زعيم المعارضة التركية يفوز ببلدية اسطنبول

خسر المدن الكبرى.. نتائج الانتخابات البلدية في تركيا توجه رسائل قوية لأردوغان وحزبه

للمرة الأولى مُنذ العام 2002، وعلى الرُغم من التحالفات السياسية التي عقدها حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، مع أحزاب أخرى، وعلى الرغم من تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي، تلقى الرئيس رجب طيب أردوغان ضربة قوية في الانتخابات المحلية التي جرت أمس الأحد، حيث خسر الحزب بلدية العاصمة الاقتصادية اسطنبول، إضافة إلى العاصمة السياسية أنقرة.

 

وفضل الناخبون في اسطنبول الوجوه الجديدة، رغم ما قدمه حزب "العدالة والتنمية" الحاكم من مشاريع كبيرة للمدينة، حيث فاز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو، البالغ من العمر 49 عاما، مرشح حزب «الشعب الجمهوري»، في مواجهة مرشح «العدالة والتنمية» بن علي يلدريم، الذي تنقل في مناصب كثيرة من الوزارات ورئاسة الوزراء، مرورا برئاسة البرلمان، قبيل أن يستقيل منها.

 

وتعد مدينة إسطنبول، التي تضم أكثر من 10 ملايين ناخب من أصل 57 مليوناً، وتمثل ثقلاً سياسياً، كما أن ميزانيتها كبيرة وتبلغ مليارات الدولارات، "الهدف الكبير" للسياسيين، الأمر الذي دفع الرئيس رجب طيب أردوغان للقول إن "من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا"، لكن النتيجة التي حصل عليها "العدالة والتنمية" في انتخابات أمس كشفت عن تفوق لحزب "الشعب الجمهوري" المعارض لم يحصل عليه منذ أكثر من 25 عاما، حيث دأبت الأحزاب الإسلامية على الفوز بالمدينة منذ أن فاز أردوغان في البلدية في 1994 مع حزب "الرفاه" الإسلامي، وخلفه بعد الانقلاب في العام 1998 علي مفيد غزرتونا من حزب "الفضيلة" الإسلامي.

 

ومع انتقال إسطنبول إلى الحزب العلماني الكمالي، يكون أردوغان قد فقد حاضنة كبيرة للإسلاميين، على أن تكون السنوات الخمس المقبلة بيد المعارضة، التي فازت بفارق بسيط جدا، الأمر الذي يقسّم المدينة، ويثير تساؤلات عن سياسة الخدمات الجديدة وتوجهاتها.

 

وفي العاصمة أنقرة، خسر حزب «العدالة والتنمية»، رغم دفعه بأسماء جديدة، في الحفاظ عليها، لتصبح بيد المعارضة، حيث تقدم مرشحها منصور يافاش، عن «الشعب الجمهوري»، على محمد أوزهاسكي، مرشح «العدالة والتنمية»، وبذلك فقد الحزب الحاكم العاصمة السياسية للبلاد، بعد أن فقد العاصمة الاقتصادية في إسطنبول.

 

وفي إزمير، ثالث أكبر مدينة في تركيا، وهي المعقل الرئيسي للمعارضة العلمانية، لم يتمكن «العدالة والتنمية» من تحقيق أي تقدم أو خرق فيها، لكنها تبقى ثالث أهم وأكبر ولاية في تركيا، والفوز فيها مهم، حيث قدم الحزب مرشحه وزير الاقتصاد السابق نهاد زيبجكي، ورغم ذلك فشل في تحقيق التقدم المطلوب.

 

فوز للعدالة والتنمية رغم الخسارة

 

وأظهرت النتائج حفاظ الحزب الحاكم على اكبر عدد من اصوات الناخبين في عموم المدن التركية، لكنه فقد أهم 3 ولايات لها أبعاد سياسية واقتصادية.

أظهرت النتائج غير النهائية  للانتخابات المحلية، فوز تحالف الشعب الذي شكّله حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية، بفارق ملحوظ يتمثل بنسبة 51.74 في المئة من أصوات الناخبين مقابل 37.64 في المئة لتحالف الأمة الذي يضم حزب الشعب الجمهوري وحزب إيي.

وحسب معطيات أحصاها مراسل الأناضول، فإن حزب العدالة والتنمية الحاكم، فاز في الانتخابات المحلية التي جرت الأحد بـ778 بلدية، ليحل في المرتبة الأولى من بين الأحزب السياسية في تركيا.

 

وفاز الحزب الحاكم بـ44.95 في المئة من إجمالي البلديات، في حين فاز حزب الشعب الجمهوري المعارض بـ30.25 في المئة، وحزب إيي المعارض بـ7.39 في المئة، وحزب الحركة القومية بـ6.80 في المئة، وحزب الشعوب الديمقراطي بـ4.01 في المئة، والأحزاب الأخرى بـ6.60 في المئة.

والعدالة والتنمية حصل على 778 بلدية، والشعب الجمهوري على 242 بلدية، والحركة القومية على 236 بلدية، والشعوب الديمقراطي على 63 بلدية، وإيي على 22 بلدية، والأحزاب الأخرى على 42 بلدية.

 

يلدريم يعترف بالهزيمة

 

وقال مرشح حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلدية إسطنبول، بن علي يلدريم: «القرار الأخير لسكان إسطنبول، فهم الذين أدلوا بأصواتهم ونكن كل الاحترام لإرادتهم».

جاء ذلك في تصريح صحفي، اليوم الاثنين، حول انتخابات الإدارة المحلية التي جرت أمس الأحد، أكد خلاله أن المرشح الذي سيستلم وثيقة رئاسة البلدية من اللجنة العليا للانتخابات سيكون رئيسًا لبلدية إسطنبول.

 

وأشار يلدريم إلى أن الناخب في إسطنبول قال كلمته، معربًا عن شكره للجميع ممن أدلوا بأصواتهم أو امتنعوا عن التصويت له.

ولفت إلى أن المرشح المنافس (أكرم إمام أوغلو) حصل على أصوات أكثر منه بنحو 25 ألف صوت (بحسب نتائج أولية)، مستدركًا بالقول: «هناك أصوات ملغاة تبلغ 10 أضعاف الفرق في الأصوات».

وأضاف:«نعرف كيف نقدم التهاني، ولكن الأمور لم تنتهِ بعد».

وشدد على أنه اجتهد طوال حياته من أجل القيام بأمور إيجابية للشعب، متعهدًا بمواصلة خدمة البلد والشعب كما السابق في أي موقع سيكون فيه.

 

رئيس حزب المعارضة

 

وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، إن «الشعب أظهر موقفا مؤيدا للديمقراطية، وهذا يمثل ضوءا هاما للغاية بالنسبة لنا».

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها زعيم حزب الشعب الجمهوري، خلال مؤتمر صحفي عقده من المقر العام لحزبه بالعاصمة أنقرة، للتعليق على نتائج الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد، الأحد.

 

وأضاف كليجدار أوغلو «لقد قمنا بأداء الانتخابات المحلية، وأدلينا بأصواتنا فيها، وبداية أريد أن أقول إن هذه أول مرة نواجه فيها ظلما خلال استحقاق انتخابي على مدار الاستحقاقات التي عشناها حتى اليوم».

وأوضح أن «الجميع بلا استثناء، ليس في تركيا وحدها، بل في العالم أجمع يشعرون بارتياح من المشهد (الديمقراطي) في البلاد، وذلك لأن تطور الديمقراطية عندنا وتأصلها أمر هام للغاية للمنطقة بأسرها، وليس لتركيا وحدها، إذ أن تركيا تعتبر دولة نموذج للبلدان المظلومة بشكل خاص».

 

وتابع «ولهذا السبب فإن هذا النجاح سيستقبله العالم أجمع بترحيب بالغ على اعتبار أن الديمقراطية تتطور في تركيا»، مضيفا «والفائز الحقيقي في هذا الاستحقاق الانتخابي هو تركيا، وجميع مواطنينا في الولايات المختلفة».

 

أردوغان يؤكد انتصاره

 

وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن حزبه «العدالة والتنمية» بغالبية أصوات الاتراك في نتائج الانتخابات البلدية التي أقيمت أمس، جاء ذلك في «خطاب الشرفة» ألقاه أمام حشد من أنصاره في المقر الرئيس لحزب العدالة والتنمية بالعاصمة التركية أنقرة، للتعليق على نتائج الانتخابات المحلية.

وقال أردوغان إن «الشعب التركي جعل حزب العدالة والتنمية اليوم في الصدارة للمرة الـ15 في الانتخابات».

 


وتعهد أردوغان بمراجعة سياسية الحزب «وتحديد أوجه القصور لدينا، والعمل على تلافيها.. إذا كانت لدينا نواقص (في أداء حزب العدالة والتنمية) فإن إصلاحها دين على عاتقنا».

وبرر خسارته قائلاً «السبب الوحيد الذي حال دون حصولنا على النتيجة المرجوة من الانتخابات هو عدم تقديم أنفسنا للشعب بشكل كاف».

وأشار إلى اهتمامات الحكومة خلال السنوات القادمة «وأكّد أنه "لا توجد أمامنا أية استحقاقات انتخابية لمدة 4.5 عام وهي مدة سنركز خلالها على العمل على الصعيدين المحلي والدولي، وسنعمل على رفع دولتنا بإذن الله لمستوى الحضارات المعاصرة».

 

باب الطعون مفتوح

 

وأعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا سعدي غوفن، نتائج الانتخابات المحلية غير النهائية لبلدية إسطنبول بعد فرز 31 ألفًا و102 صندوقًا إنتخابيًا.

وأوضح غوفن، في مؤتمر صحفي، اليوم الاثنين، من أمام مقر اللجنة بالعاصمة أنقرة، أن مرشح حزب الشعب الجمهوري لبلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، حصل على 4 ملايين و159 ألفًا و650 صوتًا مقابل حصول مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم على 4 ملايين و131 ألفًا و761 صوتًا.

 

وأشار غوفن إلى أن مرحلة الاعتراض على النتائج بدأت، ومتواصلة، مبينًا أنه يمكن الاعتراض لدى لجان الانتخابات في الأقضية حتى الساعة 15:00 من يوم الثلاثاء المقبل.

وذكر غوفن أنه يمكن الاعتراض لدى لجان الانتخابات في الولايات ضد نتائج لجنة انتخابات الأقضية، لافتًا إلى أن مهلة الاعتراض (على مستوى الاقضية) يوم واحد.

 

وأكد أن فترة الاعتراض لدى اللجنة العليا للانتخابات (على مستوى الولايات) تبلغ 3 أيام، مضيفًا:" ندعو الله أن تكون نتائج الانتخابات خيرًا على بلدنا وشعبنا".

ولفت إلى أنه تم حتى الآن فرز 31 ألفًا و102 صندوقًا انتخابيًا في إسطنبول، ولا يزال 84 صندوقًا لم تفرز بسبب الاعتراض.

 

الجدير بالذكر أن الانتخابات المحلية في تركيا، هي الأولى بعد التعديلات الدستورية التي تغير بموجبها نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي، كما أنها الأولى منذ انقلاب 2016 الذي أفضى إلى تعزيز سلطة الحزب الحاكم وزيادة شعبية أردوغان باعتباره يقود الديمقراطية في مواجهة الانقلابات التي عانت منها تركيا توال خمسين سنة.