه الأوضاع في مستقبل السودان دون اتخاذ خطوات مستعجلة، لتقديم الدعم الاقتصادي، لأنها ترى أن دعم حكومة غير مستقرة وهناك شكوك في شرعيتها قد يكون قرار غير مناسبا في وقتها، إضافة إلى، خشية دول العربية في حالة إرسال العون إذا قدمت العون الاقتصادي ان تذهب إلى غير مواقعها الطبيعية خاصة خاصة الحديث حول الفساد في النظام، فيبتلعها الفساد لذلك لا تتشجع الدول لتقديم المساعدة السودان نحو هذا الإطار".

ولفت الخبير السياسي لأسباب إضافية في إحجام بعض الدول في الوقوف الى جانب السودان خلال أزمته "وهو موقف المترنح أو ما يسمى موقف الحياد التي اتخذته حكومة السودان خلال الانقسام في البيت الخليجي بين محور السعودية ومحور قطر، وأعتقد ان حكومة السودان إذا مالت لأحد المحورين، لرُبما وجدت الدعم والعون الاقتصادي، لكن تظل الأسباب عدم الاستقرار السياسي وقضايا الفساد في النظام هي الأسباب الرئيسة".

ونقلت صحيفة "الإنتباهة" السودانية عن مصادر "رفيعة"، أمس، قولها إن الحكومة السودانية لم تتسلم أي تحفظات من نظيرتها التونسية بشأن ممانعتها مشاركة الرئيس عمر البشير في القمة العربية التي تستضيفها تونس نهاية الشهر الجاري.

الرئيس السوداني عمر البشير، 5 فبراير/ شباط 2019

© REUTERS / MOHAMED NURELDIN ABDALLAH

وقللت المصادر من مطالبة منظمة هيومن رايتس ووتش لتونس بمنع دخول البشير إلى أراضيها أو توقيفه، موضحة أن الرئيس البشير سبق أن شارك في قمة الأردن وهي موقعة على ميثاق المحكمة الجنائية.

ودعت المنظمة الدولية على موقعها الإلكتروني، تونس إلى منع دخول الرئيس السوداني، عمر البشير، أو توقيفه.

ويشار إلى أن البشير مطلوب بموجب مذكرتي توقيف من المحكمة، بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في دارفور بالسودان.

وقالت إليس كيبلر، المديرة المشاركة لقسم العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش: "على تونس إظهار التزامها بالعدالة الدولية بمنع الرئيس البشير من دخول أراضيها أو توقيفه، إذا وطأت قدمه البلاد. البشير هارب دولي، ويجب أن يكون في لاهاي لمواجهة التهم الموجهة إليه، لا أن يحضر مؤتمرات قمة يستضيفها أعضاء المحكمة الجنائية الدولية".

وأضافت المنظمة الدولية على موقعها الإلكتروني أن زيارة البشير ستكون المرة الأولى التي تسمح فيها تونس بدخول هارب من المحكمة إلى أراضيها منذ انضمامها إلى المحكمة، في 2011. السماح للبشير بالزيارة دون توقيفه سيناقض التزام تونس بدعم المحكمة، والتعاون معها بموجب "نظام روما الأساسي" للمحكمة.

وخلال الاجتماع السنوي للدول الأعضاء في المحكمة، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، أعرب سفير تونس في لاهاي عن "التزام تونس الصارم بنظام روما الأساسي، ودعمها الثابت لمحاربة إفلات مرتكبي أخطر الجرائم التي تهم المجتمع الدولي".

وكانت تقارير إعلامية سودانية قالت إن البشير سيحضر القمة، لكن الوكالة الرسمية أكدت أن الوفد السوداني الذي سيحضر، يرأسه نائب البشير الأول، الفريق أول ركن، عوض محمد أحمد بن عوف، وزير الدفاع، ويرافقه وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد.

وتنطلق، الأحد المقبل، الموافق الواحد والثلاثين من الشهر الجاري، في تونس العاصمة، اجتماعات الدورة 30 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بمشاركة قادة الدول العربية.

وستبحث القمة العربية تطورات الأزمة السورية، والتطورات في اليمن وليبيا، إلى جانب دعم جهود السلام والتنمية في السودان، والتضامن مع لبنان ودعم جمهورية الصومال إلى جانب قضايا أخرى.

ويذكر السودان يعاني من أزمة اقتصادية متراكمة منذ انفصال جنوب السودان العام 2011، وذلك بسبب فقده موارد النفط التي كانت تمثل ثلثي دخل الحكومة، لكن اشتدت الأزمة منذ العام 2018 عقب اعتماد موازنة جرى فيها تغييرات في السياسة النقدية وحجم السيولة النقدية عن المواطنين أدت الى ارتفاع أسعار المعيشة والتضخم وانتعاش سوق المضاربة في العملات الأجنبية.

وفي ظل هذه الأزمة خرجت احتجاجات واسعة بأغلب مدن السودان منذ التاسع عشر كانون الأول/ ديسمبر، وقد واجهتها السلطات الأمنية للطلاق القنابل المسيل للدموع والرصاص المطاطي والحي مسببة مقتل ما يزيد على 30 متظاهر وجرح المئات حسب إحصائيات رسمية.