كشفت دراسة حديثة أن غسل الصحون يمكن أن يخفض مستوى التوتر بشكل كبير، ولكن بشرط القيام به وفق تعليمات معينة. اصبر قليلاً؛ فالأمر مستند إلى منطق علمي، بعيداً عن آلام الظهر والقدمين.
كيف يمكن أن تثير مهمة روتينية شاقةٌ التوتر أو تخففه؟!
اختبر الباحثون أثر غسل الأطباق على حالة الوعي الآني، وعلى الشعور الإيجابي والسلبي، وإدراك الوقت.
غسلت مجموعة من الخاضعين للتجربة 18 طبقاً بعد أن قرأوا فقرةً تشرح لهم كيفية القيام بالأمر، وغسلت مجموعة أخرى العدد نفسه من الأطباق بعدما قرأت فقرة عن أهمية الحضور، والتفكُّر، والانتباه، والوعي في أثناء ممارسة هذه المهمة.
وجد الباحثون أنَّ هؤلاء المُهيَّئين لحالة الوعي الآني Mindfulness تلك أقرُّوا بزيادةٍ في الوعي، وتخفيف التوتر، وزيادة في إحساسهم بالإلهام، وكل هذا مع تقديرهم وقت إنجاز المهمة المسنَدة إليهم بأطول مما كان في الحقيقة.
كما وجد الباحثون أن الأشخاص الذين غسلوا الأطباق بوعي وإدراك للحظة (ركَّزوا على شم الصابون، والشعور بدرجة حرارة الماء ولمس الأطباق)، زادوا من شعورهم بالإلهام بنسبة 25% وخفضوا مستويات التوتر لديهم بنسبة 27%.
أما المجموعة التي لم تغسل الأطباق بوعي، فلم تكتسب أي فوائد من هذه المهمة.
وخلص مؤلفو الدراسة إلى أنه «يبدو أن أي نشاط يومي يمارَس بقصد ووعي قد يعزز حالة الذهن».
غسل الأطباق يحسّن المزاج ويقلل التوتر
بدوره قال البروفيسور بنجامين ميتشي يلين، في مقال نُشر بمجلة Psychology Today الأمريكية، إنَّ غسل الأطباق وتوضيبها طقس روتيني يشعر صاحبه بالاتزان.
إذ اكتشف في إحدى إجازته أن افتقاده روتينه الصباحي أثَّر سلبياً فيه.
يوضح ميتشي أنه كان معتاداً كل يوم أن يستيقظ صباحاً فيفرغ غسالة الأطباق من محتوياتها، ويغسل الأطباق المتناثرة في المغسلة، ثم يبدأ نهاره مع مطبخ نظيف ومرتَّب.
عندما ذكر هذا الأمر لصديقٍ، قال إنَّه شعورٌ مفهومٌ كلياً.
كان هذا الصديق بدوره يتحسَّر على ابتعاده عن التأمل منذ أن رُزِق بطفل.
هو أيضاً له روتين صباحي يقتضي الاستيقاظ والجلوس على وسادةٍ قبل أن تبدأ أحداث يومه بالتكشف. لكن لم يَعُد ذاك سهل المنال بعد مجيء طفله.
تعليمات مذهب «زن» تعزز أهمية الوعي بواجبات المنزل
كان ذلك يشبه ما تعلَّمه الصديق في مركز Zen Center الخاص بتعاليم مذهب الـ «زِن».
كانت لديهم واجباتٌ يؤدونها، مثل غسل الأطباق، باعتبارها جزءاً من ممارسة المذهب ذاته. كانت تلك المهام في حد ذاتها فرصاً لممارسة الوعي الآني.
الدراسة التي قارنت بين غاسلي الأطباق بيَّنت أنَّ القيام بممارسةٍ تأملية واعية مقترنةً بأداء مهمةٍ يومية قد يحمل بعض الآثار الإيجابية الشبيهة بتلك التي تجلبها ممارسات التأمل الصارمة.
ومن ثم، فإنَّ شغل النفس بمهامٍ روتينية طريقة سهلة لممارسة الوعي الآني.
بإمكان مثل هذه العادات أن «تحافظ على ارتكازك» بأن تُزيح المشاعر السلبية وتقوِّي تلك الإيجابية منها.
لذا في المرة المقبلة التي تقف/تقفين فيها بالمطبخ لغسل الأطباق، حاول أن تركز في رائحة وملمس الصابون والأطباق.
لعل التركيز فيما يدور في تلك اللحظة يجعلها تمر أسرع وبأقل إرهاق ممكن. وقد ينطبق الأمر على سائر وظائف التنظيف المنزلي. ما عليك إلا التجربة!