الفتيات اللواتي تضامن مع روزان تيا/ موقع Stuff النيوزيلندي

سائق حافلة يغلق بابها بوجه فتاة مسلمة في نيوزيلندا، والرد جاءه من 3 أخريات!

ترجمة: عربي بوست

كشفت فتاة مسلمة نيوزيلندية عن تعرضها لتصرف عنصري من قِبل سائق حافلة، بعد ثلاثة أيام فقط من مجزرة نيوزيلندا الإرهابية التي ذهب ضحيتها 50 شخصاً، في هجمات مسجد كرايستشرش.

وحسب موقع Stuff النيوزيلندي، كانت روزان تيا (15 عاماً) تقف عند محطة الحافلة، بصحبة صديقتيها عامرية تيكاو (15 عاماً)، وياسمين سادلير (16 عاماً)، وهن في طريقهن إلى المنزل، عائدات من وقفة تضامن طلابية عند نصب شارع Deans Ave خارج مسجد النور.

وأوضح الموقع أنهن كنَّ هناك لإحياء ذكرى وفاة الأشخاص الخمسين الذين راحوا ضحية الهجوم الإرهابي على المسجد، ومن ضمنهم مراهقَان من مدرسة كشمير الثانوية وآخر من برنسايد الثانوية.

توقفت الحافلة التابعة لخط السير الأرجواني بالمحطة. وسمح السائق لامرأة بيضاء بالصعود على متن الحافلة، وكانت تليها في الصف شابة ترتدي حجاباً. وما إن همَّت بالصعود على الدرج، حتى أغلق السائق الباب في وجهها.

حادث عنصري في يوم تأبين ضحايا مجزرة نيوزيلندا

تقول روزان: «أَغلق لتوَّه الأبواب وتحرك، مع أن الحافلة لم تكن ممتلئة على الإطلاق! لقد كنا في حالة صدمة، خاصة بعد ما حدث يوم الجمعة 15 مارس/آذار 2019. لقد كانت عائدة هي الأخرى من فعالية التأبين».

وأضافت: «سألناها عن حالها، فقالت إنها على ما يرام، لكن بإمكانك أن تدرك أنها كانت حزينة؛ إذ نزلت صديقتها عند محطة الحافلة، لذا من الواضح أنها لم تشعر بالأمان. لقد سيطر علينا جميعاً شعور الغضب».

تقول عامرية فتاة مسلمة إن الحادث جعلهن يدركن أن «ذلك هو الواقع الحقيقي، الناس عنصريون حقاً… لقد شعرنا بالاشمئزاز».

انتظرت الفتيات معها الحافلة التالية، وانطلقن إلى موقف الحافلات معاً. وهناك تعقبن الحافلة واسم السائق، وذهبن لإخبار الشركة بما شاهدنه.

لم يسعهن فهْم السبب في أن الصدمة لم تبدُ على الكبار الذين كانوا في مكتب الاستقبال. تقول عامرية: «ظننا أنهم سيرتعدون، لكنَّ حالهم كان (حسناً، ليس ثمة ما يمكننا فعله، لكن بإمكانكم تقديم شكوى). لذا قدمنا شكوى بالفعل».

فيديو يوثق الحادث العنصري

يقول بول ماكنو الرئيس التنفيذي لشركة Red Bus، إن الشركة استعرضت لقطات أمنية، ووجدت ما يصدُق على شكوى فتاة مسلمة بأن السائق أغلق الباب في وجه امرأة مسلمة. وأضاف: «كان تصرُّف السائق غير لائق كلياً، وسنباشر عملية تأديبية بحقه؛ إنها تجربة لا نتوقع أن يمر بها أي من عملائنا في أثناء استخدام خدماتنا».

لم يوضح قل ماكنو هل تم توقيف السائق عن العمل أم لم يوقّف، مصرحاً بأنه لا يمكنه التعليق على الحالات الفردية. وقال: «يمكن أن أكون واضحاً للغاية بأن الحادث لن يتكرر». ويقول إن الشركة ستعتذر للمرأة.

تقول روزان إنه منذ هجمات المسجد والطلاب صاروا يدركون مدى أهمية التصدي للعنصرية.

وأردفت: «لا نريد أن نكتفي بالتفرج ونشاهد شيئاً يحدث ونقف مكتوفي الأيدي، لأن هذا يجعلنا أناساً سيئين حقاً. لقد فوجئنا بأن لا أحد على الحافلة نبس بكلمة حتى»، مضيفة: «أشعر بأنه عند وقوع أي من تلك الأشياء، يكون جلياً للغاية أنه خطأ فادح، حتى إنه لا مجال للتسامح فيه. حتى لو لم يحدث معك، إن رأيته يحدث لا يمكنك أن تقف متفرجاً».

صليب في موقع القبض على سفاح نيوزيلندا

وقع هذا الحادث بعد ثلاثة أيام فقط من الهجوم الإرهابي المميت، في حين كانت المجتمعات بالمدن والبلدان في أنحاء البلاد تجتمع من أجل الحراسة في حزن وتضامن.

لكن، برغم أن الاستجابة القومية الجامحة نمَّت عن الحب والتسامح، فإنها لم تكن استجابة عالمية.

في الأيام التي أعقبت الهجوم، رُسم صليب معقوف على سياج، حيث اعتقلت الشرطة الإرهابي المزعوم في شارع بروغام.

يزيل مقاولو مجلس مدينة كرايستشرش رسمة غرافيتي عنصرية بمعدل واحدة يومياً منذ هجمات 15 مارس/آذار 2019. وهذا أكثر بكثير من المعتاد؛ نظراً إلى المعدل «النادر نسبياً» من أعمال التخريب العنصرية التي كانت تشهدها البلاد في السابق، وفقاً لستيفان توماس مدير عمليات النقل بالمجلس.

وكلام مسيء إلى المسلمين في لوحة مطعم

وفي مدينة ليتلتون، استدعيت الشرطة بعد مشاهدة رجل يكتب كلاماً مثيراً للمشاعر المعادية للمسلمين على سبورة في أحد المطاعم، نقلاً عن أحد الشهود في إفادته لموقع Stuff النيوزيلندي.

لم تستطع الشرطة تحديد عدد حالات سوء المعاملة أو الاعتداءات العنصرية التي حدثت في جميع أنحاء البلاد، لأنها لا تجمع تلك البيانات. تقول المتحدثة باسم الشرطة: «جريمة الكراهية لا تعد جريمة محددة قائمة بذاتها».

يمكن اعتبار الاعتداء بدافع الكراهية «ظرفاً مشدداً» في إصدار الأحكام، وبإمكان أفراد الشرطة تحديد كون الجريمة مدفوعة بالكراهية أو عدم كونها كذلك، لكن عددها غير محسوب لدى الجهات الرسمية.

يقول المدافعون عن حقوق الإنسان، ومن ضمنهم أعضاء من الجالية المسلمة، وسوزان ديفوي مفوضة العلاقات العرقية السابقة وسليفها في المنصب جوريس دي بريس، إنهم يمارسون ضغوطاً منذ سنوات، بهدف تسجيل الجرائم المدفوعة بالكراهية.

“حاجة ماسة» لتسجيل الجرائم المدفوعة بالكراهية

تجمع لجنة حقوق الإنسان «الشكاوى المتعلقة بالعِرق» وتلك التي تزعم المضايقات والنفور القائمة على أساس عِرقي. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، زاد عدد تلك الشكاوى بنسبة 20%، ووصل عددها إلى 417 حالةٍ في العام الماضي (2018).

تقول جانيت أندرسون بيدويس المستشارة القانونية للجنة حقوق الإنسان، إن تلك الإحصاءات لا تقدم الصورة كاملة، وحثت على إنشاء نظام تسجيل وطني.

وأضافت: «نصمم على أن النقاش المتعلق بقوانين خطاب الكراهية الحالي قد تأخر كثيراً، وأنه يلزم اتخاذ إجراءات عاجلة فيما يتعلق بتسجيل جرائم الكراهية».

منذ تلك الهجمات، أطلقت منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية موقعاً إلكترونياً للأشخاص، للإبلاغ عن حالات الإسلاموفوبيا، بعد أن شعرت بالإحباط لغياب آلية رسمية.

تشمل الحوادث التي أُبلغ عنها منذ 15 مارس/آذار 2019، امرأة على حافلة في أوكلاند تعرضت للاعتداء اللفظي، وإلقاء سماد على أرجاء منزل في جنوب أوكلاند، وصبياً قال لآخر: «يبدو أنك مسلم، وأريد إطلاق النار عليك» في هاستينغز، وكثيراً من التقارير عن تلويح بالبندقية وضجيج إطلاق نيران موجه على الناس.

إساءات إلى المسلمين مبالغ فيها

تقول ديبورا مانينغ محامية حقوق الإنسان وعضوة اللجنة، إنها شعرت بالفزع من حجم الإساءات المبلَّغ عنها منذ وفاة 50 شخصاً من الجالية المسلمة، مضيفة أنه يجب أن يكون هناك خط مخصص للإبلاغ عن جرائم العِرق للشرطة.

وأردفت: «ما يثير شواغلنا هو عدد الأمور المريعة التي تحدث منذ هجمات كرايستشرش، لأكون صادقة، إنه أمر مروع حقاً»، وقالت: «في أعقاب ذلك مباشرة، يصعب للغاية استيعاب أن هذا يحدث! لقد تلقينا بعض تعليقات، مفادها الإسلاموفوبيا بأنفسنا».

تقول ديبورا إن موقع المؤسسة قد أطلق بعد أن بدأت سيدات مسلمات مشاركة قصص العنصرية في أثناء الانتظار بمستشفى Starship، في انتظار ألين ألساتي، البالغة من العمر أربع سنوات، لإجراء عملية جراحية، بسبب ثلاث رصاصات تلقتها في أثناء هجوم مجلس النور.

أدرك المسلمون أنهم مستهدَفون في الشوارع، وبالحافلات، وحتى في مراكز التسوق. وتقول ديبورا: «حدث أن امرأة دفعت أخرى بعربة التروللي، ناعتة إياها بالإرهابية، ولم تفكر الأولى في الإبلاغ عن هذا».

وبالعودة إلى فتيات المدرسة الثانوية في كرايستشرش، لا تعرف الثلاث سبب هذا التواني عن محاسبة السائق. ففي عالمهم، يجب الإبلاغ عن العنصرية، وسائقو الحافلات الذين يميزون بين ركابهم يجب طردهم من عملهم، ويجب أن يكون الكبار مثالاً يحتذى به.

تقول ياسمين: «يجب أن يكونوا قدوة لنا. يجب أن يُرونا الصواب لنفعله».